"بلح رمضان"... إطلاق أسماء فلسطينية على أصناف التمور المصرية

09 مارس 2024
أصناف التمور بأسماء مدن فلسطين (العربي الجديد)
+ الخط -

يعرض عشرات من باعة التمور و"ياميش رمضان (مكسرات وفواكه مجففة)" بضائعهم في سوق المنشية بمدينة الإسكندرية شمالي مصر، مع اقتراب شهر الصيام، لكن الزبائن تتزاحم على بائع منهم للشراء رغم أن البضائع المعروضة لا تختلف في جودتها أو أسعارها بين بائع وآخر. الفارق الوحيد كان إطلاقه أسماء المدن والمناطق الفلسطينية على أصناف التمور التي يطلق عليها شعبياً اسم "البلح".
يستخدم البائع علي إسماعيل تلك الأسماء الفلسطينية وسيلةً لجذب انتباه الزبائن، فضلاً عن إحياء الروح الفلسطينية، وهو ينادي على بضاعته بأسماء القدس وغزة وعكا وخانيونس ورام الله ورأس النقب وغيرها، يتجاوب الزبائن باهتمام، ما يدفعهم إلى الاقتراب والسؤال عن أسعار السلع المعروضة.

نجحت استراتيجية البائع الذكية في تحفيز فضول الزبائن، ودفعهم شعور التواصل مع التاريخ الفلسطيني، والرغبة في إبراز الدعم لأهالي غزة، وإن كان معنوياً، إلى الإقبال عليه. يقول إسماعيل لـ"العربي الجديد"، إنه يشعر بسعادة غامرة بسبب تفاعل الزبائن معه، وتفضيلهم الأصناف المعروضة بأسماء فلسطينية، مضيفاً: "أردت أن أخلق جواً مميزاً، وأحيي الأسماء الفلسطينية، وأذكر الناس بالمجازر التي يتعرض لها أشقاؤنا على الحدود المصرية، فلم أجد أفضل من تذكيرهم بأسماء الأماكن التي تتعرض للقصف أو الاحتلال".
يتابع إسماعيل: "لم أكن أتخيل إقبال الزبائن على التمور بمجرد تغيير أسمائها إلى أسماء المدن الفلسطينية، لكن التفاعل فاق توقعاتي، وحرص بعض الزبائن على التقاط صور بجوار اللافتات بعد شراء الكميات التي يحتاجون إليها، على الرغم من تأكيدي لهم أن الموضوع لا يتجاوز الأسماء، وأن مصدر تلك التمور هي مدينة أسوان، وواحة سيوة. أسعار التمور عندي لا تختلف كثيراً عن بقية أسعار السوق، لكني أقدم جميع أصناف الياميش للفلسطينيين مجاناً".

يعترف بقية باعة السوق بنجاح إسماعيل في جذب الزبائن عبر تلك الطريقة التسويقية الذكية. ويقول التاجر أشرف أبو أسعد: "إطلاق أسماء المدن والمناطق الفلسطينية على أصناف التمور حيلة تسويقية تهدف في المقام الأول إلى جذب الانتباه وتعزيز المبيعات، وليس لها أية دوافع وطنية أو عروبية، وإنما دوافع ربحية. في كل عام، ومع اقتراب شهر رمضان، يتفاعل سوق البلح في مصر مع الأحداث الرائجة، وتحمل الأصناف أسماء شخصيات تشغل الراي العام، ويتبارى التجار في إطلاق أسماء تواكب الأحداث، وبعضها تتعلق بالسياسة، أو الفن، أو الرياضة، ومن الأسماء الرائجة هذا العام أبو عبيدة وغزة".

بات اسم أبو عبيدة علامة مميزة (العربي الجديد)
بات اسم أبو عبيدة علامة مميزة (العربي الجديد)

وأعرب عدد من الزبائن عن إعجابهم بالفكرة المبتكرة، ورحبوا بها تعزيزاً للوعي الثقافي والتاريخي. يقول عمر فتيحة: "أعجبتني فكرة استخدام أسماء المدن الفلسطينية، فهي تذكرنا بتاريخنا، وتعزز الوعي بالقضية الفلسطينية، وقررت دعم هذا البائع بشراء التمور والياميش منه، وغالبية الزبائن يقبلون على الشراء منه دعماً لفلسطين، وإن كانت البضائع مصرية. يكفي أنه فكر في ربط بضاعته بالقضية الفلسطينية، وأعاد إلى آذاننا وأبصارنا أسماء تلك المدن والمناطق المحببة لقلوبنا".

وتقول ثريا راتب: "الفكرة تستحق الدعم، وسأوصي عائلتي وأصدقائي بمنتجات هذا البائع، ففكرة استخدام أسماء المدن الفلسطينية مؤثرة، كما أن البلح الذي اشتريته كان لذيذاً وطازجاً، ولم يستخدم البائع المشاعر الوطنية لبيع أصناف سيئة".
وتشهد شوارع الإسكندرية ظاهرة انتشار عبارة "غزة العزة" على خلفيات السيارات، وتعبر الظاهرة عن التضامن مع الشعب الفلسطيني، واستنكار العدوان الإسرائيلي، واستمرار إراقة الدماء وتدمير البنية التحتية في قطاع غزة، ويعتبرون هذه العبارة البسيطة تعبيراً عن الصمود الذي يبديه الفلسطينيون في مواجهة القوة العسكرية الصهيونية.
وتلفت الأنظار الأعداد الكبيرة من السيارات في شوارع الإسكندرية التي تحمل هذه العبارة الرمزية، وتتنوع ألوانها وتصاميمها، لكن الرسالة واحدة، وهي الوقوف إلى جانب غزة، والتعبير عن الغضب إزاء استمرار العدوان.

يقول أحمد علاء الدين: "وضعت عبارة 'غزة العزة' على خلفية سيارتي لأنني أردت إظهار تضامني الكامل مع إخواننا في غزة، وتأكيد أن العدوان الإسرائيلي الغاشم لا يمكن تجاهله، وهي ليست مجرد رمز، بل تعبير حقيقي عن انتمائنا إلى القضية الفلسطينية، والتضامن الحقيقي مع إخوتنا في غزة، واستخدام السيارات وسيلة للتعبير عن الرأي يجعل الرسالة تصل إلى عدد كبير من الأشخاص، حيث يمكن للكثيرين رؤيتها، وقد يؤدي ذلك إلى زيادة الوعي، وفتح باب المشاركة في النقاش العام حول أهمية التضامن مع قطاع غزة". 

المساهمون