قرر النائب العام المصري حبس الطالب الجامعي إسلام فتحي لمدة أربعة أيام احتياطياً على ذمة التحقيقات، في اتهامه بقتل زميلته الطالبة في كلية الإعلام بأكاديمية الشروق الخاصة، سلمى الشوادفي، عمداً مع سبق الإصرار والترصد، إثر مباغتتها بـ17 طعنة قاتلة أمام مدخل عقار سكني في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، أول من أمس الثلاثاء.
وأفاد بيان رسمي صادر عن النيابة العامة، بأن التحقيقات كشفت عن ارتكاب المتهم الجريمة بعد ملاحقته المجني عليها لفترة هددها فيها وذويها بالإساءة لسمعتها وقتلها، على خلفية رفضهم خطبته لها لـ"سوء سلوكه وتعاطيه المواد المخدرة وشذوذ أفكاره ومعتقداته".
وأشار البيان إلى استماع النيابة لأحد عشر شاهداً، منهم خمسة رأوا المتهم حال ارتكابه الجريمة، هم حارسة العقار وابنها، وأحد المقيمين فيه، وصاحب حانوت بقالة مجاور للعقار، وصبي يعمل لديه، وتواترت أقوالهم حول رؤيتهم المتهم وهو يطعن المجني عليها بمدخل العقار بعدما سمعوا صوت صراخها.
وشهد صاحب الحانوت والعامل لديه بأن المتهم كان يجول بمحيط العقار محل الواقعة قبل ارتكاب الجريمة بساعة، وسأل عن مكان مكتب جريدة كائنة في العقار، والتي كانت تتلقى المجني عليها تدريباً فيها.
بينما شهدت صديقة للمجني عليها تعمل بالجريدة نفسها أن الأخيرة انقطعت عن التدريب منذ سبعة أشهر لاستكمال دراستها، فاتصلت بها قبل يوم الواقعة للاطمئنان عليها، حيث علمت بمرورها بضائقة نفسية، فألحت على لقائها بمقر الجريدة في اليوم التالي، وفي الليلة ذاتها تواصل المتهم مع الشاهدة لسابق حصوله على رقم هاتفها، وسألها عن المجني عليها لعدم تمكنه من الوصول إليها، فأخبرته بحضورها في اليوم التالي للقائها بمقر الجريدة.
وشهد مالك الجريدة بتلقيه رسالة من المتهم قبل يوم الواقعة طلب فيها الحضور إلى مقرها رغبةً في تلقيه تدريباً بها، فرحب بحضوره، وفي يوم الواقعة علم من صديقة المجني عليها بارتكابه جريمة القتل بعدما سمع أصواتاً في العقار.
وشهد عامل في معرض للأدوات المنزلية بجوار العقار حضور المتهم إليه يومها، وشراءه منه سكيناً، وتعرف إليها بعدما أطلعته النيابة العامة على صوره التي التقطها المتهم بهاتفه.
كما استمعت النيابة إلى شهادة والدي المجني عليها وخالها، والذين أكدوا أن المتهم وابنتهم كانا زميلين بذات الجامعة، وسبق أن تقدم لخطبتها فرُفض وقتها إلى حين استكمال الدراسة، ثم لاحظت الضحية سوء سلوكه وتعاطيه المواد المخدرة، فقطعت تواصلها معه، ما دفعه إلى التعرض إليها وتهديدها بالإيذاء والقتل وتتبعها في كل مكان.
وتابع بيان النيابة أنه في يوم التاسع والعشرين من يونيو/ حزيران الماضي، وهو موعد الاختبار الأخير للمجني عليها في الجامعة، خشيت من تعرض المتهم لها وطلبت من والدها مرافقتها، ويومئذ فوجئ والدها بالمتهم ووالديه أمام الجامعة طالبين خطبتها فرفض والدها وغادرا، ثم تلقى الأب تهديدات من المتهم بالنيل من سمعة ابنته إذا استمر رفضه، ولما حظر تواصله معه أرسل المتهم تهديدات إلى شقيق المجني عليها وخالها.
من جهته، قال خال المجني عليها في شهادته إن رفض ذوي الضحية خطبة المتهم كان لـ"ميله إلى الإلحاد وشذوذ أفكاره"، وتأكدت النيابة من عدم سابقة إبلاغ ذوي المجني عليها عن أي من التهديدات التي تلقوها من المتهم بصورة رسمية.
وباستجواب النيابة للمتهم، أقر بارتكابه جريمة قتل زميلته في الجامعة عمداً مع سبق الإصرار والترصد، بسبب رفض ذويها خطبتها إليه، موضحاً أن تواصلهما استمر، ثم اختلفا لمحاولاته منعها من العمل أو لقاء صديقاتها بدعوى حرصه عليها، وانقطعت عن تواصلها معه بعدما اتهمته بـ"الكفر والإلحاد لما رسمه على جسده من وشوم، والتي كان القصد منها لفت الانتباه إليه".
وزاد المتهم أنه هدد المجني عليها بعد انقطاعها عنه بالإساءة إلى سمعتها وقتلها، وفي يوم الاختبار الأخير لها عزم على قتلها داخل الجامعة بمطواة (سلاح أبيض) كانت معه، ولما فشل استدعى والديه للحضور ليطلبا من والدها خطبتها بعدما علم بتواجده بالجامعة.
وأكمل قائلاً إن "والد المجني عليها رفض خطبتهما آنذاك حتى يزيل ما على جسده من وشوم، ويستكمل دراسته"، مشيراً إلى تعاطيه الحشيش المخدر والخمور منذ عدة أشهر.
ومنذ ذلك الوقت، انقطع تواصله بالمجني عليها، وحاول الاتصال بخالها وشقيقها لحظر الآخرين اتصالاتهم به، حتى وصل إلى صديقتها التي تعمل بالجريدة، وعلم منها بلقائهما بمقرها يوم الواقعة، فعزم على ارتكاب جريمته في هذا التوقيت بأن اشترى سكيناً، وقبع متربصاً للمجني عليها في العقار، حتى دلفت إلى مدخله فباغتها بعدة طعنات، وأغلق باب العقار عليه بعدما دفع الأهالي عنه مهدداً إياهم بالإيذاء.
وصور القاتل المجني عليها وهي صريعة، واتصل بوالدته ليخبرها بارتكابه الجريمة.
وتحفظت النيابة على عدة أدلة رقمية على هاتف المتهم تؤكد تخطيطه لارتكابه الجريمة وتنفيذها، وواجهت بها المتهم وأقر بصحتها، ومنها التهديدات الخاصة بأقوال ذوي المجني عليها، والمقاطع المرئية المتداولة عبر مواقع التواصل.
كما تحفظت على هاتف صديقة المجني عليها وصاحب الجريدة التي كانت تتدرب فيها لفحصهما، وأودعت مصلحة الطب الشرعي تقريرها بنتيجة توقيع الصفة التشريحية على جثمان المجني عليها، والذي انتهى إلى جواز حدوث الوفاة من مثل الوقائع التي انتهت إليها تحقيقات النيابة.
وحذرت النيابة المصرية، في بيانها، من "التهافت واللهاث الإعلامي غير المبرر خوضاً في تفصيلات الواقعة وتحليلها، وتحليل شخصية المجني عليها والمتهم، وبواعث ارتكابه الجريمة من دون سند لديهم أو حق لهم يبيح ذلك".
وادعت النيابة أن "البعض يسعى إلى تصدير هذه الصورة عن المجتمع المصري بخسة، مستغلاً هذه الوقائع واهتمام المجتمع بمتابعة تفاصيلها وكأنها معبرة عن حال المجتمع بأسره".
كذلك حذرت النيابة من "حظر تداول أي مواد متعلقة بالجرائم الجنائية بمواقع التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام والصحافة، إلا ما تفصح عنه في بياناتها الرسمية حفاظًا على سلامة الأدلة، وحسن سير التحقيقات، وصوناً لحقوق المجني عليهم والمتهمين، وليس بدافع منها للاستئثار بالمعلومة أو الافتئات على حق المعرفة العامة، أو تحقيق سبق في هذا المجال الذي تنأى النيابة أن تكون منافسة فيه".
وكانت شركة المتحدة للخدمات الإعلامية، المظلة الاستثمارية التابعة مباشرة للمخابرات المصرية، أصدرت تعليمات للقائمين على إدارة وتحرير القنوات الفضائية والصحف والمواقع الإلكترونية المملوكة لها، مساء الأربعاء، بـ"منع نشر أي أخبار أو تقارير أو متابعات صحافية عن جريمة قتل طالبة الإعلام بالقرب من محكمة الزقازيق في محافظة الشرقية".
وبحسب ما أفادت مصادر صحافية مطلعة لـ"العربي الجديد"، فإن التعليمات شددت على ضرورة التزام جميع القنوات والصحف والمواقع نشر البيانات الرسمية الصادرة فقط بشأن الجريمة عن مكتب النائب العام المستشار حمادة الصاوي، بما في ذلك البوابات الإخبارية للمؤسسات الصحافية المملوكة للدولة، تحت ذريعة "عدم إثارة البلبلة لدى الرأي العام، ونشر الذعر والخوف بين المواطنين".
وعزت المصادر هذه التعليمات إلى أن "جريمة قتل طالبة الشرقية منسوخة بكل تفاصيلها من واقعة قتل الطالبة في جامعة المنصورة نيرة أشرف، على يد زميلها محمد عادل، الصادر في حقه حكم أولي بالإعدام، وهو ما يهدد السلم الاجتماعي والأمن العام، ويروج لغياب دور الشرطة في حماية المواطنين من الاعتداء والقتل في الأماكن العامة".