تسرب مياه الصرف الصحي يلوث آبار غزة

03 ابريل 2022
يعيش الفلسطينيون أزمة كبيرة في مياه الشرب (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

يعيش الفلسطينيون في قطاع غزة، أزمة كبيرة في مياه الشرب جراء تسرّب مياه الصرف الصحي في مناطق متعددة إلى الخزان الجوفي المستنزف من الأساس؛ بسبب نقص البنية التحتية والحصار الإسرائيلي المفروض منذ عام 2006.

ورغم تنفيذ عدة مشاريع خلال السنوات الأخيرة من قبل الدول المانحة على صعيد المياه، إلا أنّها تواجه مماطلة حقيقية وتسويفاً إسرائيلياً في استكمال مراحلها، سواء عبر إدخال المواد اللازمة أو المعدات الخاصة بالبنية التحتية.

وبحسب سلطة المياه وجودة البيئة في غزة، فإنّ 98% من آبار مياه الشرب لا تصلح لهذا الغرض، بسبب تلوثها وارتفاع مستوى الملوحة، إلى جانب تسرب مياه الصرف الصحي في بعض المناطق إلى الآبار الجوفية، وهو ما يدفع السكان لبدائل أخرى.

الصورة
أزمة مياه الشرب في غزة (عبد الحكيم أبو رياش)
(عبد الحكيم أبو رياش)

ورغم أن القطاع من المناطق التي تشهد استقراراً مطرياً بشكل سنوي، إلا أنّ حجم الاستفادة منه في تغذية الآبار الجوفية قليل للغاية، في ظل ضعف مشاريع البنية التحتية والعرقلة الإسرائيلية المتكررة لهذه المشاريع ضمن سياسة الضغط على السكان.

وعمد الاحتلال في السنوات الأخيرة إلى عرقلة إدخال المواد الكيميائية اللازمة لمعالجة مياه الصرف الصحي، إضافة لمنع تدفق المياه في الوديان المنتشرة كوادي غزة ووادي السلقا وسط القطاع، ووادي بيت حانون شمالي القطاع.

الصورة
أزمة مياه الشرب في غزة (عبد الحكيم أبو رياش)
(عبد الحكيم أبو رياش)

ويلجأ الاحتلال سنوياً إلى فتح عبارات المياه الحدودية المنتشرة شرقي القطاع، ما يحدث غرقاً للأراضي الزراعية وتدميراً كبيراً لها دون الاستفادة من هذه المياه كون عملية الضخ تتم في وقت الذروة للموسم المطري.

في الأثناء، يؤكد مدير عام وحدة التخطيط والتوعية بسلطة المياه وجودة البيئة، مازن البنا، أنّ التغذية الوحيدة للخزان الجوفي تأتي من مياه الأمطار والتي تتساقط سنوياً بكميات تصل إلى 130 مليون متر مكعب، غير أن نقص البنية التحتية يجعل إجمالي ما يغذي الخزان الجوفي يتراوح من 40 إلى 50 مليون متر مكعب.

ويقول البنا لـ "العربي الجديد": إنّ مياه البحر طغت على الخزان الجوفي وهو ما ينعكس على درجة ملوحة المياه في الآبار، إلى جانب التسريب الكبير في العديد من المناطق الجغرافية داخل القطاع لمياه الصرف الصحي بفعل ضعف البنية التحتية.

وبحسب المسؤول الحكومي، فإنّ وجود الحفر الامتصاصية في بعض المناطق ساعد على تلويث الخزان الجوفي، وعمل على رفع معدلات النترات والكلوريد في المياه بطريقة تجعلها لا تتوافق مع المعايير الدولية الخاصة بمياه الشرب.

الصورة
أزمة مياه الشرب في غزة (عبد الحكيم أبو رياش)
(عبد الحكيم أبو رياش)

ويشير البنا إلى أن الاحتلال يحرم القطاع سنوياً من 15 إلى 20 مليون متر مكعب من المياه بفعل الآبار التي قام بنشرها على الحدود مع قطاع غزة، وهو الأمر الذي يرفع معدل استنزاف الخزان الجوفي بصورة كبيرة من قبل السكان.

ووفق البنا، فإنّ إجمالي الآبار الجوفية الموجودة في القطاع يقدر بنحو 300 بئر تضخ مياها بمعدل 90 مليون متر مكعب، إلى جانب 4 آلاف بئر زراعية مرخصة تنتج حوالي 100 مليون متر مكعب.

ويبلغ إجمالي المياه المنتجة 220 مليون متر مكعب سنوياً، إذ تنتج محطات تحلية مياه البحر 5 ملايين متر مكعب، إلى جانب 15 مليون متر مكعب من "شركة ميكروت" الإسرائيلية، في الوقت الذي يحتاج فيه القطاع 270 مليون لتر مكعب، ويقدر العجز بنحو 100 مليون متر مكعب.

وبحسب دراسة حديثة صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء، فإنّ متوسط استهلاك الفرد الفلسطيني في القطاع من المياه 85 لتراً وهو أدنى من المعايير الدولية المعمول بها والتي تتراوح ما بين 100 إلى 150 لتراً في اليوم.

في الأثناء، يقول رئيس قسم الجغرافيا في الجامعة الإسلامية في غزة، كامل أبو ضاهر، إنّ جميع المياه المنتجة عبر الخزان الجوفي غير صالحة للشرب، إذ لا يمكن استخدامها إلا لعملية الري على صعيد القطاع الزراعي.

ويوضح أبو ضاهر لـ "العربي الجديد"، أنّ نسبة الملوحة مرتفعة للغاية في المياه الجوفية، ففي المناطق الجنوبية من القطاع ترتفع نسبة الكلوريد بما يتجاوز المعايير العالمية، أما المناطق الشمالية فهناك ارتفاع لنسبة النترات، في حين تقترب ملوحة المياه في المناطق الواقعة غربي صلاح الدين وسط القطاع من ملوحة مياه البحر.

وبحسب أبو ضاهر، فإنّ هناك إشكاليات من بينها محطات معالجة مياه الصرف الصحي وتواجدها وسط الكثبان الرملية في أكثر من مكان في القطاع، وهو ما يعني تواجدها فوق الخزان الجوفي مباشرة وهو ما يعمل على تلويثه.

ويرى أن حلّ إشكالية المياه في غزة يتمثل في إيجاد حل لتصريف المياه العادمة والصرف الصحي بطريقة تجعلها لا تصل إلى الخزان الجوفي، إلى جانب القيام بعملية لتنظيم السحب من المياه الجوفية ووقف الآبار غير المرخصة.

ويلفت رئيس قسم الجغرافيا في الجامعة الإسلامية، إلى أن بعض العينات المخبرية أثبتت تضرر الخزان الجوفي ببعض مكبات النفايات الموجودة في القطاع، عدا عن بعض الضرر الحاصل جراء استخدام المزارعين للمبيدات الحشرية.

المساهمون