تحرص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحاماتها المتكررة منذ منتصف العام الماضي لمخيمي نور شمس وطولكرم شمالي الضفة الغربية المحتلة، على تدمير البنية التحتية داخل المخيمين، وتفاقم الأمر بعد عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ما كبّد المخيمين خسائر تقدر بنحو 20 مليون دولار. ويعاني أهالي المخيمين من تداعيات الاقتحامات المتواصلة والتي يرى مسؤولون محليون أنها تهدف إلى فرض المزيد من الضغوط على الأهالي، وأن تزايد وتيرة التدمير هي سياسة ممنهجة يسعى الاحتلال من ورائها إلى دفع الأهالي نحو الهجرة. ووقعت آخر الاقتحامات فجر أمس الثلاثاء، ودمرت جرافات الاحتلال خلالها مزيداً من البنية التحتية، وعمقت تجريف الشوارع في المخيمين المتجاورين، وأحياء أخرى في مدينة طولكرم، كما دمرت مجدداً شبكتي المياه والكهرباء.
يقول رئيس اللجنة الشعبية لخدمات مخيم نور شمس، نهاد شاويش، لـ"العربي الجديد": "اقتحمت نحو 50 آلية للاحتلال مخيمي طولكرم ونور شمس برفقة أربة جرافات، واستمر الاقتحام نحو 7 ساعات، وجرفت خلاله الشوارع المجرّفة أصلاً، لكن بشكل أعمق، وخاصة الشارع الرئيسي المؤدي إلى مدينة طولكرم، ثم استهدفت الآليات محوّل الكهرباء، وقامت بتدمير شبكة المياه والاتصالات، ما أدى لانقطاع تلك الخدمات في المخيمين". يضيف شاويش: "لم تسلم السيارات من التدمير الجزئي والكلي، إذ كانت جرافات الاحتلال تتعمد صدم المركبات المركونة على جانبي الطريق، لتدمر بعضها كلياً، والبعض الآخر جزئياً، إضافة إلى تدمير بعض أبواب المحال التجارية. قوات الاحتلال تتعمد خلال الاقتحامات المتكررة تدمير البنية التحتية، وتكبيد الناس خسائر مادية من أجل دفعهم إلى الرحيل من المخيمات، أو إجبارهم على قبول التهجير عن طريق جعل حياتهم اليومية مليئة بالمعاناة. خلال الاقتحامات المتكررة، تكبد مخيم نور شمس خسائر كبيرة شملت هدم 33 منزلاً بشكل كلي، و170 منزلاً بشكل جزئي، إضافة إلى تدمير 4 مقار لمؤسسات خدمية".
بدوره، يؤكد رئيس اللجنة الشعبية لخدمات مخيم طولكرم، فيصل سلامة، لـ"العربي الجديد"، أن "قوات الاحتلال لم تكتف بتجريف الشوارع، وتدمير البنية التحتية في مخيمي نور شمس وطولكرم، بل تعاود في كل اقتحام تعميق ما هو مجرف أصلاً، وتدمير ما يتم إصلاحه من مرافق البنية التحتية مجدداً، ما يؤدي لتوقف الخدمات المقدمة للمواطنين، ويجعلهم يعيشون قدراً أكبر من المعاناة"، ويضيف سلامة، وهو منسق القوى الوطنية والإسلامية في محافظة طولكرم: "تقدر الخسائر في البنية التحتية والممتلكات داخل المخيمين خلال العام الماضي بنحو 20 مليون دولار، وتشمل مرافق ومباني وخسائر مادية للمواطنين، وقد دمرت قوات الاحتلال عشرات المباني والمنشآت في مخيم طولكرم خلال الفترة الأخيرة".
ويأتي استهداف مخيمي نور شمس وطولكرم ضمن استهداف واسع لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين في أنحاء الضفة الغربية المحتلة، وهو ما أشار إليه رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، خلال الجلسة الأسبوعية للحكومة الفلسطينية، أمس الأول الاثنين، مشدداً على أن "الهجوم على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) هو هجوم سياسي مبيت، ومنذ زمن طويل تحارب إسرائيل وكالة الغوث، وتهاجم المخيمات في كل مكان، وقد رأينا ذلك في غزة، وفي جنين، وفي طولكرم، وبلاطة، وعقبة جبر، والفوار، والدهيشة".
ويتعرض المخيمان، وكذا مدينة طولكرم، منذ السابع من أكتوبر الماضي، لاقتحامات متكررة تتخللها اشتباكات مسلحة، وتفجير عبوات ناسفة خلال تصدي المقاومين لقوات الاحتلال، كما استشهد عشرات الفلسطينيين خلال تلك الاقتحامات الصهيونية.
وأنشئ مخيم طولكرم في عام 1950، وهو يقع في وسط مدينة طولكرم، وتحيط أحياء المدينة السكنية بالمخيم من الجهات الأربع بحيث يتداخل معها، وحسب تقديرات "الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني" لعام 2023، بلغ عدد سكان المخيم 10951 لاجئاً. ويقع مخيم نور شمس للاجئين على الشارع الرئيسي الواصل بين مدينتي نابلس وطولكرم في الشمال الغربي من الضفة الغربية، ويبعد نحو 3 كيلومترات إلى الشرق من مركز مدينة طولكرم، وحسب الموقع الرسمي لوكالة "أونروا"، فقد بدأ اللجوء الأول إلى المخيم من منطقة جنين حتى دمرت عاصفة ثلجية خيام لاجئين فلسطينيين في عام 1950، وأرغمتهم على الانتقال إلى طولكرم، وبعدها أنشئ مخيم نور شمس رسمياً في عام 1952، وحسب تقديرات "الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني" بلغ عدد سكانه في منتصف عام 2023 نحو 7083 لاجئاً.