بيع ملابس العيد وسيلة شباب ليبيا لمحاربة البطالة

12 مايو 2021
ينشطون في بيع ملابس العيد (Getty)
+ الخط -

وجد كثير من الشباب الليبي في رمضان فرصة للعمل الحر لرفع مستواهم المعيشي، من خلال عدة مهن وأشغال توفر خدمات يحتاجها المواطن خلال شهر الصيام، وأيضا بمناسبة العيد.

واختلفت المهن والأشغال التي أقبل عليها الشبان والشابات بحسب ما تتيحه السوق من متطلبات.

نجلاء الأحيرش وإخوتها، من البيضاء، شرق البلاد، من الشباب الذين استفادوا من هذه الفرص، إذ اشتغلت في إعداد الحلويات وبيعها، بينما حرص عادل السيد، من طرابلس، على شراء ألبسة عيد الفطر وإعادة تسويقها بهذه المناسبة، وأكد كلاهما أنهما حققا دخلا جيدا.

وقالت الأحيرش، في حديثها لــ"العربي الجديد"، إنها وإخوتها استفادوا من رمضان ومواسم أخرى، كموسم التمور والزيتون، لتوفير دخل مناسب لهم بعد وفاة والديهم.

وأشارت إلى أنها اشترت المواد الكافية واللازمة لصنع أصناف من الحلويات الشعبية التي ترغب فيها الأسر، وأضافت "غالبية الأصناف المستوردة من خارج البلاد، ووفرة محلات الحلويات جعلت الأصناف القديمة تتراجع، ففكرنا في تصنيعها وتسويقها، فكانت فكرة جيدة ولقيت إقبالا كبيرا".

وإضافة لعملها في إعداد أصناف من "المقروض" و"الغريبة" و"لقمة القاضي"، عمل أخوها وأختها في التسويق للمحال ونقل طلبات الزبائن إلى بيوتهم بمقابل مادي للتوصيل المنزلي. وأكدت الأحيرش أنها لم تهدف للربح فقط بل لتوفير فرصة عمل لشقيقها الذي تخرج منذ ثلاث سنوات دون أن يجد عملا.

ورغم جائحة كورونا، إلا أن فرج شريدة، وهو مواطن من طرابلس، أكد إقبال الناس على التسوق اليومي، وقال "هذه البهجة حرمنا منها طيلة سنوات بسبب الحرب، والآن لا نريد أن تعكر كورونا صفونا"، وأشار إلى أن جهود التهدئة التي تشهدها البلاد أعادت جوانب كثيرة من احتفال الليبيين برمضان.

وأجبرت ظروف الحرب شريدة على وقف نشاطه بسبب إقفال سوق الجملة بقصر بن غشير، جنوب طرابلس، لكن توقف الحرب وعودة السوق فتح أمامه بابا للأمل في أن يقتنص فرصة للعمل.

وعلى الرغم من أن شريدة يعمل في سوق الخضر الذي تراجع الإقبال عليه في النصف الأخير من شهر رمضان لصالح ألبسة العيد، إلا أنه وفر له فرصة كبيرة للعمل وتعويض موسم العامين الماضيين، حسب قوله.

أما عادل السيد، فقد استعد هو الآخر بشراء ألبسة عيد الفطر لإعادة تسويقها، وقال لـ"العربي الجديد"، إنه بات على دراية بتفاصيل ومتطلبات الناس من الملابس، ولذا فقد خزن الكثير من موديلات الملابس الشعبية التي يقبل على شرائها المواطن في العيد، وأضاف "ينشط سوق الملابس في الليالي العشر الأخيرة من الشهر، وخصوصا آخر الليالي".

ولا تسمح إمكانيات عادل بامتلاك محل خاص به، ولذا فهو يقوم بتوزيع بضائعه من الملابس الشعبية على المحال التجارية في طرابلس بالتنقل بينها.

وتكتظ بعض الشوارع الرئيسية داخل طرابلس وبنغازي ومدن أخرى بالأسواق الشعبية التي تضمّ في الأغلب الباعة ومقتنصي فرص العمل، ففي طرابلس يقف عشرات الشباب أمام طاولات بُسطت عليها ألبسة وحلي وزينة في سوق المشير المعروف، بالإضافة لسوق الرشيد وأبوسليم، أما في بنغازي، فأشهرها سوق الحديقة، وسوق الجمعة، وسوق جنيهين وغيرها، حيث يقبل عليها أصحاب الدخل المتوسط بسبب رخص أسعارها.

وتحدث الناشط المدني مالك هراسة عن توفير رمضان فرص عمل كبيرة للشباب، منها حراسة البضائع في المحال الكبيرة والعمل كبائعين في بعضها، بالإضافة لإقبال بعضهم على العمل بسيارتهم الخاصة لنقل الناس أو البضائع من مدينة إلى أخرى.

واعتبر هراسة أن إقبال الشباب الليبي على البحث عن فرص عمل يؤشر إلى أن المعدلات التي ترصدها السلطات عن البطالة قد تكون غير دقيقة. وأكد خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه رصد تراجعا كبيرا للعمالة الأجنبية في المحال التجارية والأسواق الشعبية مقابل إقبال كبير من الشباب الليبي.

ولا يتوفر رصد رسمي لنسب البطالة في البلاد، فبينما تشير تصريحات مسؤولين إلى بلوغها 40% ضمن شريحة الشباب، تشير أخرى إلى أنها أقل من ذلك أو أنها نصف هذه النسبة، لكن هراسة لفت إلى أن الاختلاف راجع إلى تصنيف البطالة بين كلي وجزئي.

ورأى هراسة أن نسبة 40% تمثل البطالة الجزئية، إذ تتوفر للمواطن وظيفة رسمية براتب متدن دون أن يتحصل على موارد أخرى، لكن بالمقابل فإن انتشار ثقافة البحث عن فرص للعمل من خلال المواسم ستساهم في تراجع البطالة الجزئية بين الشباب، ولكن سيكون أثرها سلبيا بخلق بطالة مقنعة من خلال الاعتماد على فرص العمل البديلة والتحايل للتغيب عن الوظائف الرسمية.

المساهمون