بلدة عزمارين السورية الحدودية منكوبة بسبب الزلزال

22 فبراير 2023
دمر الزلزال عشرات المنازل (بكير قاسم/الأناضول)
+ الخط -

استقبلت "عزمارين" الواقعة على الحدود السورية التركية، الكثير من النازحين والمهجرين من مختلف المدن والمحافظات السورية خلال السنوات الماضية، على الرغم من مساحتها الصغيرة، لكونها إحدى البلدات الواقعة ضمن مناطق سيطرة المعارضة، ولأنها آمنة نوعاً ما من ضربات النظام.  
يقول رئيس المجلس المحلي لبلدة عزمارين، عبد الرزاق غنام، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "ضحايا البلدة بلغ عددهم 251 قتيلاً، إضافة إلى إصابة 280 آخرين، أغلبهم من النساء والأطفال"، مشيراً إلى أنه شخصياً فقد أكثر من 50 شخصاً من عائلته في الزلزال.
وأشار غنام إلى أن الزلزال سبّب دمار 16 بناءً بشكل كامل في البلدة، وتضرر 150 بناءً جزئياً، فضلاً عن 20 بناءً أخرى مهددة بالانهيار وغير صالحة للسكن، لافتاً إلى أنه "في اليوم الثالث من الزلزال، انتهينا من استخراج جميع العالقين تحت الأنقاض بجهود الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء). سكان عزمارين بحاجة ماسة حالياً إلى الخيام، والغذاء، والتدفئة، ولا سيما أن العوائل لا تأمن حتى اللحظة النوم في منازلها، وتتخذ من الحقول والأحراج ومراكز الإيواء مكاناً للبقاء، تحسباً لأي طارئ، كذلك إن دعم الأهالي لحاجات المتضررين من الزلزال في المنطقة كانت جيدة".
وفي عام 2004 بلغ عدد سكان عزمارين 3720 نسمة، ومنذ ذلك الحين بدأ عدد سكان البلدة يتزايد، وبعد الثورة على النظام السوري، تزايد عدد السكان كثيراً، حتى وصل في بعض الأوقات إلى 15 ألف نسمة، وحالياً تضم البلدة أكثر من 2800 نازح ومهجر من مختلف المدن والمحافظات السورية، حسب المجلس المحلي.
من جانبه، يؤكد عيسى عبد الحيّ، وهو من أهالي عزمارين، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الوضع الحالي في البلدة كارثي، والناس لا يزالون حتى اللحظة مصدومين مما حصل بعد الزلزال"، مشيراً إلى أن اثنين من أبناء عمومته قضيا تحت أنقاض المباني التي دمرها الزلزال في البلدة، كذلك تهدمت عدة أبنية لأقاربه، أو تصدعت بفعل الزلزال، والعديد من الأهالي باتوا بلا مأوى.

بدوره، يقول محمود ناصيف، وهو نازح يقيم في عزمارين، لـ"العربي الجديد"، إن "الزلزال العنيف سبّب أضراراً كبيرة في البلدة، والأضرار بشرية ومادية، وهناك ضحايا من بين النازحين إلى البلدة، فضلاً عن الأهالي، ونحو 50 في المائة من الأبنية تضررت بالكامل، أو جزئياً"، ويلفت إلى أن "سبب ارتفاع أعداد الضحايا في البلدة، فوضى البناء العارمة، إذ لم يكن يُسمح في السابق بارتفاع الأبنية أكثر من ثلاثة طوابق، لأن الأرض غير صالحة لتحمّل أبنية مرتفعة، بينما في السنوات الأخيرة خالف البعض هذه الشروط، وأقاموا أبنية مرتفعة، إضافة إلى أن الكثافة السكانية الكبيرة في البلدة شجعت على ذلك، كذلك فإنها أيضاً سبب في كثرة عدد الضحايا".

يخشى كثير من الأهالي العودة إلى المنازل (محمد سعيد/الأناضول)
يخشى كثير من الأهالي العودة إلى المنازل (محمد سعيد/الأناضول)

ويوضح ناصيف، قائلاً: "اسم عزمارين منقول من اسم أطلقته عليها سيدة كانت تملك أراضيها، وهو (عزُ المارّين)، ويعني أن من يمرّ بها يكون عزيزاً ويكرمه أهلها"، مضيفاً أن البلدة تشتهر بزراعة الرمان والزيتون. 
نزح عبد القادر العلي، من ريف إدلب الجنوبي، وهو يقيم في عزمارين منذ 3 سنوات، وانهار البيت الذي استأجره خلال الزلزال. يقول لـ"العربي الجديد": "الدمار في البلدة كبير، والأبنية التي لم تتدمر مهددة بالسقوط في أي وقت، ولن تتحمل أية هزات جديدة. اعتدت الحياة في البلدة، وكنت أشعر بأنني بين أهلي، وأن السكان أبناء بلدتي، واليوم أصبحت مثل الكثير من أهالي البلدة أعيش في الخيام منذ الزلزال الذي ضرب المنطقة. الكارثة كبيرة، وبالكاد نستوعب حتى الآن ما حصل، لكون مشاهد البيوت المنهارة شيئاً يبعث الخوف في النفس. كأن السوريين كتبت عليهم التعاسة والتشرد. لم نسلم من النظام وجيشه الذي دمرنا بالقصف، لنواجه كارثة طبيعية لم تحصل منذ عقود".

ويرى العلي أن "الوضع حالياً لا يسمح بالتفكير في شيء أبعد من الحصول على خيمة. في الوقت الحالي همّي الوحيد الحفاظ على سلامة أطفالي، والحفاظ على الخيمة التي نقيم فيها، ولن أفكر في الانتقال إلى بيت حتى تستقر الأمور، فالبلدة تحول كثير من منازلها إلى ركام، ولن يكون من السهل إعادة إعمارها. في الفترة المقبلة، سأحاول أن أستقر بمكان أستطيع مواصلة عملي منه. فقدت بعض الأصدقاء والجيران تحت الأنقاض، وقد كانوا أهلاً لي خلال السنوات التي عشتها في البلدة، ولم أكن أشعر معهم بالغربة".

المساهمون