تركيا مقفلة أمام المرضى السوريين

08 أكتوبر 2020
عند معبر باب الهوى (عمر حاج قدور/ فرانس برس)
+ الخط -

"لم تعد حالتي تحتمل الانتظار. ذهبت مراراً إلى معبر باب الهوى الحدودي الدولي بين سورية وتركيا، ولم يسمحوا لي بالعبور". هكذا بدأ محمد عرموش (49 عاماً)، حديثه حول صعوبة دخوله إلى تركيا لتلقي العلاج، بعد الإغلاق التام للمعابر الرئيسية بين الشمال المحرر وتركيا.
يضيف عرموش، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن المراكز الطبية في محافظة إدلب تفتقر إلى الكوادر المتخصصة وحتى المعدات، وقد تقتضي حالته جراحة عاجلة بعد تعرضه للنزيف من جراء إصابته بالتهاب القولون المزمن منذ أكثر من عشر سنوات.
ويشير إلى أنه يُعالج اليوم بالكورتيزيون لوقف النزيف، ما يسبب له أعراضاً جانبية خطيرة، بدأت تؤثر على وظائف العديد من أعضائه الداخلية وخصوصاً الكلى.
وطالبت تركيا إدارة معبري باب الهوى وباب السلامة (في منطقة أعزاز، شمال سورية، وعلى الحدود مع تركيا)، بالإغلاق، بعد زيادة حالات الإصابة بفيروس كورونا في الشمال السوري، ووصول عدد المصابين إلى 12 من العاملين في القطاع الطبي والرعاية الصحية، بحسب تصريح وزير الصحة في الحكومة السورية المؤقتة، مرام الشيخ، أخيراً. وكانت النتيجة إغلاق المنافذ الحدودية التركية مع سورية منذ منتصف مارس/ آذار الماضي، والإبقاء على القوافل التجارية والإغاثية والحالات الطبية الحرجة، في ظل العمل على الحد من تفشي الموجة الثانية من كورونا.

وأعلنت إدارة معبر باب الهوى، في بيان، إغلاق المعبر حتى إشعار آخر، أمام تنقلات المرضى والمسافرين من تركيا وإليها، في حين لم تتأثر حركة عبور الشاحنات التجارية والإغاثية.
ويقول مدير المكتب الإعلامي لمعبر باب الهوى، مازن علوش، إن تركيا طلبت إغلاق المعبر في إطار إجراءات فيروس كورونا، ما يعني عدم دخول المرضى إلى الأراضي التركية، بمن فيهم مرضى السرطان الذين كان يدخل منهم 15 مريضاً يومياً للعلاج في المستشفيات التركية، مشيراً خلال تصريحات صحافية، إلى وجود 350 مريضاً ينتظرون دورهم، منهم 200 مريض قلب ملفاتهم قيد الدراسة حالياً.
وعلّقت تركيا أيضاً عودة الزوار السوريين القادمين إلى تركيا عبر معبر جرابلس، بحسب رئيس مجلس جرابلس المحلي، عبد خليل. ويقول: "أغلق طريق العودة إلى تركيا".
من جهته، يقول أمين المجلس المحلي في جرابلس، عصام جمعة، إنّ تاريخ عودة الزوار سيحدّد لاحقاً، لافتاً خلال تصريحات صحافية، إلى عدم التفاهم بعد على إجراء فحوصات كورونا للعائدين، وأنه سيجري النظر فيه لاحقاً.
ويُعدّ معبر باب الهوى من أهم المعابر الحدودية التي تربط الشمال السوري مع تركيا، فمن المتوقع تضرر مرضى الحالات الحرجة الذين يضطرون للدخول إلى تركيا للعلاج لضعف الإمكانيات الطبية في الشمال السوري، خصوصاً مرضى السرطان، علماً أنه كان يدخل 15 مصاباً بالسرطان يومياً إلى تركيا.
ويقول طبيب من المركز الطبي السوري في الريحانية على الحدود التركية السورية لـ"العربي الجديد": "دخلت قبل يومين إلى مدينة إدلب من معبر الحمامات المؤدي إلى مدينة عفرين، لأن جميع المعابر الرئيسية مغلقة بسبب الحذر التركي من وباء كورونا". يضيف الطبيب، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن تركيا ما زالت تسمح للحالات الطبية الحرجة بعبور الحدود، لكن بأعداد قليلة جداً، ما أثر على دخول الحالات التي تصنفها باردة، في ظل عدم قدرة المستشفيات والمراكز في الشمال المحرر على استيعاب أو علاج المرضى.
وفي ما يتعلق بمشاهداته خلال زيارته إدلب، يقول الطبيب السوري: "فوجئت لعدم الاكتراث بالوباء. الأسواق تعج بالناس وقلّما تجد أحداً يرتدي كمامة"، مضيفاً أن أكثر من مليون سوري يقطنون مدينة إدلب، بعد تهجير سكان الريف الشرقي إثر القصف الذي شهدته المنطقة في مارس/ آذارالماضي.

ويختم الطبيب السوري حديثه قائلاً إنّ الكادر الطبي السوري المقيم في تركيا (الريحانية، أنطاكيا، وغازي عنتاب)، تأثر أيضاً بقرارات إغلاق المعابر، ما انعكس سلباً على الحالة الصحية وتوفر الكوادر في الشمال السوري. يضيف: "البعض يدخل من معبر الحمامات"، مشيراً إلى تواصل جهات سورية عدة اليوم مع أصحاب القرار التركي ليتم السماح للحالات والكوادر الطبية بالدخول إلى تركيا، كما سمح للقوافل التجارية بالعبور.
وكانت نقابة أطباء الشمال المحرر قد ناشدت أخيراً الحكومة التركية والجهات المسؤولة عن المعابر فتح المنافذ الحدودية بين شمال غربي سورية وتركيا، لا سيما معبر باب الهوى، أمام الحالات الطبية الحرجة وحتى الخطرة التي تصنف باردة (مثل أمراض انسداد شرايين القلب والقولون القرحي النازف). وطالبت النقابة، في بيان، تركيا بمواصلة دعمها الإنساني من خلال فتح المعابر الحدودية أمام الحالات التي يستعصي علاجها في المناطق المحررة بسبب تردي الوضع الصحي.
ودعت النقابة إلى السماح بعبور الأطباء العالقين على طرفي الحدود، الذين يبذلون أقصى جهودهم للمساعدة بما يستطيعون في هذه الظروف الصعبة، مضيفة أن الإجراءات يجب أن تتم ضمن أقصى درجات الحماية والوقاية من كورونا، وذلك "حق مشروع لتركيا".

 

المساهمون