تغيّر المناخ يهدّد تعليم ملايين الأطفال في آسيا.. تلوّث وفيضانات وإغلاق للمدارس

11 مايو 2024
أغلب مدارس آسيا غير مجهزة للتعامل مع العواقب المتزايدة لتغير المناخ، مايو 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- موجة الحر الشديدة في آسيا أدت إلى إغلاق المدارس، مما يزيد المخاوف حول تأثير تغير المناخ على التعليم.
- الأمطار الموسمية خففت الوضع قليلاً، لكن الخبراء يحذرون من تفاقم المشكلات مستقبلاً، مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على العملية التعليمية.
- البنية التحتية للمدارس غير مجهزة بشكل كافٍ لمواجهة تحديات تغير المناخ، مما يجعل الأطفال أكثر عرضة للمخاطر ويؤكد على الحاجة لتحديثها وتوفير بيئة تعليمية آمنة.

سبّبت موجة الحر التي ضربت آسيا خلال الشهر الماضي زيادة المخاوف من مخاطر تغيّر المناخ على تعليم ملايين الأطفال، حيث أجبرت درجات الحرارة المرتفعة في عدة مناطق، المدارس على إغلاق أبوابها. وفيما ساهم تساقط الأمطار الموسمية في التخفيف من حدة المشكلة في مناطق معينة، يخشى الخبراء من أنّ هذا النوع من المشكلات سيتفاقم مع عواقب وخيمة في نهاية المطاف على التعليم.

تغيّر المناخ يُجبر المدارس على إغلاق أبوابها

وتشهد درجات الحرارة في آسيا ارتفاعاً بسرعة أكبر من المتوسط العالمي، مع موجات حارّة أطول زمنياً وأكثر تواتراً وشدة. لكنّ ارتفاع درجات الحرارة ليس التحدي الوحيد، فمع الجو الأكثر دفئاً، تزداد الرطوبة، ما قد يؤدي إلى تساقط أمطار غزيرة وفيضانات يمكن أن تلحق الضرر بالمدارس أو تغلقها لاستخدامها كملاجئ إلى ذلك. ويمكن أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى حرائق غابات وارتفاع في مستويات التلوث، ما يجبر المدارس أيضاً على إغلاق أبوابها، كما حدث بالفعل في الهند أو أستراليا.

الصورة
تغير المناخ يهدد تعليم ملايين الأطفال، إندونيسيا، 7 مايو 2024(شايدر محي الدين، فرانس برس)
تشهد درجات الحرارة في آسيا ارتفاعاً بسرعة أكبر من المتوسط العالمي، إندونيسيا، 7 مايو 2024 (شايدر محيي الدين، فرانس برس)

موهوا أكتر نور (13 عاماً)، تشكل دليلاً حيّاً على تحذير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) العام الماضي من أنّ "أزمة المناخ أصبحت بالفعل حقيقة واقعة بالنسبة إلى الأطفال في شرق آسيا والمحيط الهادئ"، فمنذ أن أُغلقت مدرستها، وهي تختنق في الغرفة الوحيدة في منزلها في دكا، عاصمة بنغلادش، ومع تكرار انقطاع التيار الكهربائي، لا تستطيع الفتاة الاعتماد على مروحة لتبريد منزلها الضيق، قائلة لوكالة فرانس برس الشهر الماضي: "الحرارة لا تطاق، ومدرستنا مغلقة ولا أستطيع الدراسة في المنزل".

وكان إبريل/ نيسان الشهر الحادي عشر على التوالي الذي يشهد درجات حرارة قياسية في درجات الحرارة على مستوى العالم. وفي بنغلادش، تبدو هذه الظاهرة واضحة، كما يشير المدير الوطني لمنظمة سايف ذي تشيلدرن غير الحكومية، شومون سينغوبتا، قائلاً: "ليست درجات الحرارة أعلى فحسب، لكنّها تدوم لفترة أطول بكثير"، مؤكداً أنه "في السابق، كانت مناطق قليلة تتأثر بهذه الموجات الحارة، أما اليوم، فإنّ هذا يمثل جزءاً أكبر من البلاد".

وفي آسيا، فإن أغلب المدارس غير مجهزة للتعامل مع العواقب المتزايدة لتغير المناخ. ويقول سينغوبتا إنّ المدارس في المناطق الحضرية في بنغلادش غالباً ما تكون مكتظة وسيئة التهوية. وفي المناطق الريفية، يمكن للأسقف الحديدية المموجة أن تحوّل قاعات التدريس إلى فرن حقيقي، وأحياناً تنفد الكهرباء اللازمة لتشغيل المراوح، مضيفاً أنّ ترك الأطفال في بعض الأحيان من دون إشراف والديهم الذين لا يستطيعون تحمّل تكاليف الإقامة معهم، يجعلهم أكثر عرضة لأن يصبحوا ضحايا للإتجار أو لأن يُجبروا على العمل أو الزواج. كذلك يهدد تغير المناخ التعليم بشكل غير مباشر.

وفي بنغلادش وأماكن أخرى، غالباً ما يمشي الطلاب مسافات طويلة من المدرسة وإليها، ما يعرّضهم لخطر الإصابة بضربة شمس. وتقول اختصاصية الصحة في منظمة يونيسف لبلدان شرق آسيا والمحيط الهادئ، سلوى الإرياني، إن إغلاق المدارس يمكن أن تكون له تداعيات خطيرة "خصوصاً على الأطفال في المجتمعات الفقيرة والضعيفة الذين لا يستطيعون الوصول إلى الموارد، مثل أجهزة الكمبيوتر والإنترنت والكتب"، أو إلى منزل محميّ بشكل كافٍ من الحرارة. 

الصورة
تغير المناخ يهدد تعليم ملايين الأطفال، الهند، 20 إبريل 2024 (Getty)
يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى ارتفاع في مستويات التلوث، الهند، 20 إبريل 2024 (Getty)

وأظهرت أبحاث أجرتها منظمة يونيسف في ميانمار أنّ نقص المحاصيل الناجم عن ارتفاع درجات الحرارة وعدم القدرة على التنبؤ بتساقط الأمطار يدفع الأسر إلى إخراج أطفالها من المدارس لكي يساعدوا الأهل، أو بسبب عدم توافر الوسائل اللازمة لدفع تكاليف التعليم. واتّخذت بعض الدول الغنية في المنطقة خطوات لضمان عدم تأثر التعليم بتغير المناخ.

وفي اليابان، كان أقلّ من نصف المدارس العامة مكيفة الهواء في عام 2018، لكن هذا الرقم ارتفع إلى أكثر من 95% بحلول عام 2022. ويؤكد سينغوبتا أن البلدان النامية بحاجة إلى المساعدة للاستثمار في تحديث البنية التحتية. ولكن الحل الحقيقي الوحيد للأزمة يتلخص في معالجة السبب الجذري لها.

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون