استمع إلى الملخص
- **تصريحات النيابة العامة وردود الفعل**: النيابة العامة تأمر ببحث قضائي حول صحة الصور وخلفيات نشرها، وسط انتقادات واسعة ونفي محلي لعلاقة الصور بالأحداث الأخيرة.
- **موقف حقوق الإنسان والقانون المغربي**: رئيس العصبة المغربية لحقوق الإنسان يشير إلى أن الصور تثير قلقًا بالغًا، مؤكدًا أن التعذيب يشكل خرقًا للدستور والقانون المغربي، ويجب تحديد المسؤوليات ومعاقبة المتورطين.
أعلنت النيابة العامة في المغرب فتح تحقيق قضائي، أمس الثلاثاء، بعد تداول صور على مواقع التواصل الاجتماعي، توثق مهاجرين بلباس السباحة يجلسون على الأرض بمحاذاة مركبات للقوات المساعدة (جهاز أمني تابع لوزارة الداخلية) أو قبالة حائط إسمنتي، ويظهر على بعضهم آثار الضرب.
يأتي ذلك في وقت لا تزال تداعيات محاولات الهجرة الجماعية نحو مدينة سبتة المحتلة، أول من أمس الأحد، مستمرة. وهي المحاولات التي جاءت بعد انتشار دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي حضت المراهقين والشبان على التسلل إلى المدينة، في الـ15 من الشهر الحالي، عبر اقتحام السياج الحدودي عن طريق السباحة.
وقال الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف في تطوان، شمالي البلاد، مساء الثلاثاء، إنه على أثر تداول بعض مواقع التواصل الاجتماعي صور بعض الأشخاص بلباس السباحة يجلسون على الأرض وبعضهم الآخر قبالة حائط إسمنتي، أمرت النيابة العامة بفتح بحث قضائي في الموضوع للوقوف على مدى صحة هذه الوقائع وخلفيات نشر تلك الصور، وعهد به للفرقة الوطنية للشرطة القضائية.
وأوضح الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف في تطوان، في بيان، أنه سيتم ترتيب الآثار القانونية اللازمة على ذلك فور انتهاء الأبحاث مع إشعار الرأي العام بنتائجه. ويأتي فتح التحقيق في وقت أثار تداول صور مركبات للقوات المساعدة برفقة مهاجرين يجلسون على الأرض نصف عراة انتقادات واسعة بسبب آثار الضرب البادية على ظهورهم، ودفع الكثيرين لاعتبارها صوراً مهينة.
وصباح الثلاثاء، تناقلت بعض وسائل الإعلام المحلية تصريحاً منسوباً إلى مصادر محلية في عمالة المضيق الفنيدق، واكتفت بالتأكيد أنه لا علاقة للصور بالأحداث التي عرفتها المنطقة أخيراً.
وفي السياق، قال الصحافي ورئيس العصبة المغربية لحقوق الإنسان (أقدم تنظيم حقوقي مستقل في المغرب) عادل تشيكيطو، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الصور التي تُظهر وضعيات مهينة لشباب مهاجرين تم اعتقالهم وتعذيبهم، قد أثارت قلقاً بالغاً لدى كل من شاهدها، سواء كانت حقيقية أو مفبركة". وأضاف: "تبعاً ذلك، فإن الأفعال المرتبطة بهذه الصور، سواء كانت حقيقة أو تزويراً، تندرج في نطاق الأفعال ذات الطبيعة الجنائية، وتستدعي اتخاذ الإجراءات القانونية الضرورية".
وتابع: "إذا كانت الصور صحيحة، فإن ما يظهر فيها قد يُشكل انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان المنصوص عليها في الدستور المغربي والقانون الجنائي، فضلاً عن مخالفتها للمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب"، معتبرا أن "أيّ ممارسة للتعذيب أو الإهانة أو الحط من كرامة الأشخاص تشكل خرقاً صارخاً للمادة 22 من الدستور المغربي، التي تنص على حظر التعذيب بأي شكل من الأشكال". كما يعاقب القانون الجنائي المغربي في الفصل 231-1 على التعذيب بوصفه جريمة يعاقب عليها بالسجن، ويُعد اعتداءً على الحق في الحياة والسلامة الجسدية.
ولفت تشيكيطو إلى أن المغرب ملتزم بالمعاهدات الدولية مثل اتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها من المعاملات أو العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وهو ما يفرض حماية كل فرد من أي شكل من أشكال التعذيب أو المعاملة المهينة. وذهب إلى أنه في حال كانت الصور مفبركة وتم التلاعب بها، فإن من قام بتزويرها أو نشرها يُعدّ مسؤولا عن الترويج لأخبار زائفة تضر بالمصلحة العامة وتزعزع الثقة في المؤسسات الأمنية للدولة، وفقاً لما هو منصوص عليه في الفصل 447-2 من القانون الجنائي المغربي، والذي يؤكد أنه "يُعاقب كل من يُقدّم أو ينشر أخبارًا زائفة بنية الإضرار أو التشهير، بما في ذلك التلاعب بالصورة والافتراء".
ورأى تشيكيطو أنه من الضروري أن يتم تحديد المسؤوليات ومعاقبة كل من ثبت تورطه في ارتكاب أي من الجرائم المذكورة، سواء كانت متعلقة بالتعذيب والمعاملة المهينة أو فبركة وتعميم الأخبار الزائفة، التزاماً من القضاء بشكل خاص، والدولة بشكل عام، بسيادة القانون وحماية حقوق الأفراد، وتعزيز الثقة في المؤسسات القضائية والأمنية للمملكة، وتحقيق العدالة في هذه القضية التي تمس كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية.