في الرابع من فبراير/ شباط الجاري، عُلّق العمل بقرار الحظر المفروض على القامشلي، على خلفية أزمة كورونا العالمية. وبدأ السكان هناك يستعيدون حياتهم.
مرّت أيام الحظر الذي فرضه تفشّي فيروس كورونا على السوريين في مدينة القامشلي، شمال شرقي البلاد، بحلوها ومرها. وكانت الإدارة الذاتية في المنطقة قد عمدت منذ بدء تفشي الفيروس إلى الحظر الكلي لمرات متتالية مع استثناءات، ثمّ حظر جزئي لساعات محددة في اليوم، وصولاً إلى تعليق الحظر في المنطقة. والحظر الذي فُرض أتى كارثياً، فالمتضررون كثر من جرّائه في وقت ثمّة من رأى فيه خطوة ضرورية ومطلوبة للحدّ من تفشي الوباء الذي أنهك العالم ووقفت دول كبرى عاجزة عن مواجهته فاختارت الإغلاق الكامل وسيلة لكبح جماحه.
فيصل الدواس، من أبناء القامشلي، يشكو لـ"العربي الجديد"، من تضرّر عمله بشدّة، ويشير إلى أنّ "الناس في السوق لا يضعون كمامات وغير ملتزمين بالتباعد الاجتماعي. لا أتّهمهم باللامبالاة، لكنّ الوقت كان كفيلاً بإسقاط كل إجراءات مواجهة الفيروس. لم تعد هناك رغبة لدينا في وضع الكمامة والتعقيم المستمر. مضت أشهر كثيرة مذ بدأ الفيروس ينتشر في المنطقة، وقد كُسر حاجز الخوف والحذر لدى الناس، بالتالي لا شيء مجد". يضيف الدواس أنّ "الحظر لم يكن حقيقياً. فالسوق كان يغلق بعد الساعة الخامسة عصراً، لكن من وجهة نظري لم يكن ثمّة تطبيق فعلي لحظر التجوّل، والدليل على ذلك الأعراس. فمن يريد أن يقيم عرساً كان يتوجه إلى منطقة المربع الأمني في المدينة من دون مراعاة أو اكتراث بفيروس كورونا وكأنّه غير موجود أساساً وكأنّ أيّ إصابة لم تُسجّل به في القامشلي".
وقرار الإدارة الذاتية بخصوص وقف العمل بالحظر الجزئي صدر في الثالث من فبراير/ شباط الجاري، ونصّ على تعليق العمل بكل القرارات الصادرة عن الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي لشمال وشرق سورية بالحظر الكلي أو الجزئي التي فُرضت بسبب جائحة كورونا.
يقول نافع العبد الله، ابن القامشلي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحظر مفيد، لكنّ كثيرين لم يكونوا واعين بخصوصه ورأوا أنّه حجز للحرية فقط. ومنذ اليوم الأول لرفع الحظر (الرابع من فبراير/ شباط الجاري)، بدأت الحركة تتغيّر في الشارع، والناس بدأوا يقصدون السوق كما في السابق". يضيف أنّه "لا يمكن الحكم فوراً على ما إذا كان الأمر مجدياً أم لا، إذ إنّه يتطلب فترة قد تصل إلى نصف شهر". ويشدد العبد الله على أنه "بالنسبة إليّ، فإنّ الوعي وحفاظ الناس في المدينة على التباعد الاجتماعي هما أهم من قرارات الحظر الجزئي والكلي. ففي النهاية كل شخص مسؤول عن نفسه وعن محيطه، ويجب أن يعرف كيف يمنع وصول الفيروس إليه وإلى الأشخاص المحيطين به. والدافع هنا شخصي قبل أن يكون إلزامياً".
من جهتها، تخبر دينا سليمان، ابنة القامشلي، "العربي الجديد"، بأنّها كانت تشعر بـ"الغربة" عندما كانت تنزل إلى الشارع لشراء بعض الحاجيات وهي تضع الكمامة. تضيف أنّ "هذا الشعور كان يأتي نتيجة نظرة الناس في الشارع. أمّا اليوم، فالحظر ألغي والوباء بالنسبة إلى كثيرين لم يعد موجوداً".
وقرار رفع الحظر أتى بعد انخفاض ملحوظ في معدل الإصابات بفيروس كورونا بين المواطنين في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية بمحافظة الحسكة وعموم المناطق التي تسيطر عليها. فيوم الخميس، الرابع من فبراير/ شباط الجاري، بلغ عدد المصابين بفيروس كورونا في عموم المنطقة سبعة أشخاص، ليكون إجمالي عدد المصابين بالفيروس هو 8523 مصاباً، فيما تعافى منهم 1218 وتوفي 296.
يؤكد محمد نعسان، المقيم في مدينة القامشلي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الهموم التي تلاحق الأهالي والسكان أكبر من أن يفكّروا بفيروس كورونا وطرق الوقاية منه. وقرار إلغاء الحظر بالنسبة إلى بعض منّا أمر مهم، فنحن سنتمكن من العمل وكسب عيشنا". يضيف أنّ "المنطقة دخلت مرحلة مناعة القطيع في مواجهة الفيروس، ولم يعد للحظر أيّ تأثير في الحدّ من تفشيه بعد كلّ تلك الأشهر التي مضت على بلوغه المنطقة".
وكانت الإدارة الذاتية قد مددت في 20 يناير/ كانون الثاني الماضي، قرار الإغلاق الجزئي لمدّة 15 يوماً في كل من مناطق الرقة والطبقة والقامشلي والحسكة. وجاء ذلك بعد قرار أوّل بإغلاق كلي صدر في أواخر عام 2020 للحدّ من انتشار فيروس كورونا.
من جهة أخرى، يبدو أنّ ثمّة مشاكل وعراقيل تمنع وصول اللقاح إلى مناطق شمال شرق سورية. ووفق تقرير صدر عن منظمة "هيومن رايتس ووتش" في الثاني من فبراير/ شباط الجاري، فإنّ "ضمان وصول لقاح كورونا إلى شمال شرق سورية عبر الحكومة السورية حصراً ينطوي على عدد من المشاكل الكبيرة. ثلاثة من المعابر الحدودية الأربعة التي أجازها مجلس الأمن لتوزيع المساعدات أُغلقت أمام عبور المساعدات في يناير/ كانون الثاني الماضي ويوليو/ تموز 2020، في حين ما زال معبر حدودي واحد مفتوحاً في شمال غرب سورية. وتعتمد وكالات الأمم المتحدة التي تقدّم المساعدة إلى شمال شرق سورية الآن على دمشق في التوصيل والخدمات عبر مناطق السيطرة".