استمع إلى الملخص
- **رفض تطبيع العلاقات مع نظام الأسد**: أدان المتحدثون في مؤتمر بروكسل جهود تطبيع العلاقات مع نظام الأسد، مؤكدين أن هذا التقارب يعيد تأهيل نظام متورط في جرائم حرب ويهدد السلام والأمن في المنطقة.
- **دعوات للالتزام بالقوانين الدولية**: طالب الخبراء السوريون دول الاتحاد الأوروبي بالالتزام بالقوانين الدولية لحماية اللاجئين، مشددين على ضرورة إيجاد حل سياسي للصراع السوري واحترام حقوق الإنسان.
أعربت منظمات المجتمع المدني السورية ودعاة حقوق الإنسان، يوم الخميس، عن قلقهم العميق إزاء تصاعد العنف والترهيب والترحيل القسري الذي يتعرض له اللاجئون السوريون في أوروبا والدول المجاورة، وذلك خلال مؤتمر صحافي عُقد اليوم الخميس في نادي الصحافة بالعاصمة البلجيكية بروكسل.
يأتي هذا المؤتمر قبيل اجتماع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي المقرر عقده غداً الجمعة، والذي سيناقش الورقة غير الرسمية التي أرسلتها ثماني دول أعضاء في الاتحاد إلى منسق السياسة الخارجية جوزيب بوريل، حيث تطالب الورقة بإعادة تقييم سياسات الاتحاد الأوروبي تجاه سورية، مع التركيز على إعادة التعامل مع النظام السوري.
وحذّر ممثلو المجتمع المدني السوري والمدافعون عن حقوق الإنسان من خطورة التقارب الذي تقوده بعض الدول الأوروبية وتركيا مع نظام الأسد، مؤكدين أن هذا التقارب أدى إلى تصاعد العنف ضد اللاجئين السوريين في دول الجوار وأوروبا. وأشاروا إلى تزايد مظاهر كراهية الأجانب والتمييز، كما وثق تقرير حديث للمفوضية السامية لحقوق الإنسان ازدياد الانتهاكات ضد السوريين العائدين.
وأدان المتحدثون الجهود المبذولة من بعض الحكومات لتطبيع العلاقات مع نظام بشار الأسد، ورفضوا المزاعم بأن سورية آمنة للعودة. واعتبروا أن هذه الادعاءات تمنح السلطات الأمنية في أوروبا ودول الجوار الذريعة لممارسة العنف والتخويف ضد اللاجئين.
المؤتمر نظم من قبل منظمات "مدنية"، و"بيتنا"، و"حملة من أجل سورية"، والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير، بالإضافة إلى عدد من المنظمات الإنسانية والحقوقية السورية الأخرى. جاء المؤتمر بعد سلسلة من الاجتماعات التي جمعت هذه المنظمات مع دول الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والأمم المتحدة، حيث ناقشوا تزايد الهجمات ضد حياة وممتلكات اللاجئين، وطالبوا دول الاتحاد بالالتزام بالقوانين الدولية التي تضمن حماية اللاجئين.
وشدد الخبراء والمدافعون السوريون على أن اللاجئين السوريين أصبحوا بشكل متزايد هدفاً للتمييز، وكراهية الأجانب، والاعتداءات العنيفة، نتيجة لتحول الخطاب السياسي نحو التقارب مع نظام الأسد. وحذروا من أن استمرار هذه المخاطر دون معالجة سريعة سيعرض سلامة وأمن ملايين السوريين الفارين من الحرب للخطر.
وأوضحت المديرة التنفيذية لمنظمة "مدنية"، سوسن أبو زين الدين، أن "التقارب مع النظام السوري لا يمكن اعتباره خطوة دبلوماسية نحو حل الصراع. بل على العكس، فإن هذا التقارب يعيد تأهيل نظام متورط في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ما يهدد بإفشال العملية السياسية، ويعرض السلام والأمن في المنطقة للخطر، فضلاً عن تفاقم أزمة اللاجئين".
وأكدت أن "إيجاد حل سياسي للصراع السوري أمر ضروري، إلا أن هذه الجهود الدبلوماسية يجب أن تلتزم باحترام حقوق الإنسان ورفض الإفلات من العقاب". كما دعت إلى "إعطاء الأولوية للعملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2254، مع التأكيد على حقوق وتطلعات الشعب السوري".
درويش: تأهيل النظام السوري دون محاسبة يزيد العنف
من جهته، أكد المدير العام للمركز السوري للإعلام وحرية التعبير، مازن درويش، أن "إعادة تأهيل النظام السوري الحالي مع تجاهل معاناة ملايين الضحايا الذين تعرضوا لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُعدّ أمراً غير مقبول". وشدد على أن "السلام والعدالة لا يمكن تحقيقهما دون محاسبة جميع الأطراف المتورطة في تلك الجرائم، بغض النظر عن انتماءاتهم".
وأوضح أن "هذه الخطوة ليست مجرد خيانة لحقوق الإنسان، بل قد تؤدي إلى تصاعد العنف والإرهاب في المنطقة". وأكد أن "السماح بالإفلات من العقاب لن يزيد سوى من تأجيج التطرف وزعزعة الاستقرار"، داعياً المجتمع الدولي للتمسك بالعدالة ورفض إعادة تأهيل نظام أثبت استعداده لإبادة شعبه للبقاء في السلطة.
وعند سؤاله عن إمكانية تعاون منظمات المجتمع المدني مع وسائل الإعلام لخلق قضية رأي عام بشأن الانتهاكات بحق اللاجئين، أكد درويش لـ"العربي الجديد"، أن "منظمات المجتمع المدني شريك أساسي للإعلام، فالإعلام جزء لا يتجزأ من جهود مكافحة خطاب الكراهية والتمييز ضد اللاجئين".
وفي عام 2023، جرى ترحيل 20,319 شخصاً من تركيا إلى سورية، عبر معبر باب الهوى الحدودي شمال محافظة إدلب، حيث توزّعوا بين 11,097 حالة عودة طوعية، و9,222 حالة ترحيل قسري. وبلغ إجمالي عدد المرحلين منذ مطلع يناير/كانون الثاني وحتى أغسطس/آب من العام الحالي 29,359 شخصاً، بينهم 14,859 عادوا طوعاً و14,500 جرى ترحيلهم قسرياً.
وفي تقرير أصدرته "هيومن رايتس ووتش" في الرابع من سبتمبر/أيلول الحالي، كشفت أن القوى الأمنية اللبنانية والسلطات القبرصية تتعاونان لمنع اللاجئين من الوصول إلى أوروبا، ثم ترحيلهم ليواجهوا الخطر في سورية. وأكدت "مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين" في تقرير لها صدر في يونيو/حزيران الماضي أن سورية غير آمنة للعودة القسرية، مشددة على أنها لا تسهل ولا تشجع العودة الطوعية.
كما أفادت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في تقرير صادر في الثاني من سبتمبر/أيلول الحالي بتوثيق 214 حالة احتجاز تعسفي، بينها 13 طفلاً و7 نساء، خلال شهر أغسطس/آب 2024. وأشارت الشبكة إلى أن النظام السوري اعتقل 19 شخصاً من الذين رُحلوا قسرياً من لبنان.