تحدّيات قانونية لصد مخاطر العفن في منازل بريطانيا

21 يناير 2024
مخاطر كبيرة من العفن المنتشر في بيوت بريطانية كثيرة (مايك كيمب/Getty)
+ الخط -

تعود بين حين وآخر قضية العفن في منازل بريطانيا إلى الواجهة، وتلقي الضوء على الحجم الحقيقي للمشكلة التي باتت مصدر قلق مجتمعي إذ تتسبب في أمراض تنفسية وحساسية، وأخرى تتعلق بالصحة العقلية للمتضرّرين، كما تهدّد سلامة المنازل.

يتسلّل العفن إلى الزوايا الرطبة والمساحات المنسية في بيوت بريطانيا التي يسيطر عليها الطقس الرطب معظم العام، ويواجه أصحاب المنازل والمستأجرون آثاراً سلبية على صحتهم جراء البقع الزرقاء الداكنة والسوداء والروائح الكريهة. وأخيراً دعت الكلية الملكية للأطباء (RCP) وزير الدولة للتسوية والإسكان والمجتمعات مايكل غوف إلى تسريع حملة القمع المرتقبة لأصحاب العقارات الذين يهملون معالجة مشكلة العفن التي تنتشر في عشرات الآلاف المنازل. ولفت البروفسور السير ستيفن هولغيت، المستشار الخاص للكلية الملكية للأطباء في شأن جودة الهواء، إلى أن أزمة الصحة العامة تتسّع مع تصاعد استنشاق السموم الفطرية.
ويقول ألاسدير ماكلينهان، مؤسس منظمة العدالة للمستأجرين الخيرية التي ساعدت آلاف المستأجرين في تسديد أموال السكن ورسوم مختلفة بينها للمحاكم، لـ"العربي الجديد"، إن "العفن مشكلة مهمة تلحق أضراراً كبيرة بالمستأجرين، وتتعارض مع النمو الصحي والجسدي والعاطفي للأطفال في الأسر المحرومة. ومن بين التحديات الشائعة التي يواجهها المستأجرون في المنازل الموبوءة بالعفن خطر الإخلاء بموجب المادة 21 إذا اشتكوا من الرطوبة والعفن، لكننا ننصح المستأجرين بالحصول على حقوقهم القانونية لفعل ذلك، وتحديداً في حال اختار أصحاب العقارات طردهم بسبب الشكوى". يتابع: "قدمت الحكومة مشروع قانون لإصلاح أوضاع المستأجرين، ومنظمة العدالة للمستأجرين في مشاورات وضع بنوده. ومن بين التغييرات الأساسية أن استئجار عقار يتضمن رطوبة وعفناً سيصبح أمراً غير قانوني، ومطالبة السلطات المحلية باتخاذ إجراءات تنفيذ رسمية. وعندما يلحظ ذلك إلغاء القسم 21 من عمليات الإخلاء، سيستطيع المستأجرون تقديم شكوى في شأن المستويات الخطيرة من الرطوبة والعفن. وحالياً يمكن أن يؤجر المالك عقاراً متعفناً، بعد تقديم إشعار للبلدية بتحسين وضع العقار الذي يتطلب إنجاز أعماله ثلاثة أو أربعة أشهر. لذا من الأفضل أن يصبح استئجار المنازل المليئة بالرطوبة والعفن أمراً غير قانوني".

من جهته، يقول مارد جروفيد، المسؤول في المكتب الإعلامي لوزارة التسوية والإسكان والمجتمعات، لـ" العربي الجديد": "أصدرت الوزارة بياناً حول إصلاح قطاع الإسكان الاجتماعي بعنوان " إصلاح المخاطر الطارئة خلال 24 ساعة من خلال قانون أواب"، واقترح الوزير فرض متطلبات قانونية جديدة على أصحاب العقارات الاجتماعية لمعالجة المخاطر بينها تلك للرطوبة والعفن بسرعة. 
وأعلن بيان أصدرته الوزارة في 9 يناير/ كانون الثاني الجاري، خططاً جديدة لقمع أصحاب العقارات الاجتماعية المارقين الذين يفشلون في توفير منازل آمنة، وأيّد تعهد الحكومة بتنفيذ قانون "أواب" (اسم طفل توفي بسبب حالة تنفسية ناجمة عن العفن الشديد في شقة كانت تعيش فيها عائلته).

يقترح قانون جديد إجراء المالكين إصلاحات سريعة في المنازل (أدريان دنيس/ فرانس برس)
يقترح قانون جديد إجراء المالكين إصلاحات سريعة في المنازل (أدريان دنيس/ فرانس برس)

ومن أجل منع وقوع مآسٍ في المستقبل، أطلقت وزارة الإسكان مشاورات خاصة بقانون "أواب" تقترح وضع حدود زمنية صارمة جديدة لمقدمي الإسكان الاجتماعي، وإجبارهم على اتخاذ إجراءات سريعة لمعالجة أصحاب العقارات الاجتماعية المشاكل الخطيرة مثل الرطوبة والعفن. واقترحت التحقق من المخاطر خلال فترة 14 يوماً، وبدء الإصلاحات في الأيام السبعة التالية، وأخرى طارئة خلال 24 ساعة. ومن خلال هذه الإجراءات يستطيع المستأجرون مقاضاة أصحاب العقارات إذا فشلوا في إصلاح المشاكل التي تهدّد صحتهم.
وفي إطار التغييرات الخاصة بقانون "أواب"، تشاورت الحكومة أخيراً حول ما يحتاجه مزيد من المستأجرين لفهم حقوقهم في شكل أفضل، وتحدي أصحاب العقارات الاجتماعيين عندما تسوء الأمور. من جهتها حذرت عائلة الطفل الضحية أواب المستأجرين في الشقق المتعفّنة من ضرورة الرحيل ببساطة، وأعلنت إنها تؤيد القانون الجديد المقترح لمنع أي عائلة أخرى من اختبار الألم الذي مرّت به. 
ويعتبر القانون الجديد الخطوة الأخيرة لمعالجة المشكلات النظامية التي جرى تحديدها بعد حريق برج غرينفيل، ليس فقط لضمان سلامة وجودة الإسكان الاجتماعي، بل أيضاً لتحسين تعامل أصحاب العقارات مع المستأجرين. ومنذ مارس/ آذار الماضي حدد ريتشارد بلاكواي، أمين دائرة المظالم الإسكانية في بريطانيا، 721 حالة شهدت فشل أصحاب العقارات في معالجة المشكلات المتعلقة بالرطوبة والعفن والتسريبات.

وتجاوز هذا الرقم إجمالي عدد الحالات في الأشهر الـ12 السابقة، وكان أعلى بشكل ملحوظ من الإحصاءات المسجلة خلال عامي 2020 و2021 بحسب منظم الإسكان الاجتماعي الذي يقدّر بأن نحو 88.000 أسرة تقيم في الإسكان الاجتماعي تواجه تحديات كبيرة ترتبط بالرطوبة والعفن. وأشار بلاكواي إلى أنّ تحسين خدمات الإسكان الاجتماعي للمقيمين أولوية للدائرة، لكن الأمر صعب بسبب حجم وحالة مخزون المساكن التي بنيت معظمها في الستينيات والسبعينيات، وابتعاد سياسة الحكومة عن الاستثمار في تحسين الإسكان الاجتماعي، ويقول: "تلتزم الدائرة بتحسين كل المنازل التي يديرها مجلس الإسكان الاجتماعي، لكن التضخم القياسي في البناء وتخفيضات التمويل الحكومي والقيود المفروضة تجعل الأمور أكثر صعوبة".

المساهمون