تصاعد الغضب العمالي وموجة إضرابات في الجزائر

14 ابريل 2021
مبنى البريد المركزي وسط العاصمة (العربي الجديد)
+ الخط -

تشهد الجزائر في الفترة الأخيرة، تصاعد موجة إضرابات عمالية في عدة قطاعات مهنية وخدمية، نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية وتراجع القدرة الشرائية للموظفين، وإخفاق الحكومة في حلحلة المشاكل العالقة في عدة قطاعات، وبخاصة في ظل التداعيات الواضحة للأزمة الوبائية في البلاد. 

أحدث هذه الإضرابات التي أقلقت الحكومة بشكل كبير، كان الإضراب المفاجئ لموظفي البريد في عموم البلاد، بسبب ما وصفوه بـ " تأخر الحكومة في الوفاء بوعودها بشأن صرف منح وعلاوات تحفيزية للعمال والموظفين".

وزاد هذا الإضراب متاعب الجزائريين الذين يعانون من مشكلة نقص السيولة في مراكز البريد، وهو ما دفع وزير البريد والاتصالات إبراهيم بومزوار إلى محاولة احتواء الوضع والسعي لوقف الإضراب، لكنه اصطدم خلال زيارته إلى مراكز بريدية في العاصمة بردّ فعل حاد من قبل الموظفين الذين اتهموه بعدم التكفل بمشاكل القطاع، خاصة ما يتعلق بمنحة المردودية الفردية والجماعية ومعالجة ملفات الموقوفين عن العمل، ومراجعة ساعات وأيام العمل الأسبوعية ودراسة ملفات العمال الذين يشغلون مناصب غير تلك المحددة في مقررات تعيينهم. 

ودفع هذا الوضع مؤسسة بريد الجزائر إلى تخصيص منحة وعلاوات لكل العمال خلال شهر رمضان المبارك، كما وعدت بتوفير الظروف الملائمة لعمالها والتكفل الأمثل بانشغالاتهم، وكذا اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتحقيق المطالب الأخرى.

ودعت عمال وموظفي البريد إلى التحلي بروح المسؤولية والمهنية والالتزام بخدمة المواطنين خصوصا في هذه المناسبات.

وتزامن إضراب قطاع البريد، مع إضراب دام يومين في قطاع التربية، خاضه المعلمون والأساتذة بسبب ما وصفوه بمماطلة وزارة  التربية في فتح حوار والاستجابة لمطالب مهنية واجتماعية رفعتها النقابة منذ أشهر دون رد إيجابي، أبرزها رفع الأجور وتحسين المقدرة الشرائية، حيث طرحت النقابة لائحة مطالب تضم رفع الأجور وتحسين القدرة الشرائية للأساتذة، خاصة أن الارتفاع الكبير للأسعار في الفترة الأخيرة في البلاد، امتص بشكل كبير منسوب الزيادات السابقة التي أقرتها الحكومة لصالح المعلمين قبل سنوات، وفتح مناصب مالية جديدة لتوظيف الأساتذة لرفع العبء الحالي عن المعلمين والأساتذة والحصص السكنية الموجهة للمعلمين. 

وعلى الرغم من توقيف هذا الإضراب، فإن النقابة الوطنية للأسلاك المشتركة في القطاع، أعلنت اليوم عن تنظيم إضراب وطني يوم 25 و26 إبريل/نيسان الجاري، وتنظيم وقفات احتجاجية أمام مقار مندوبيات التربية في كل الولايات، وبررت هذه الخطوة باستنفادها لكل الطرق القانونية المشروعة في مفاوضة الوزارة حول مطالب رفع الأجور للعمال المهنيين وأعوان الوقاية والمنح والعلاوات الخاصة و ترسيم العمال المتعاقدين.  

وقبل أيام، كان قطاع الصحة قد شهد هو الآخر إضرابا، حيث شلت ثلاث نقابات، وهي النقابة الوطنية للأساتذة والباحثين الجامعيين والنقابة الوطنية لمستخدمي الصحة والنقابة الوطنية للشبه الطبي والمشافي والمراكز الصحية لمدة يوم واحد، احتجاجا على تأخر صرف الحكومة لمنحة خاصة كان قد قررها الرئيس عبد المجيد تبون لصالح الأطباء والممرضين وعمال الصحة تثمينا لجهودهم في مواجهة وباء كورونا.

 وأقر وزير الصحة الجزائري عبد الرحمان بن بوزيد، بأن هذه المنحة شهدت فعلا بعض التأخر، وتعهد بصرفها في وقت قريب. 

 وفيما يعتقد متابعون أن تزامن هذه الإضرابات مع موعد الانتخابات البرلمانية المبكرة في 12 يونيو/ حزيران المقبل، قد يشوش على هذا الاستحقاق الانتخابي، فإن المحلل الاقتصادي عبد الحفيظ قجال، يرى في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن تصاعد الإضرابات في الفترة الأخيرة في عدة قطاعات في الجزائر،"جاء في أعقاب سلسلة من الاحتجاجات الشعبية ذات الطابع الاجتماعي حول مطالب السكن والشغل والتي شهدتها عدة ولايات"، مشيرا إلى أن" هذه الإضرابات هي نتيجة كانت متوقعة بالنظر إلى الإخفاق اللافت للحكومة في تحريك عجلة التنمية، والتضخم اللافت الذي بلغ نسبة 2.6  في المائة، ما أدى إلى غلاء الأسعار وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين والعمال والموظفين"، وتوقع المتحدث أن تتصاعد الإضرابات في الفترة المقبلة، خاصة عندما تظهر بشكل واضح التداعيات الحقيقية للأزمة الوبائية على الاقتصاد والظروف العامة للبلاد، وبسبب تراجع عائدات البلاد، ما يستدعي تغييرا حقيقيا في منظومة الحكامة الاقتصادية والاجتماعية". 

وفي السياق، أعلنت النقابة المستقلة لموظفي الضرائب عن إضراب عام يدوم ثلاثة أيام من يوم الثلاثاء المقبل، وورد في بيان نشرته النقابة، أنه" في حالة عدم استجابة وزارة المالية والمديرية العامة للضرائب للمطالب التي وصفوها بالمشروعة، فإنهم سيتخذون إجراءات أخرى يخولها القانون"، ويعد هذا ثاني إضراب يشنه أعوان قطاع الضرائب بعد إضراب شامل في شهر مارس/آذار الماضي. 

المساهمون