كشفت وزارة الصحة العراقية، في ساعة متأخرة من ليل أمس الخميس، عن أرقام جديدة للإصابات بالكوليرا والحمى النزفية تظهر ارتفاعاً في الحالات، مع تسجيل وفيات بين المصابين نتيجة مضاعفات المرضين، وذلك بالتزامن مع دخول البلاد في موجة وبائية خامسة لـفيروس كورونا تخطت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية عتبة الـ 2700 إصابة.
وتستنفر الكوادر الصحية العراقية في مختلف مستشفيات البلاد، فرقها لمواجهة مخاطر اتساع الكوليرا والحمى النزفية التي تتركز غالباً في مناطق ريفية جنوبي البلاد، مع تكثيف حملات التوعية عبر وسائل الإعلام المحلية.
وأصدرت وزارة الصحة العراقية، بيانين منفصلين، أكدت في الأول تسجيل 59 إصابة جديدة بالكوليرا في بغداد ومحافظات عدة من البلاد، ليبلغ إجمالي الإصابات المسجلة منذ نحو أسبوعين 139 إصابة، وأفادت بأنه تم تسجيل حالة وفاة بمرض الكوليرا لامرأة أصيبت في بغداد.
وأعلنت في البيان الثاني، عن ارتفاع عدد الإصابات بمرض الحمى النزفية إلى 225 إصابة، إلى جانب 36 حالة وفاة بالمرض نتيجة المضاعفات التي لازمت المصابين بالحمى النزفية.
ونقل البيان عن المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية، سيف البدر، قوله، إنّ محافظة ذي قار جنوبي البلاد سجلت النسبة الأعلى من الإصابات بواقع 90 إصابة مؤكدة حتى الآن.
وأصدرت وزارة الصحة تعليمات مشددة في بغداد وعدد من مدن البلاد، مطالبة المواطنين بتحري مصادر المياه.
ووفقاً لتوجيهات الوزارة صدرت الأسبوع الحالي، فإنّ "السيطرة على مرض الكوليرا تتم من خلال 4 تدابير، تتضمن التأكيد على دوائر توزيع الماء، بما فيها متابعة وإصلاح المشاريع التي تحتوي على خلل، ثم متابعة نسبة الكلور وشحِّ المياه الموجودة بالمحافظات، فضلاً عن زيادة الإطلاقات المائية للأنهار".
وتابعت الوزارة أنّ "الإجراء الرابع هو توعية المواطنين ودعوتهم في حال ظهور أعراض الإسهال والتهابات الأمعاء أو التقيؤ إلى الإسراع للمركز الصحي لتلقي العلاج"، مشددة على أنّ "الفرق الصحية في الوزارة تتابع عمل المطاعم مع التأكيد على ضرورة منع تقديم السلَطات والخضراوات في المطاعم".
وأشارت إلى أنه "لا يمكن بدء ظهور الكوليرا، إلّا عن طريق المياه الملوثة التي تساعد على انتقال الجرثومة".
من جهتها، أصدرت وزارة الزراعة العراقية بياناً، أول أمس الأربعاء، أكدت فيه بدء إجراءات جديدة تتعلق ببيع المواشي وذبحها في عموم مدن البلاد للسيطرة على وباء الحمى النزفية.
وأكدت الوزارة، أنه "تقرر منع ذبح المواشي إلا في أماكن خاصة ومرخصة تحدد مسبقاً وتكون نظيفة وترش هذه الأماكن والحيوانات بمبيد مضاد للطفيليات (مادة الدلتا مثرين) بفترة لا تقل عن 14 يوماً قبل الذبح على الأقل وتزود بشهادة صحية بيطرية تؤيد ذلك".
وأشارت إلى أنّ "الإجراءات الأخرى التي ستنفذ استعداداً لعيد الأضحى تشمل منع حركة الحيوانات داخل أو خارج المحافظة، من أجل حماية المواطنين وحيواناتهم من خطر الإصابة بمرض الحمى النزفية".
وقال عضو نقابة الأطباء العراقية، أحمد القيسي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "جملة من العوامل تهدد ببقاء العراق في دوامة الأمراض الانتقالية لفترة أطول مما عليه في دول مجاورة أخرى، وبفاتورة ضحايا أكبر جراء تلك الأمراض".
وأضاف القيسي، أنّ "الكوليرا ناجمة بالدرجة الأولى عن شحّ المياه ومخلفات مياه الصرف الصحي التي تلقى في الأنهار وسوء محطات توزيع المياه في معالجة وتنقية الماء قبل دفعه للمنازل، معتبراً أنّ جزءاً كبيراً من مشكلة الكوليرا والحمى النزفية "تتحمّله الحكومة، وليس المواطنين".
ووفقاً للقيسي، فإنّ هناك مؤشرات على أنّ "الحمى النزفية دخلت إلى العراق من خلال مواشٍ مستوردة من دولة مجاورة بدون فحوصات وتلك الدولة تعاني من هذا المرض منذ فترة"، مشدداً على أنّ حاجز الصد الأول للأمراض "هو وعي المجتمع بالتعقيم وتحري الوقاية جيداً، كون الكوادر الطبية والصحية وصلت بعد نحو 3 سنوات من وباء كورونا إلى درجة الإرهاق الأقصى، وتكبد العاملون في القطاع الصحي خسائر بالأرواح جراء مواجهتهم الوباء".