يتفق كثيرون على أنه مع تنفيذ حملات التلقيح ضد وباء كورونا، والتي باتت تغطي فعلياً أكثر من 3 مليارات شخص في العالم، ورفع القيود، فإن الوقت حان لمغادرة المنزل وممارسة الحياة الطبيعية السابقة، لكن ما يشير له تقرير نشره موقع "جابان توداي" أن عقول الناس قد لا تكون متحمسة جداً لفعل ذلك، رغم أن دراسات تفيد بأن هذه الحماسة هي رد فعل طبيعي على "الوحدة الخطرة" التي شعروا بها خلال ابتعادهم فترة 15 شهراً عن بعضهم البعض أثناء الوباء، وتقليصهم الاختلاط الاجتماعي إلى الحدّ الأدنى. يرى باحثون أن أشخاصاً كثيرين حتى ممن أخذوا لقاحات قد يتملكهم الخوف من إجراء محادثة قصيرة في مكان مزدحم أو مغلق، وسيشعرون بعدم الراحة عموماً من العودة إلى التفاعل الشخصي، بغض النظر عن وضع التلقيح ونجاحاته وتأثيراته الإيجابية على مجتمعات محددة.
ويوضح هؤلاء أن "الدماغ قابل للتكيف في شكل ملحوظ، خصوصاً أن التوازن الصحيح للروابط الاجتماعية يجب أن يتحقق في نهاية المطاف، وهو ما يعني ضرورة الحفاظ على الشبكات الاجتماعية باعتباره أمراً بالغ الأهمية للبقاء". ويشيرون إلى أن "العقول البشرية طوّرت عبر الأزمنة دوائر متخصصة لقياس العلاقات البشرية وإجراء التعديلات الصحيحة عليها. وبين هذه الدوائر منظم الحرارة الاجتماعي، من أجل أن يشمل الاستتباب الاجتماعي العديد من مناطق الدماغ" الذي يعمل في حالات الحدّ من التفاعل الاجتماعي بنمط نشاط دماغي يشبه الحرمان من الطعام، تتمثل أحد ظواهره البارزة في زيادة القلق والتوتر من خلال ارتفاع نسبة الكورتيزول، هرمون التوتر الأساسي.
وفيما يعتبر مركز التعلم والذاكرة في الدماغ منطقة أخرى مهمة للتوازن الاجتماعي، أظهرت دراسات أن العزلة الموقتة تضعف، حتى في مرحلة البلوغ، الذاكرة الاجتماعية مثل التعرف على وجه مألوف، والذاكرة العاملة مثل تذكر وصفة أثناء الطهي.
لكن الذاكرة الاجتماعية والوظيفة المعرفية قابلة للتكيف بدرجة كبيرة. وبقدر قدرة الدماغ على التكيف مع العزلة، قد يكون الشيء نفسه صحيحاً مع العودة إلى الحياة الطبيعية. وقد وجدت دراسة اسكتلندية أجريت خلال جائحة كورونا أن سكاناً عانوا من بعض التدهور المعرفي خلال أسابيع الإغلاق الأكثر قسوة، تعافوا سريعاً بمجرد تخفيف القيود، علماً أن الناس لم يعيشوا في عزلة تامة العام الماضي. وشارك العديد في ليالي ألعاب افتراضية وحفلات أعياد ميلاد عبر تطبيق "زوم".
من هنا، هناك أمل للأشخاص الذين يخرجون من "حالة التباعد غير الاجتماعي" الذي يجب أن يعيد ضبط توازنك الاجتماعي في وقت قريب جداً.