سلط الترحيب الحارّ الذي لقيه اللاجئون الأوكرانيون الفارون من الغزو الروسي من قبل قادة دول مثل بولندا والمجر وبلغاريا ومولدوفا ورومانيا، الضوء على الاختلافات الصارخة والتمييز في المعاملة التي قوبل بها المهاجرون واللاجئون من الشرق الأوسط وأفريقيا، ولا سيما السوريين الذين قدموا في عام 2015.
وتوافد عشرات آلاف اللاجئين الأوكرانيين الفارين من غزو روسيا بلادهم منذ الخميس إلى البلدان المجاورة، وفقا لسلطات الدول المضيفة.
وصرحت الأمم المتحدة الأحد، أن نحو 368 ألف لاجئ فروا من أوكرانيا باتجاه الدول المجاورة منذ بدء الغزو الروسي الخميس، وهو عدد "في ارتفاع مستمر".
وقال الرئيس البلغاري رومين راديف للصحافيين في وقت سابق من هذا الأسبوع، عن الأوكرانيين: "هؤلاء ليسوا اللاجئين الذين اعتدنا عليهم ... هؤلاء أوروبيون، أذكياء ومتعلمون، ليسوا أشخاصا لم نكن متأكدين من هويتهم، أو لديهم ماض غير واضح، والذين يمكن أن يكونوا حتى إرهابيين".
وأضاف: "بعبارة أخرى، لا توجد دولة أوروبية واحدة الآن تخشى الموجة الحالية من اللاجئين".
الصحافية السورية عقبة محمد تقول إنّ التصريح "يمزج بين العنصرية والإسلاموفوبيا".
أما محمد الذي فرّ من مسقط رأسه في درعا عام 2018. ويعيش الآن في إسبانيا، وقد أسس مع لاجئين سوريين آخرين أول مجلة ناطقة باللغتين العربية والإسبانية. قال إنه لم يُفاجأ من تصريحات راديف وآخرين.
وأضاف محمد وهو يتابع الأحداث في أوكرانيا مثل آلاف الأوكرانيين، إنه كان عليه أيضا أن يحتمي تحت الأرض لحماية نفسه من القنابل الروسية. وكافح في ركوب حافلة مزدحمة للفرار من بلدته. كما تم فصله عن أسرته على الحدود.
وأوضح: "اللاجئ هو لاجئ، سواء كان أوروبيا أو أفريقيا أو آسيويا".
عندما يتعلق الأمر بأوكرانيا، كان التغيير في لهجة بعض أكثر القادة المناهضين للهجرة في أوروبا مذهلاً من "لن نسمح لأي شخص بالدخول" إلى "نحن نسمح للجميع بالدخول".
ولا يقتصر الأمر على القادة السياسيين، بل تعرض بعض الصحافيين لانتقادات بسبب الطريقة التي يتحدثون أو يكتبون بها عن اللاجئين الأوكرانيين. قال أحد مذيعي قناة الجزيرة الإنكليزية: "هؤلاء أناس متقدمون ينتمون إلى الطبقة الوسطى. من الواضح أنهم ليسوا لاجئين يحاولون الهروب من مناطق في الشرق الأوسط ... في شمال أفريقيا". وأصدرت القناة اعتذارا قالت فيه إن التعليقات غير مسؤولة.
عندما عبر أكثر من مليون شخص إلى أوروبا في عام 2015، كان دعم اللاجئين الفارين من الحروب في سورية والعراق وأفغانستان حاضرا، كما كانت هناك أيضا لحظات من العداء.
في ذلك الوقت، قالت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، "يمكننا فعل ذلك"، وحث رئيس الوزراء السويدي المواطنين على "فتح قلوبهم" للاجئين.
في ألمانيا، تم الترحيب بهم بالتصفيق في محطات القطارات والحافلات.
لكن سرعان ما انتهى الترحيب الحار بعد أن اختلفت دول الاتحاد الأوروبي حول كيفية تقاسم المسؤولية، حيث جاء التراجع الرئيسي من دول وسط وشرق أوروبا مثل المجر وبولندا. واحدة تلو الأخرى، شددت الحكومات في جميع أنحاء أوروبا سياسات الهجرة واللجوء وضاعفت من مراقبة الحدود.
في الأسبوع الماضي فقط، شجبت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تزايد "العنف والانتهاكات الخطرة لحقوق الإنسان" عبر الحدود الأوروبية، ووجهت أصابع الاتهام على وجه التحديد إلى اليونان.
وفي العام الماضي، تُرك مئات الأشخاص، معظمهم من العراق وسورية وأيضا من أفريقيا، عالقين في منطقة خالية بين بولندا وبيلاروسيا.. في ذلك الوقت، منعت بولندا الوصول إلى جماعات الإغاثة والصحافيين. ولقي أكثر من 15 شخصا حتفهم في البرد.
في غضون ذلك، تعرض الاتحاد الأوروبي في البحر الأبيض المتوسط لانتقادات شديدة بسبب تمويله ليبيا لاعتراض المهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى شواطئها، مما يساعد على إعادتهم إلى مراكز الاحتجاز المسيئة والمميتة في كثير من الأحيان.
وقالت الباحثة اليونانية في شؤون الهجرة لينا كارامانيدو، "لا توجد طريقة لتجنب الأسئلة حول العنصرية الراسخة في سياسات الهجرة الأوروبية عندما نرى مدى اختلاف ردود أفعال الحكومات الوطنية ونخب الاتحاد الأوروبي تجاه الأشخاص الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا".
يذكر أنّ حرس الحدود البولندي، أعلن، الأحد أن حوالى 200 ألف شخص قادمين من أوكرانيا دخلوا بولندا منذ بدء الغزو الروسي للجمهورية السوفييتية السابقة الخميس.
وأحصى حرس الحدود البولندي 77300 شخص وصلوا إلى بولندا من أوكرانيا يوم السبت وحده، فيما وصل أكثر من 44 ألف شخص إضافي الأحد حتى الساعة 11,00 (10,00 ت غ).
وشهدت بولندا حتى الآن دخول نسبة كبيرة من الفارين من أوكرانيا، وهي كانت تؤوي بالأساس نحو 1,5 مليون أوكراني قبل الغزو الروسي وأعربت عن دعمها الثابت لأوكرانيا.
في جميع أنحاء البلاد، يقوم الناس بتنظيم أنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي لجمع الأموال والأدوية وتقديم أماكن للإقامة والوجبات والعمل أو النقل المجاني للاجئين. فيما أفاد المتحدث باسم الحكومة الرومانية عن دخول 47 ألف أوكراني إلى رومانيا منذ الخميس، ومن بينهم غادر 22 ألف شخص البلاد، في حين بقي 25 ألفًا فيها.
أكثر المراكز الحدودية ازدحاما هو سيريت، يليه سيغيتول مارماتيي، وكلاهما في الشمال. وأقيم مخيمان، أحدهما في سيغيتول وهو فارغ في الوقت الحالي، والآخر في سيريت يقيم فيه حوالى أربعين شخصا يفترض نقلهم إلى مراكز استقبال.
وفي هنغاريا، وصل أكثر من 71000 لاجئ إلى البلاد منذ الخميس بحسب الشرطة المجرية. وتجهّز هنغاريا خمسة مراكز حدودية مع أوكرانيا والعديد من المدن الحدودية، مثل زاهوني، حيث حولت المباني العامة إلى مراكز إغاثة، يقصدها المجريون لتقديم مواد غذائية ومساعدة.
(أسوشييتد برس، فرانس برس)