تعرّفوا إلى "متلازمة دوار الزلازل"

22 سبتمبر 2023
متلازمة دوار الزلزال شعور نفسي- عضوي (فرانس برس)
+ الخط -

رغم تركيز الخبراء على التداعيات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية للزلزال الذي ضرب المغرب في 8 سبتمبر/ أيلول، هناك حالات تظهر عوارض تتعلق بالصحة النفسية والعضوية معاً، أو أمراض تبدو عضوية لكنها ذات تأثير نفسي، أحدها "متلازمة دوار الزلازل". 
يعرّف أخصائي الصحة العامة، محمد العنان، متلازمة دوار الزلازل بأنها شعور يُصيب الأفراد بعد حدوث هزة أرضية، ويستمر أياماً في العادة قبل أن تختفي العوارض لدى غالبية من يصابون به، باستثناء قسم منهم تستمر معاناتهم فترة زمنية أطول.
يقول العنان لـ"العربي الجديد": "في العادة يعاني الأشخاص بعد حصول زلزال من تأثيرات نفسية عدة، منها اضطراب ما بعد الصدمة، أو الاكتئاب، أو حالات حزن شديد، وحتى وساوس من احتمال تكرار الزلزال. لكن متلازمة دوار الزلازل تختلف عن هذه الاضطرابات باعتبارها تدمج بين الأمراض النفسية والجسدية، لأن الشخص يشعر بدوار قد يتطور إلى إمكان حصول تقيؤ، أو الشعور بتعب جسدي نتيجة الصدمة التي تلقاها عند حدوث الزلزال".
يضيف: "رغم أن الشعور بدوار حالة جسدية ترتبط بالأعضاء، وتصنّف بالتالي كمرض عضوي، لكنه حين يُصيب الناس بعد حدوث زلزال فهو حالة نفسية عضوية، علماً أنه يُصيب عادة الأشخاص الذي يعانون أصلاً من دوار، كما أن غالبية الدراسات تشير إلى أن النساء أكثر عرضة للإصابة به من الرجال".
ويصنّف العنان الإصابات التي تلحق بالأفراد بعد الزلزال إلى نوعين "فبعضها آني، وأخرى تصيب الأفراد بعد فترة من حصول الزلزال، وتشمل الإصابات الآنية أمراضاً نفسية، مثل الشعور بالصدمة التي ينتج عنها في بعض الأحيان عدم القدرة على الكلام، أو نوبات بكاء، كما تشمل أمراضاً جسدية مثل الكدمات وارتفاع ضغط الدم وغيرها. أما الإصابات التي تحدث بعد فترة من وقوع الزلازل، فهي مزيج من الأمراض النفسية والعضوية، وبينها متلازمة دوار الزلازل، حيث يشعر الأشخاص لفترة بأن المباني والأماكن غير ثابتة، ما يتطلب زيارة الطبيب للتأكد من غياب المشاكل العضوية، وإعطاء علاجات مناسبة. في حال استمرت الحالة بعد مرور 6 أسابيع على وقوع الزلزال، يجب إجراء كشف طبي يشمل الناحيتين العضوية والنفسية، والبدء في جلسات علاج".
وتتراوح العوارض، بحسب العنان، بين الشعور المؤقت أو الدائم بالدوار، والذي يترافق مع حالات من التقيؤ، حتى إن بعض الأشخاص يمكن أن يشعروا بالدوار في السرير، وفي حالات أخرى، يمكن أن يشعروا بأوجاع في الرأس، أو صداع مستمر، وقد تتطور الحالة لتصبح شعوراً ملازماً للأفراد، ما يجعلهم غير قادرين على ممارسة أعمالهم اليومية الروتينية.

الصورة
النساء أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة دوار الزلازل (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
النساء أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة دوار الزلازل (فتحي بلعيد/فرانس برس)

ويورد موقع "فرونتييرز" العلمي، استناداً إلى مراجعة سجلات مرضى في اليابان بعد الزلازل، زيادة ملحوظة في أعداد الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات في التوازن الذين زاروا عيادات الأنف والأذن والحنجرة أو المستشفيات في محافظة كوماموتو، والذين تراوحت أعمارهم ما بين 10 سنوات إلى 100 سنة. 
ويعود تاريخ الكشف عن "متلازمة دوار الزلازل" إلى عام 2011، بعد أن درس الباحثان اليابانيان ياسويوكي نومورا وتيرو توي تأثيرات الزلزال المدمر الذي ضرب بلدهما في العام نفسه. وتذكر صحيفة "جابان تايمز" أن نومورا، الأستاذ المتخصص في طب الأنف والأذن والحنجرة في كلية الطب بجامعة نيهون بطوكيو، كان أول من تطرق إلى هذه المتلازمة.
ووجدت الدراسة أن نحو 90 في المائة من البالغين، و70 في المائة من الأطفال عانوا من نوبات دوار مفاجئة حدثت غالبيتها عندما كانوا جالسين أو في حالة الراحة، كما وجدت أنّ احتمالات حدوث الدوخة تقل إذا كان الشخص في الخارج، على عكس وجوده في مكان مغلق. وقال نومورا إن "ممارسة الرياضة في الهواء الطلق تساعد في تخفيف القلق المرتبط بالذاكرة".

وضرب زلزال بقوة 9 درجات على مقياس ريختر اليابان في مارس/ آذار 2011، وأحدث موجات مدّ عاتية "تسونامي"، وتسبب بتداعيات عدة، إذ أعلن عدد كبير من الناس أنهم يشعرون بالدوار رغم مرور وقت على حدوث الزلزال، ثم وجد الباحثان أن ما يشعر به الناس يعود إلى فقدان التوازن الذي أصاب الجهاز الدهليزي الموجود داخل الأذن، وهو المسؤول عن توازن جسم الإنسان، بحسب المكتبة الوطنية الأميركية للطب. 
ويعتبر النظام الدهليزي أساس الحفاظ على التوازن والتوجه المكاني، ويمكن للهزات القوية المرتبطة بالزلازل أن تتسبب في اضطراب الأعضاء الحسية الموجودة داخله، ما يؤدي إلى اضطراب، أو إحساس دائم بعدم الاستقرار.

المساهمون