تحديات التعليم شرقي سورية... الأهالي يرفعون الصوت

01 سبتمبر 2024
يحرم بعض الأطفال من التعليم لأسباب عدة (عارف وتد/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تحديات البنية التحتية والأمن:** تعاني مدارس شمال شرق سورية من ضعف البنية التحتية والأزمات الأمنية المستمرة، مما يؤثر على جودة التعليم ويزيد من نسبة التسرب المدرسي.
- **الأعباء المالية:** تواجه العائلات أعباء مالية كبيرة، حيث تصل أقساط المدارس الخاصة إلى 150 دولاراً للفصل، بالإضافة إلى مصاريف التنقل والقرطاسية التي تتجاوز المليون ونصف المليون ليرة سورية لكل طفل.
- **عدم الاعتراف بالشهادات:** الشهادات الممنوحة من الإدارة الذاتية غير معترف بها محلياً أو دولياً، مما يزيد من قلق الأهالي حول جدوى المصاريف الكبيرة على تعليم أبنائهم.

يواجه الأهالي والتلاميذ في مدارس مناطق سيطرة الإدارة الذاتية تحديات كثيرة في ظل الأقساط وتراجع مستوى التعليم وانهيار البنية التحتية وعدم الاعتراف بشهادات الإدارة الذاتية.

تواجه العائلات في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية شمال شرق سورية، صعوبات وتحديات كبيرة مع حلول العام الدراسي الجديد، وسط ضعف البنى التحتية التعليمية في المدارس، والأزمات الأمنية المستمرة التي تؤثر بشكل مباشر على جودة عملية التعليم، وتحرم التلاميذ من الاستمرار في التعليم بأريحية.
وحتى الوقت الحالي، بعد سنوات من انتقال ملف التعليم في المنطقة إلى الإدارة الذاتية، لا تزال الشهادات الممنوحة من الإدارة غير معترف بها محلياً أو دولياً، ما يعد إحدى المشاكل الأساسية التي تواجه الطلاب في المنطقة، وتؤرق الأهالي كون المصاريف التي تنفق على التلاميذ كبيرة ويمكن أن تكون بدون طائل في ظل غياب الشهادة المعترف بها. 
وتبدأ العملية التعليمية في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية، بفصلها الأول اليوم الأحد الموافق للأول من سبتمبر/أيلول، وتنتهي في الأول من يناير/كانون الثاني 2025، كما عممت الإدارة الذاتية. 

يتحدث فيصل الجبوري لـ"العربي الجديد" عن الأعباء المالية التي يواجهها الأهالي مع اقتراب العام الدراسي. ويقول: "مع بدء العام الدراسي، تترتب علينا مصاريف إضافية كبيرة تتعلق بالتحضير للدوام المدرسي. كما هو معلوم، فإن غالبية المدارس باتت تحت سيطرة الإدارة الذاتية، عدا القليل من تلك الحكومية الموجودة ضمن المربع الأمني في القامشلي. ونتيجة لذلك، يرسل غالبية الأهالي أبناءهم إليها. لكن هذه المدارس أصبحت مزدحمة كثيراً ما يجبر الأهالي على إرسال أطفالهم إلى المدارس الخاصة، والتي تقدر أقساطها في الفصل الواحد بنحو 150 دولاراً، بالإضافة إلى مصاريف التنقل والمواصلات".  
ويعرب الجبوري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، عن حجم المعاناة التي تعيشها الأسر التي لديها طلاب في المدارس. يقول: "بالنسبة إلي، لدي طفلان وسأدفع 300 دولار لكليهما، بالإضافة إلى عشرة دولارات لكل طفل بدل نقل. أما القرطاسية، فحدث ولا حرج، فحقيبة مدرسية واحدة يتجاوز سعرها أكثر من 200 ألف ليرة سورية (الدولار يساوي 15 ألف ليرة سورية)، وهناك الكتب التي يبلغ سعر الواحد منها للصف الأول ابتدائي 200 ألف ليرة. أما الدفاتر، فأقل دفتر يباع بـ30 ألف ليرة، عدا عن الثياب والتجهيزات الأخرى مثل حافظات الطعام والمياه وغيرها. في المجمل، كل طفل يحتاج إلى ما يقارب المليون ونصف المليون ليرة تحضيراً للمدارس، ما يعني أنني سأضطر إلى دفع 3 ملايين ليرة ثمن القرطاسية والكتب".

تعليم الأطفال يفرض أعباء كثيرة على غالبية السوريين

بدورها، تقول منتهى الحسين، وهي والدة ثلاثة تلاميذ في مرحلتي التعليم الثانوي والأساسي، في حديثها لـ"العربي الجديد"، إن التلاميذ بحاجة إلى مصاريف كبيرة خلال الفصل الدراسي، لا سيما الحقائب ومستلزمات القرطاسية، وتوفيرها أصبح صعباً على العائلات. تضيف: "في الوقت الحالي من العام، نحن مجبرون على تجهيز المؤونة تزامناً مع افتتاح المدارس، ومتطلباتها كبيرة. نرجو أن يُدعم التلاميذ بالقرطاسية أو الدفاتر على أقل تقدير".

وعن واقع التعليم في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية، يقول الخبير التربوي وعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة الفرات سابقاً، فريد سعدون، لـ"العربي الجديد": "من المفترض أن تتوفر في المدارس بيئة صفية وبنية تحتية من مياه وكهرباء وتدفئة وتكييف وطاولات وكراسي، بالإضافة إلى الكادر التعليمي. بنظرة بسيطة على الواقع، الريف مدمر تماماً. نستطيع أن نقول إن 99% من المدارس مدمرة أو تحولت إلى قواعد عسكرية أو صارت تُستغل لغير التربية والتعليم".
يضيف سعدون: "منظومة التربية في ريف محافظة الحسكة منهارة، علماً أن معظم السكان يعيشون في الريف. يجب أن ندرك الواقع. هناك حوالي 2400 مدرسة في محافظة الحسكة، منها حوالي 1200 مدرسة للمرحلتين الإعدادية والثانوية. 95% من هذه المدارس تقع تحت سيطرة الإدارة الذاتية. في القامشلي والحسكة، هناك نحو 15 مدرسة ثانوية تحت سيطرة النظام، ونحو أكثر من 100 مدرسة ثانوية تحت سيطرة الإدارة الذاتية. ماذا فعلوا بها؟".

ينبغي أن توفر المدارس بيئة صفية وبنية تحتية وكادر تعليمي

يطرح سعدون مسألة سوية التعليم قائلاً: "من المفترض أن تقدم الإدارة الذاتية أعلى مما كانت تقدمه الدولة على مستوى التعليم، والبيئة التعليمية، والكادر التعليمي، بالإضافة إلى الإدارة والمناهج والأدوات وغيرها". يتابع: "يجب أن نعترف أن منظومة التربية شمال شرق سورية شبه منهارة، وما من إمكانيات لتدبير شؤون التربية والتعليم في محافظة الحسكة على الأقل كون هناك مربعات أمنية. المدارس بشكل عام في القامشلي والحسكة أصبحت غير مؤهلة بسبب الظروف. بمقارنة بسيطة، وعلى الرغم من استقرار الأوضاع بالنسبة للتربية والتعليم لدى الإدارة الذاتية، من المفترض أن تقدم شيئاً أفضل مما قدمته حكومة النظام. في مناهج التربية في الدول المتقدمة، يتم تقديم أدوات مساعدة في التربية والتعليم مثل اللابتوبات، القرطاسية، أو حتى وجبة الإفطار".
أما عن مشكلة التسرب المدرسي في سورية، يوضح سعدون أن التسرب شيء فظيع. في سورية، هناك ثلاثة ملايين طفل متسرب من المدارس، ونسبة كبيرة جداً في محافظة الحسكة وشمال شرق سورية. كما هو ملاحظ، التعليم شمال شرق سورية في محافظة الحسكة يتجه إلى الخصخصة، وهذا شيء معلوم جداً. من لا يملك المال لا يستطيع أن يرسل أولاده إلى مدارس نظامية معترف بها، بالتالي لا يدخل إلى الجامعة. جميع الفقراء إما يتجهون إلى مدارس الإدارة الذاتية، أو إلى الصناعة والأعمال الأخرى والحرف". 

طلاب وشباب
التحديثات الحية

وينقسم التلاميذ إلى ثلاثة أصناف. الأطفال: قسم منهم يذهب مباشرة إلى الصناعات والأعمال المهنية والحرفية لإعالة أهلهم، أو لأن أهلهم غير قادرين على دفع تكاليف دراستهم الخاصة. وقسم يذهب إلى مدارس الدولة وهي النسبة الأكبر، وقسم آخر يذهب إلى مدارس الإدارة الذاتية كونه مجبراً. يفضل الجميع أن يتعلم أولاده ولو كانت الشهادة غير معترف بها، لكنهم يأملون أن يكون المستقبل مختلفاً، وأن يكونوا موظفين في مستشفى الإدارة الذاتية مثلاً، أو ألا يبقى الأطفال في الشارع على الأقل".  
وفي ما يتعلق بأي تغييرات محتملة على ملف التربية والتعليم في الإدارة الذاتية، يقول سعدون إنه لا يتوقع حدوث أي تغيير على ملف التربية والتعليم. يتابع أن المشاكل التي كانت موجودة سابقاً في منظومة التربية والتعليم ما زالت قائمة.
يشار إلى أن الإدارة الذاتية بدأت الاستحواذ على ملف التعليم شمال شرق سورية منذ عام 2014، وتدرجت من الصفوف الإبتدائية، وصولاً إلى المرحلة الثانوية عام 2016. وأصدرت هيئة التربية والتعليم التابعة لها قراراً بإغلاق كلّ صفوف الثالث الثانوي التابعة لسلطة وزارة التربية في حكومة النظام السوري، وذلك في مدينتَي الحسكة والقامشلي ومناطق أخرى تابعة لها في شمال شرق سورية عام 2020.

المساهمون