يرى السوري عدنان عرموش أنّ الإقامة الإنسانية التي وعدت تركيا بمنحها للسوريين، ستجنّبهم "الذل والابتزاز" اللذين يتعرضان لهما أمام قنصلية النظام السوري في إسطنبول، كاشفاً لـ"العربي الجديد"، أنّ كلفة تجديد جواز السفر للمقيمين في تركيا تراوح بين 400 دولار أميركي للجواز البطيء الذي يمتد الحصول عليه حتى ستة أشهر، و800 دولار للجواز السريع المنجز في غضون 15 يوماً. ويقول عرموش، وهو من محافظة إدلب، لـ"العربي الجديد"، إنه تذوق كلّ أشكال الاستهتار والإهانة خلال مشوار تجديد جواز السفر، سواء بالوقوف في طوابير طويلة بالشارع أمام القنصلية، أو باللجوء إلى وسطاء للحصول على دور لا أكثر، حيث يصل ثمن حجز الدور إلى 200 دولار. يضيف أنه يعيش في تركيا منذ نحو سبعة أعوام، واضطر لتجديد جواز سفره مرتين، لأنّ الجواز الذي تمنحه القنصلية للمقيمين في تركيا لا تتجاوز مدة صلاحيته عامين، والآن، برأيه، "انتهت المهزلة ومحاولات الإذلال" بعد شروع تركيا باستصدار إقامات إنسانية لمن انتهت صلاحية جوازات سفرهم وإقاماتهم السياحية.
يكشف رئيس مجلس إدارة منبر الجمعيات السورية بتركيا مهدي داود، لـ"العربي الجديد"، أنّ السلطات التركية بدأت بالفعل بتسلم طلبات السوريين لمنحهم إقامات إنسانية "لكنّ الأمر يستغرق شهرين نظراً لضرورة البحث الأمني والجنائي" قبل منح هذه الوثيقة. ويؤكد داود أنّ الإقامة الإنسانية تفقد حاملها ميزة الطبابة المجانية بتركيا، لكنّها تبقي على التعليم المجاني، كما تتيح لحاملها التنقل ضمن الولايات التركية من دون إذن سفر، وكذلك السفر إلى خارج البلاد، شريطة تجديد السوري جواز سفره. وحول الفارق بين الإقامتين الإنسانية والسياحية، يضيف رئيس منبر الجمعيات، وهو الجهة المنسقة مع الدولة التركية في قضية الإقامات، أنّ الإقامة الإنسانية لا تحتاج إلى رسوم، منبهاً إلى أنّها لا تمنح لحاملي بطاقة الحماية المؤقتة (كيملك)، بل لمن لديهم إقامة سياحية منتهية الصلاحية ويحتاج تجديدها إلى جواز سفر غير منتهي الصلاحية، فهي الحلّ الممكن والمناسب لعدم إلزام السوريين، حاملي الإقامة السياحية، بتجديد جوازات سفرهم بقنصلية النظام وتعرضهم للتكاليف والمضايقات كي يتمكنوا ثانية من تجديد الإقامة السياحية.
ويكشف داود، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، أنّ الاجتماع المقبل مع وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، سيركز على التأكد من عناوين إقامات السوريين وملاحقة غير الحاصلين على بطاقات "كيملك" وربما معاقبتهم ومعاقبة من يشغّلهم أو يؤجّرهم منازل، داعياً للإسراع بالحصول على بطاقة الحماية المؤقتة. فبالرغم من توقف إسطنبول عن منحها، ما زالت ولايات عدة تمنحها للسوريين. وكان الاجتماع السابق بين ممثلي الائتلاف المعارض، ومنبر الجمعيات، واللجنة السورية التركية المشتركة، مع مسؤولين أتراك ممثلين لوزارة الداخلية والهجرة ترأسه والي إسطنبول علي يرلي قايا، قد تمخض عن وعود من السلطات التركية بمنح "الإقامة الإنسانية" للمواطنين السوريين غير القادرين على تمديد جواز السفر لدى قنصلية النظام بإسطنبول.
ويكشف رئيس منبر الجمعيات أنّه يحق لأيّ سوري يحمل أيّ نوع من الإقامة (سياحية - طلابية - عائلية)، التقدم للحصول على الإقامة الإنسانية في حال لم يستطع تجديد جواز السفر، باستثناء حاملي بطاقة الحماية المؤقتة، كما يمكن لأيّ عائلة سورية تحمل أي نوع من أنواع الإقامة تنجب مولوداً حديثاً ولا تستطيع استخراج جواز سفر له الحصول على إقامة إنسانية له بناء على شهادة الميلاد وإقامة والديه.
بدوره، يقول رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار بتركيا، غزوان قرنفل، إنّ حلّ الإقامة الإنسانية سهّل السفر وأنقذ السوريين من دفع تكاليف مرتفعة لقنصلية النظام وأبعدهم عن السمسرة ومحاولات الاستغلال. وحول الفارق بين الإقامة الإنسانية والسياحية، يضيف قرنفل لـ"العربي الجديد"، أنّ بطاقتيهما متماثلتان في الشكل واللون، وكلتاهما تتيحان لحامليهما السفر داخل تركيا من دون إذن سفر، لكنّ الإقامة السياحية تحتاج لتأمين صحي وجواز سفر ساري المفعول بينما الإنسانية لا تحتاج إليهما، كما أنّ حاملي الإقامتين لا يستفيدون من الخدمات الصحية المجانية، لكنّ الإقامة الإنسانية للسوريين حصراً لا تتيح لهم السفر إلى الخارج، وليس ذلك لأنّهم سوريون إنّما لأنّهم يحملون جوازات منتهية الصلاحية. وحول دور الإقامة الإنسانية بتملّك السوريين في تركيا، يقول قرنفل: "لا تخول الإقامة الإنسانية حاملها تملّك عقار في تركيا، ولا تسمح له بالعمل إلّا بعد استخراج إذن بالعمل، فيما ملكية السوريين بتركيا تجري عبر تأسيس شركة وتسجيل الملكية باسم الشركة أو التملّك عبر شخص تركي يجري عقد بينه وبين السوري".
يذكر أنّ الإقامة الإنسانية أو اللجوء الإنساني كما يطلق عليه، هو نوع من أنواع الإقامات التي تمنح حق الحماية للأشخاص الفاقدين لإمكانية العيش في بلادهم لأسباب خاصة وردت في اتفاقية الأمم المتحدة التي عقدت في جنيف عام 1951 ووقعت عليها 130 دولة من بينها تركيا. ويعتبر الشرط الأهم لمنح الإقامة الإنسانية أن يكون لدى الشخص طالب الإقامة سبب لتقديم طلبه، مثل انتهاء التأشيرة أو رفض الإقامة السياحية، وبالنسبة للسوريين، الشرط هو انتهاء جواز السفر وعدم الرغبة بتمديده. وبحسب آخر إحصاء رسمي، يبلغ عدد اللاجئين السوريين في الأراضي التركية 3.6 ملايين شخص.