تحذيرات من انتشار اللشمانيا في مخيمات شمال غرب سورية خلال الصيف

08 مايو 2024
انتشار اللشمانيا بين الأطفال داخل مخيم ريف إدلب (عز الدين قاسم/الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في شمال غرب سورية، يواجه العاملون في مجال الصحة وإدارة المخيمات تحديات بسبب انتشار مرض اللشمانيا، مع تراجع الاستجابة الإنسانية ونقص في النظافة، مما يسهل انتشار حشرة الذبابة الرملية الناقلة للمرض.
- توقف مساعدات المياه لبعض المخيمات يزيد من صعوبة الحفاظ على النظافة، معرضاً السكان لخطر الإصابة باللشمانيا وأمراض جلدية أخرى، حيث يشارك النازحون تجاربهم مع المرض والتحديات الطويلة الأمد.
- هناك جهود مبذولة لمكافحة انتشار اللشمانيا من خلال حملات رش المبيدات ومبادرات مثل مبادرة مينتور، رغم التحديات المتعلقة بنقص الدعم والحاجة إلى تكاليف علاجية عالية، في محاولة لتقديم المساعدة لمئات الآلاف من الأشخاص.

أثار عاملون في مجال الصحة وإدارة مخيمات شمال غرب سورية، أخيراً، مخاوف من انتشار محتمل لداء اللشمانيا داخل المخيمات هذا العام. يأتي هذا التحذير في ظل تراجع كبير في مستوى الاستجابة الإنسانية، وبخاصة في جوانب النظافة والصحة العامة، مما يسهم في انتشار حشرة الذبابة الرملية المعروفة بنقلها لهذا المرض.

وأشار مدير مخيم عمر الفاروق في ريف إدلب، حسن حومد، بحديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنه خلال السنوات الخمس الماضية، لم تقم أية جهة برش المبيدات داخل المخيم، مما أدى إلى زيادة حالات الإصابة بمرض اللشمانيا. وقد أكد حومد على أهمية التدخل السريع للجهات الإنسانية لرش المبيدات الحشرية وتوفير الإصحاح اللازم داخل المخيمات للحد من انتشار المرض.

وفي سياق متصل، كشف مدير مخيم صلاح الدين في ريف إدلب، جمعة لطفو، لـ"العربي الجديد"، عن انتشار اللشمانيا بين الأطفال داخل المخيم، حيث يخضع المصابون للعلاج في مخيم براعم أبي الفداء القريب، مشيراً إلى أن إحدى المنظمات الإنسانية عملت خلال الأسبوع الحالي على رش المبيدات في المخيم.

ولفت إلى "مشكلة تأمين المياه، حيث إنه توقفت مساعدات المياه عن المخيم منذ ستة أشهر، مما دفعهم إلى النداء للمنظمات الإنسانية لدعم مشروع المياه، خاصة مع اقتراب فصل الصيف". وأوضح أن "توفير المياه يساهم أيضاً في الحد من الأمراض الجلدية، ويمكن أن يمنع ارتفاع أعداد الإصابات باللشمانيا في المخيم".

وأصيب اثنان من أبناء النازحة، روعة الكريد، التي تقيم في مخيمات البردقلي بشمال محافظة إدلب، باللشمانيا. وتشير روعة بحديث لـ"العربي الجديد" إلى أنها "في البداية لاحظت ظهور بثور على وجه طفليها الصغيرين، الأكبر منهما عمره خمس سنوات، ليتبين لاحقاً بعد إجراء التحاليل أنهما مصابان باللشمانيا". وشرحت أنها تعاني خلال فترة العلاج الحالية، التي قد تمتد لفترة طويلة وفقاً لتأكيد الممرضة المسؤولة عن علاج اللشمانيا، وتعتبر أصعب التحديات التي تواجهها هي مشكلة الندبات المتراكمة في وجه طفليها، والتي قد تظل ماثلة طيلة حياتهما نتيجة لهذه الإصابة.

من ناحية أخرى، روت سلمى العبد الله، المقيمة في مخيمات قاح، لـ"العربي الجديد"، أنها "أصيبت بمرض الليشمانيا في قدمها، مما تسبب لها بآلام شديدة، وبدأت العلاج بالحقن الموضعية في موقع الإصابة مرة في الأسبوع". وتوضح أن "المخيم يعاني من انتشار كبير للحشرات، خاصة في فصل الصيف، مع انتشار الحفر الصحية غير المغطاة وانعدام جهود المنظمات الإنسانية في رش المبيدات الحشرية لمكافحة الحشرات الناقلة للأمراض مثل ذبابة الرمل". كما تلاحظ غياب التوعية بشأن مرض اللشمانيا داخل المخيم، مما يجعل الحالة الصحية للنازحين في خطر متزايد.

ارتفاع أعداد المصابين بمرض اللشمانيا في مخيمات إدلب

من جهته، حذر الطبيب العام في مركز زرور الصحي بريف إدلب، نبيل بزماوي، من ارتفاع أعداد المصابين بمرض اللشمانيا في مخيمات إدلب. وأوضح لـ"العربي الجديد": "نواجه تحديات كبيرة في تشخيص الحالات وتأمين العلاج والحقن الموضعية المتكررة، إذ إن معظم الأدوية غير متوفرة. ونحن نضطر في بعض الأحيان إلى إرسال العينات لمراكز أخرى للفحص تحت المجهر والخزعة".

وأشار بزماوي إلى ارتفاع معدل الإصابات مع بداية فصل الصيف، قائلاً: "بالتأكيد، المعدل مرتفع ونتعامل يومياً مع حالات الشك التي تتراوح بين 4 و5 حالات، وهذا الرقم كبير". وشدد على أهمية مكافحة أسباب انتشار المرض، مضيفاً: "يعاني الكثير من نقص الوعي بشأن مرض اللشمانيا، حيث يترك معظم المرضى موقع الإصابة غير مغطى، ما يساهم في انتشار المرض. لذا، من الضروري توفير العلاج وتأمين مختبر خاص بمرض اللشمانيا بالإضافة إلى مشاريع تحري وتحسين الصرف الصحي، وكل هذه الجهود تعتبر عوامل مهمة في الحد من انتشار المرض".

في المقابل، أكد أحد سكان مخيم دير البلوط في منطقة عفرين بريف حلب، لـ"العربي الجديد" أنه حتى الآن لم يتم تسجيل أي إصابات بمرض اللشمانيا في المخيم، نظرًا لعمل إحدى المنظمات الإنسانية على رش مبيدات حشرية، بالإضافة إلى مبادرة بعض الأهالي برش المبيدات الحشرية في خيامهم كإجراء احترازي للوقاية من الحشرات.

وفي سياق آخر، أوضح مدير المكتب الإعلامي في مديرية صحة إدلب، عماد زهران، في حديث مع "العربي الجديد"، أن مبادرة مينتور كانت توفر الأدوية المخصصة لعلاج اللشمانيا، إلا أنها توقفت عن تقديم الدعم، مما أدى إلى نقص الدواء المجاني، وبات المركز الوحيد المعتمد في المنطقة هو مركز "العمالية" الذي يعمل طيلة أيام الأسبوع، ولكن المرضى بحاجة إلى دواء ذي تكلفة عالية بالنسبة لهم.

وأُطلقت منظمتا الدفاع المدني السوري ومبادرة مينتور حملة مشتركة في مايو/أيار الماضي، تستهدف أربع مناطق في شمال غرب سورية، بهدف الوقاية من الحشرة الناقلة لمرض اللشمانيا. وتضمنت الحملة تقديم المساعدة لـ362 ألف شخص، منهم 201 ألف مستفيد من برنامج الرش، و116 ألف مستفيد من ظروف وقائية تطارد الحشرات، بالإضافة إلى 45 ألف مستفيد من توزيع الناموسيات.

المساهمون