تعذر التعويض السريع عن الخسائر

09 سبتمبر 2024
تلاميذ من غزة خسروا مدارسهم (بشار طالب/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تدمير البنية التحتية التعليمية في غزة:** الاحتلال الإسرائيلي دمر المدارس والجامعات، مما أدى إلى تعليق الدراسة وتحويل المؤسسات التعليمية إلى ملاجئ للاجئين، واستهدافها لاحقاً، مما أسفر عن مقتل آلاف الطلاب والمعلمين.

- **تأثير الحرب على التعليم:** 90% من المدارس والجامعات غير صالحة للتعليم، وخسر 630 ألف تلميذ و88 ألف طالب جامعي عامهم الدراسي، مع تعذر استخدام البدائل الإلكترونية بسبب نقص الموارد.

- **التحديات النفسية والتعليمية:** الطلاب يعانون من صدمات نفسية، وهناك حاجة لدورات مكثفة لتعويض الفاقد التعليمي، مع ضرورة دعم المؤسسات العربية والدولية لتسريع تجاوز المحنة.

يدفع الحديث عن قطاع غزة ومصير الدراسة فيه راهناً ومستقبلاً إلى الحديث عن البنية التحتية اللازمة للعملية التربوية، من مبانٍ ومختبرات ومكتبات وكتب وأجهزة كومبيوتر وطاولات وكراسي، وكل هذه أبيدت عن سابق تصميم.
والواقع أن الاحتلال الإسرائيلي لا يترك مناسبة لجعل الجهل قدراً على الشعب الفلسطيني، وما إن بدأت الحرب حتى جرى تعليق الدراسة في المدارس والجامعات خوفاً على حياة الطلاب، ثم ما لبثت أبنية هذه المؤسسات أن أصبحت ملاذاً  لللاجئين الذين جرى تهديدهم للخروج من بيوتهم والتوجه إلى أماكن آمنة. ما دفعهم إلى قصد المدارس، خصوصاً تلك التي تحمل علم وكالة "أونروا" باعتبارها تتمتع بحصانة الأمم المتحدة.
لكن كما أجمع على ذلك الممثلون الأمميون، ثبت أنه لا مكان آمناً في القطاع، وفي مقدمها المدارس والمستشفيات، فغرف التدريس والقاعات التي تحولت إلى مأوى للعائلات، وكذلك الملاعب التي غصت بالمواطنين، سرعان ما جرى على نحو مقصود استهدافها، ما أودى بحياة نحو 10 آلاف من التلاميذ، و350 من المعلمين والمعلمات، بينما تعرضت 110 مدارس وجامعات للتدمير بشكل كلي، ونحو 321 مدرسة وجامعة بشكل جزئي، وفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
وارتفع عدد مدارس "أونروا" المخصصة مراكزَ إيواء التي استهدفها الاحتلال بالقصف، إلى نحو 150 مدرسة، من أصل 228 مدرسة تابعة للوكالة في قطاع غزة. وتقدر نسبة المدارس والجامعات التي باتت غير صالحة للتعليم بنحو 90%.
ووسط القتال المتنقل بين شمالي القطاع ووسطه وجنوبه، ومعه الأهالي في تغريبتهم، خسر 630 ألف تلميذ عامهم الدراسي، يضاف إليهم 88 ألف طالب جامعي. وحتى اللحظة تتواصل عمليات القتل من خلال القصف الذي لا يفلت منه أي تجمع بشري.
لقد كان واضحاً للأهل أن عليهم القيام بمحاولات لإنقاذ العام الدراسي لأبنائهم، وتأمين خضوعهم للامتحانات، لذلك بادر ذوو نحو 1500 طالب إلى إرسال أبنائهم إلى الضفة الغربية ودول مجاورة لخوض الامتحان، لكن هذا يطرح مشكلة أخرى تتمثل بتعذر نجاحهم على الأغلب بالنظر إلى أنهم طوال العام الدراسي لم يدخلوا إلى غرفة تدريس، وخسروا ما سبق أن تعلموه نتيجة الأهوال التي عانوها، كما أن المئات من المعلمين خسروا حياتهم، ويتعذر تأمين بدائل لهم في حال استقرار الوضع لشرح المواد التعليمية المقررة. 

وقد تعذر على طلاب القطاع اعتماد البدائل الإلكترونية كما حدث خلال وباء كورونا بسبب فقدان كل العناصر اللازمة للمتابعة من مناهج وطاقة كهربائية ونظام اتصالات ومتابعة تربوية وإدارية وأمن شخصي وعام. علماً أن هناك ضرورة ملحة لإجراء دورات مكثفة وسريعة لتعويض بعض ما فات. ولم نتحدث بعد عن الجانب النفسي، وما تعرض له الشبان والشابات من جراح تحتاج إلى جهد شاق لعلاجها. وهذا بطبيعة الحال مرهون بالظروف المواتية، وهو أمر مشكوك فيه على ضوء ما يعلنه قادة الكيان الصهيوني من مواقف تعلن التوجه نحو ارتكاب المزيد من الجرائم. ومع أن هناك نواة محلية متخصصة في العلاجات النفسية لكن مساعدات في الموارد البشرية يمكن أن تتأمن من المؤسسات العربية والدولية المختصة لتسريع تجاوز المحنة.
(باحث وأكاديمي)

المساهمون