شهدت مخيمات النزوح في شمال العراق، أمس الاثنين، حالتي انتحار لنازحتين عراقيتين من المكون الأيزيدي، الذي تعرّض لجرائم تطهير مروعة على يد تنظيم "داعش" في العام 2014، أدت إلى مقتل الآلاف منه واختطاف آلاف الفتيات والنساء، وسط مخاوف من ارتفاع تلك الحالات في الأيام القادمة.
ووفقا لتقارير السلطات المحلية في إقليم كردستان، فقد أقدمت فتاة بعمر 22 عاماً على الانتحار في مخيم إيسيان بمدينة شيخان، شرقي محافظة دهوك، قبل أن تقدم أخرى بعمر 15 عاما على الانتحار شنقا في مجمع للنازحين جنوبي دهوك.
وقال عضو المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان في العراق علي البياتي، لـ "العربي الجديد"، إنّ وضع النازحات الأيزيديات مأساوي، مبينا أن "الانتحار يقدم عليه الإنسان بعد وصوله إلى حالة يأس كبيرة من الواقع والمستقبل، نتيجة حتمية للضغوطات الاجتماعية والاقتصادية، ووضع النازحات وخصوصاً الأيزيديات مأساوي منذ سنة 2014 ولغاية الآن".
وبيّن أنّ "النازحات الأيزيديات يعشن منذ أكثر من ثلاث سنوات في مخيمات نزوح لا تصلح للعيش لفقدانها البنى التحتية والخدمات، بالإضافة إلى مؤشرات مسجلة في بعضها من ابتزاز واستغلال، حتى وصل الأمر إلى تعاطي المخدرات".
وأضاف أنّ "ذلك بسبب فشل جميع مؤسسات الدولة العراقية في توفير بيئة جيدة للنازحات أو السعي الحقيقي لعودة النازحين إلى مناطقهم بعد توفير الأمن والخدمات الصحية فيها، وبقاء أوضاع النازحات الأيزيديات، أو غيرهن، على ما هو عليه حالياً سيزيد من حالات الانتحار، وهناك مخاوف حقيقية من هذا الأمر".
وأكد أنّ "منع زيادة حالات الانتحار يتطلب جهدا حكوميا كبيرا ودعما دوليا، من أجل توفير عودة كريمة للنازحين بشكل سريع، ووجود النازحين في المخيمات غير الصالحة للعيش سيزيد من المشاكل التي تؤدي إلى الانتحار".
وأهملت الحكومات المتعاقبة ملف النازحين الذي ما زال شائكاً بسبب تدخلات سياسية فيه، إذ تعرقل مليشيات مسلحة عودة قسم كبير منهم إلى مناطقهم التي خضعت لسيطرة تلك المليشيات بعد تحريرها من تنظيم "داعش".
إلى ذلك، قال وكيل وزارة الهجرة والمهجرين العراقية كريم النوري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الوزارة شكلت لجان تحقيق لمعرفة أسباب ودوافع إقدام النازحات الأيزيديات على الانتحار، وهذه اللجان تجري حالياً زيارات ميدانية إلى مخيمات النزوح التي وقعت فيها حالات الانتحار، وستكون هناك محاسبة ومعاقبة لأي شخص أو جهة إذا كانت متسببة في هذه الحالات".
وبيّن النوري أنّ "وزارة الهجرة والمهجرين العراقية شكلت لجان متابعة يومية، لتفقد أحوال النازحات الإأزيديات وغيرهن، وتوفير كل ما يتطلب لتوفير بيئة صالحة في المخيمات لغاية العودة الكريمة والآمنة لمناطقهن".
وأكد المسؤول العراقي أنّ "حل مشاكل النازحات والنازحين بصورة عامة، يكون من خلال عودة النازحين إلى مناطقهم وليس حل تلك المشاكل وهم في المخيمات، ولهذا هناك سعي حقيقي وجاد لإعادة كل النازحين وفق جدول زمني محدد، بعد توفير البيئة الجيدة في المناطق المحررة".
وسجل العراق خلال سنة 2020 أكثر من 375 حالة انتحار في مدن مختلفة، غالبيتها من الإناث، وفق مصادر أمنية وطبية.
ويُثير ارتفاع معدّلات الانتحار في العراق قلق العائلات، وقد باتت وقائعه تتكرر بصورة شبه يومية، علماً أن غالبية الضحايا من الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين العشرين والأربعين عاماً، في وقت ارتفعت النسبة لدى المراهقين أيضاً.
ويعزو مسؤولون عراقيون وباحثون اجتماعيون ارتفاع هذه النسب إلى الفقر والبطالة وانعدام الأمل بالتغيير نحو الأفضل، وتسجل المدن الأكثر فقراً أعلى نسبة من حالات الانتحار.