تزايد الخطف والسرقة في السويداء

22 ابريل 2023
السويداء (عمر حاج قدور/ Getty)
+ الخط -

خلال الأشهر القليلة الماضية، شهدت محافظة السويداء جنوب سورية تصاعداً ملحوظاً في عمليات الخطف في مقابل فدية مالية، وأعمال سطو مسلح، وسرقة سيارات خاصة. وأجرت السلطات تغييراً في بعض المراكز الأمنية طاول قائد الشرطة ورئيس فرع الأمن العسكري في السويداء.

وخطف 5 مواطنين خلال شهري فبراير/ شباط ومارس/ آذار الماضيين، وأربعة خلال شهر أبريل/ نيسان الجاري. كما باءت أكثر من محاولة خطف بالفشل، عدا عن جرائم  السرقة. والقاسم المشترك في معظم عمليات الخطف هو استهداف ضحايا من خارج المحافظة، لتجنب الضغط الاجتماعي الذي ينجم عن اختطاف أحد أبناء المحافظة، وسهولة استدراج الضحية بأساليب بسيطة.

وخطفت عصابة محمد بقدونس (30 عاماً) وأفرجت عنه بعد 21 يوماً. ويقول مقرب منه لـ "العربي الجديد" إن فتاة استدرجته عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي إلى مدخل مدينة السويداء، واستقبله سائق بسيارة خاصة ثم اصطحبه خارج المدينة، حيث اعترض الطريق مسلحون اقتادوه إلى مكان مجهول. علم بعد تحريره أنها بلدة مسيكة الواقعة في منطقة اللجاة بين محافظتي درعا والسويداء، والتي تقطنها عشائر من البدو.

وبالطريقة نفسها، استُدرج عنصر في وزارة الداخلية التابعة للنظام السوري برتبة مساعد أول مطلع الشهر الجاري إلى بلدة عريقة الواقعة في الريف الغربي من السويداء، واستطاع الهرب والدخول إلى أحد المنازل. ويقول أحد أبناء البلدة لـ "العربي الجديد: "استدرجته عصابة مستعينة بفتاة عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى مفرق بلدة صلاخد الواقعة قرب مفرزة الأمن السياسي على طريق دمشق السويداء وإقتادته إلى البلدة. وعند الساعة السابعة صباحاً، وبعد تأكده من نوم الخاطفين، هرب مسرعاً إلى أحد المنازل القريبة ولم يستطع أفراد العصابة اللحاق به واضطروا للهرب بعدما انكشف أمرهم".

وفي 15 الشهر الجاري، استدرجت عصابة مسلحة الشاب هاني خالد العلي وهو من محافظة حلب إلى مفرق قرية صلاخد على طريق دمشق السويداء، حيث اختُطف ليبدأ مسلسل ابتزاز ذويه ومطالبتهم بدفع فدية مالية. ويقول مصدر مقرب من العلي لـ "العربي الجديد" إن الضحية مجند يؤدي الخدمة الإلزامية في الجيش السوري، متزوج وله أطفال، ووضعه المادي سيئ للغاية. يضيف أن الخاطفين يرسلون صوراً وفيديوهات لتعذيبه، ويهددون عائلته بقتله في حال لم يدفعوا الفدية المطلوبة.

ويتحدث أقارب المختطفين لـ "العربي الجديد" عن الدور السلبي للسلطات الأمنية الذي لا يتجاوز تسجيل ضبط الشرطة، وقد اضطروا إلى التعامل مع عصابتين، إحداهما خاطفة غالباً ما تكون مشتركة بين درعا والسويداء وأخرى مفاوضة تقوم بأعمال الوساطة والاستلام والتسليم.

والأمر الذي لم يُعد مُستهجناً لدى أهالي درعا والسويداء هو أن جميع الضحايا يعبرون عدداً من الحواجز الأمنية أثناء الخطف والإفراج من دون أن يُسجل إيقاف متهم واحد أو مشتبه به منذ أن بدأت هذه الأعمال قبل سنوات من الآن.

من جهة أخرى، يبلغ بصورة شبه يومية عن سرقة سيارة في السويداء أو درعا في مقابل فدية تقارب نصف ثمن السيارة. سرقت سيارتا الشقيقين أكرم ومفيد من مدينة السويداء قبل أشهر، ولم يسترجعاها إلا بعد دفع مبلغ من المال، وتحدث اشتباكات مسلحة بين اللصوص والأهالي على مقربة من حواجز أمنية.

سرقت سيارة زهير البدعيش من أمام بيته بالقرب من حاجز يتبع لأحد الفصائل الرديفة. ويقول لأحد المواقع الإعلامية المحلية إنه لم يعد يأمن على أرزاقه وحياته، فجميع اللصوص مسلحين. وأصبح الهاجس اليومي تفادي السرقة وعواقبها، وما يزيد من المأساة هو أنهم مضطرون للجوء إلى فصيل مسلح أو عصابة للوساطة والتفاوض لعودة أرزاقهم المسروقة.

ولم تساهم السلطات المحلية في الإفراج عن مخطوف أو عودة رزق مسروق، ويتهمها معظم الأهالي بأنها شريك في كل ما يحصل من هذا الفلتان الأمني. أحد زعماء العصابات مهند مزهر أدى دور الشرطي مع مجموعته المسلحة، وبادر خلال الشهرين السابقين إلى حل بعض المشكلات المتعلقة بالسرقة والخطف بين الأهالي. 

ويقول الناشط ساري الحمد لـ "العربي الجديد": "بعدما عاشت المحافظة فترة من الاستقرار الأمني إثر القضاء على عصابة فلحوط، وهي إحدى أخطر العصابات الأمنية، عاد إليها الفلتان الأمني والجريمة المنظمة مع تعيين قائد شرطة ونقل مسؤول أمني منذ أيام". ويرى أن ما جرى يؤكد "السياسات الأمنية وغياب السلطة القضائية وتكبيل الضابطة العدلية، ورعاية الأجهزة الأمنية بعض العصابات وإطلاق يدها في مقابل تنفيذ مهام أمنية محددة، بالإضافة إلى عوامل أخرى متداخلة".

المساهمون