يروي السوري حسين العمر، لـ"العربي الجديد" كيف جرى فصله من عمله السياحي بولاية قوجه ايلي، بالقرب من إسطنبول في تركيا، منذ مارس/ آذار الماضي، بسبب أزمة وباء كورونا التي ضربت القطاعات الاقتصادية، ولم يوظَّف مجدداً رغم تواصله المستمر مع مدير الشركة. يضيف العمر وهو من ريف إدلب، أنّ "قرار حظر التسريح الذي أصدره الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ربما يشمل العمال الأتراك فقط والسوريين الحاصلين على إذن عمل، لكنّ معظم العاملين بقطاع الخدمات من سياحة وغذاء، هم بلا أي ضمانات ولم تشملهم المساعدات الحكومية ولا حظر التسريح".
هذا الكلام يوافق عليه رئيس الجالية السورية بإسطنبول، نزار الخراط، بقوله إنّ أكثر من 80 في المائة من العمال السوريين في تركيا هم من دون إذن عمل، لذا فإنّ أيّ قرار حكومي يتعلق بالعمال، يستثني معظم السوريين. يتابع الخراط لـ"العربي الجديد" أنّ الوضع الاقتصادي الذي فرضه تفشي وباء كورونا، طاول الجميع، لكنّ حصة السوريين كانت أكبر وأقسى، فحتى الذين يعملون اليوم، بعد تخفيض الأجور بمعدل 40 في المائة، بالكاد يسددون إيجارات منازلهم وفواتير الكهرباء والماء. ويدعو الخراط المنظمات التركية والسورية والدولية، إلى تقديم المساعدات للسوريين: "ما رأيناه من فورة مساعدات ونظر بوضع السوريين بداية الحظر المنزلي، تراجع اليوم وعادت معاناة السوريين من جديد" كاشفاً أنّ العمل الزراعي اليوم، بزمن جني المحاصيل، يساهم قليلاً في "ستر السوريين وتقليل معاناتهم". ويقدر الخراط نسبة البطالة بصفوف مجمل العمالة السورية بتركيا والبالغة نحو 700 ألف عامل، بنحو 40 في المائة: "لكن بلغت نحو 70 في المائة خلال ذروة الحظر وتسريح العمالة قبل ثلاثة أشهر".
وكانت تركيا قد مددت قبل أيام، حظر تسريح العمالة الذي قدمته لمكافحة الأثر الاقتصادي لفيروس كورونا، ولمدة شهرين إضافيين، إذ أقر أردوغان قراراً رئاسياً يبقي الحظر حتى منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. ويحق للرئيس وفق الدستور التركي، تمديد منع تسريح العمالة، الذي فرضه للمرة الأولى في إبريل/ نيسان الماضي، حتى يوليو/ تموز 2021. وعقبت وزيرة الأسرة والعمل والخدمات الاجتماعية التركية، زهرة زمرد سلجوق، على قرار تمديد حظر تسريح العمال لمدة شهرين بالقول: "نواصل الوقوف إلى جانب موظفينا وأصحاب العمل من خلال درع الحماية الاجتماعية".
وترجح أطراف سوريّة استثناء السوريين من قرار حظر التسريح، أسوة بعدم شملهم بمساعدات "درع الاستقرار" التي قدمتها الحكومة والمصارف والشركات التركية للعمال خلال الحظر المنزلي. ويقول رئيس الرابطة السورية لحقوق اللاجئين، مضر حماد الأسعد، إنّ القرار وإن طاول السوريين، فسيشمل فقط المسجلين بالتأمينات الاجتماعية ووزارة العمل، وهم في المجمل لا يزيدون عن 17 في المائة من أصل العمالة السورية في تركيا. يضيف الأسعد لـ"العربي الجديد" أنّ معظم السوريين يعملون من دون أيّ ضمانات: "لذلك، رأينا أنّ التسريح بوقت كورونا طاولهم أولاً، ومن لم يجرِ تسريحه، تم تخفيض أجره ما بين 40 في المائة وو50 في المائة، لينخفض الأجر عن "عسكر أجريت الذي تقدره تركيا بنحو 2020 ليرة (263 دولاراً أميركياً)".
على المقلب الآخر، يؤكد العامل السوري، حسين برغوث أن لا خطر يهدد العمالة السورية في تركيا اليوم "لكنّ أكثر من 40 في المائة من العمال فقدوا أشغالهم خلال النصف الأول من العام الجاري". ويشير إلى أنّ العاملين بقطاع السياحة، كانوا الأكثر تضرراً خلال تفشي وباء كورونا. يتابع العامل في منشأة "اكس تيل" الصناعية في باغجلار، بإسطنبول، لـ"العربي الجديد" أنّ "نسبة العمال السوريين في منشأتنا هي نحو 5 في المائة من أصل العمالة كاملة، وجميعنا نظاميون مسجلون بوزارة الشؤون والتأمينات، لذلك طاولنا قرار تمديد منع التسريح الذي أقره الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رغم أن لا مخاوف علينا، بعد إقلاع المنشآت التركية مجدداً خلال الشهرين الماضيين". وحول مساواة العمال السوريين بالأتراك، يقول العامل السوري: "الأجر بحسب موقع العمل، لذلك يتفاوت بين السوريين والأتراك، لكنّنا جميعاً نتجاوز الحدّ الأدنى للأجور المسمى عسكر أجريت، كما أنّنا مشمولون بنظام التأمين الصحي".