تضامن عاطفي عارم مع أهل غزة في المغرب

01 فبراير 2024
أعادت الحرب على غزة توحيد المغاربة (فرانس برس)
+ الخط -

تؤثر المشاهد المروعة التي تنقل عن العدوان الصهيوني على غزة في حياة أهالي المغرب ويومياتهم، والذين يتابعون بغضب وحزن وألم، وإيمان بالنصر.

مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، وتدهور المأساة الإنسانية في القطاع الذي تحوّل إلى "جحيم على الأرض"، يتابع المغاربة مشاهد الدمار والموت، ويتألمون من هول وبشاعة ما يرتكبه جيش الاحتلال.
تقول الكاتبة الوطنية لمنظمة "النساء الاتحاديات"، حنان رحاب، لـ"العربي الجديد": "خرجنا بالكاد من فاجعة زلزال الحوز في المغرب، وتعافينا نسبياً من آثار المأساة التي ساهم تضامن المغاربة في التخفيف من تداعياتها، فعاجلتنا مشاهد التدمير والقتل في قطاع غزة، والتي لم نعد نستطيع تحمّلها. أتابع ما يحصل من خلال الإعلام الرقمي، وأتجنب القنوات الإخبارية، حتى في حياتنا اليومية، كلما مررنا أمام مستشفى نتذكر قصف مستشفيات غزة، وإخراج المرضى منها. نستيقظ كل يوم على أمل توقف تلك الحرب الدامية التي يدفع الأبرياء من الأطفال والشيوخ والنساء ثمناً غالياً لها، ولا مبرر لكل هذا القتل والتجويع والتشريد إلا إصرار إسرائيل على إبادة فلسطينيي غزة".
تتابع رحاب: "أنا من أشد المدافعين عن القضية الفلسطينية، لكني بت لا أرى جدوى من حملات التضامن التي تعم العالم من دون أن تغيّر شيئاً في الواقع الفلسطيني. أجد نفس الأشخاص والشعارات في كل الوقفات والمسيرات، لكن شيئاً لم يتغيّر على الأرض في واقع الفلسطيني الذي يبحث عن حقه في الأرض والعودة".
ويقول الناشط الحقوقي عزيز العقاوي لـ"العربي الجديد": "ما يحصل في الأراضي الفلسطينية المحتلة عموماً وفي قطاع غزة خصوصاً هو حرب إبادة جماعية، وجرائم ضد الإنسانية، وانتهاك سافر لكل العهود والاتفاقات الدولية. أشعر بغضب شديد مما تقترفه العصابات الصهيونية من مجازر ضد الأطفال والنساء، ومن حرمان القطاع من الماء والأكل والسكن والكهرباء، ومنع دخول المساعدات الغذائية، كما نشعر بغضب من الأنظمة الإمبريالية التي تدعم الكيان الصهيوني، ومن بعض الأنظمة العربية التي يجب أن تحاسب على التواطؤ مع الكيان الصهيوني المجرم بينما يبدي شعوب العالم الأحرار تضامنهم مع القضية الفلسطينية في مختلف العواصم والمدن. أؤمن بأن زوال الاحتلال الصهيوني مسألة وقت، وأن النصر سيكون حليف الفلسطينيين".

قرر المغربي أنس لحبابي (29 سنة) إلغاء حفل زفافه الذي كان مقرراً في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بسبب الأوضاع المأساوية في قطاع غزة. يقول لـ"العربي الجديد": "قلبت الحرب حياتي رأساً على عقب. من يملك ذرة بسيطة من الإنسانية لا يستطيع أن يعيش حياته بشكل طبيعي، ولا يستطيع أن يفرح ويقيم احتفالات في ظل مشاهد القتل والدماء والأشلاء وبكاء الأطفال ونحيب النساء، لذا قررت إلغاء حفل الزفاف رغم أن الاستعدادات كانت قد أشرفت على الانتهاء، لكني أرجأت الحفل إلى الصيف المقبل".
يضيف: "أحرص على تجنب قراءة أو مشاهدة الأخبار حول استشهاد الفلسطينيين، فلم أعد أملك القدرة على رؤية المزيد من الدم، وأشعر أنني أعيش أقسى لحظات حياتي، وما يخفف عني قليلاً هو بيانات المقاومة حول عملياتها، وتزايد عدد القتلى في صفوف جيش الاحتلال".

فلسطين دائماً في قلب المغاربة (فرانس برس)
فلسطين دائماً في قلب المغاربة (فرانس برس)

ويبدي الموظف الحكومي محمد الحمراوي (40 سنة) تفاؤله بانتصار المقاومين على الصهاينة في ظل تقديمهم دروساً عظيمة في البطولة، وقهرهم أقوى جيش في المنطقة. ويقول لـ"العربي الجديد": "تحزنني مشاهد غزة وتخنق روحي، ومع تكرار أخبار استشهاد الأطفال والنساء والشيوخ، لم أعد أرغب في ممارسة حياتي بشكل طبيعي، وأشعر أن في ذلك خيانة للغزيين. لم أعد قادراً على الفرح بسبب القلق، ولن أنسى كلمات فلسطيني فقد ابنه حين قال: لا تبكِ. نحن رجال. هذه أرض جهاد ورباط، وكلنا شهداء، ولهذا خلقنا الله".
ويقول الباحث في علم الاجتماع هشام بوقشوش لـ"العربي الجديد": "هناك إدراك عاطفي ووجداني متقدم يرتبط بروحية عقائدية في علاقة المغاربة مع القضية الفلسطينية، وهذا يشكل محركاً إنسانياً يجعل الوجدان الجماعي للمغاربة غير قادر على إهمال القضية الفلسطينية، وقد هبّوا لإظهار مفهوم النصرة والمساندة والدعم من خلال تعبئة قطاعات عريضة، ما يشير إلى أن القضية الفلسطينية تؤجج مشاعر الجماهير".

قضايا وناس
التحديثات الحية

يضيف: "يدين المغاربة شراسة استهداف المدنيين، ويدعون إلى وقف فوري لإطلاق النار، مع التشديد على ضرورة احترام القانون الدولي الإنساني، وهم يجدون أنه من أقل الواجبات الانخراط في التظاهرات للتعبير عن التضامن، وإدانة العدوان. هذا التدافع العاطفي يثير مجدداً مسألة تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل باعتبار أن مناهضة التطبيع لا تزال عنصراً يوحد القوى السياسية المختلفة". 
ويقول بوقشوش: "واضح أن القضية الفلسطينية تظل أولوية قصوى ومحط اهتمام كبير للمغاربة، وهي تنتقل إلى كل محفل رياضي وطني أو قاري يحتضنه المغرب من خلال الصور المركبة والنشطة (تيفو) أو التشجيعات والأغاني التي تصدح بها حناجر المشجعين في المباريات الكبيرة. ورغم أن المغرب اعتاد اعتماد مقاربة واقعية وبراغماتية في المواقف المعقدة تشكل الجوانب الأخلاقية للحرب ضغطاً كبيرا من المغاربة على صانعي السياسة الخارجية المغربية نظراً لأن التداخل بين الأخلاق والمصالح معقد للغاية".

المساهمون