دفعت التأثيرات التي تركتها جائحة كورونا، إلى بدء المجتمع العلمي الطبي تجهيز خطط استباقية لمواجهة أي جائحة مستقبلية، وكشفت صحيفة "ذا ميرور" البريطانية أن المملكة المتحدة تجهّز في قاعدة "بورتون داون" العسكرية، مختبراً طبياً لمواجهة "مرض X"، وهو مصطلح لوصف مرض غير معروف في العلوم الطبية، ويسبب عدوى للبشرية من خلال فيروس أو بكتيريا أو فطريات، ولا لقاحات أو علاجات له، وذلك بهدف تحضير لقاحات خلال 100 يوم من ظهور أي فيروس جديد.
واطلعت لجنة في البرلمان البريطاني على تحقيق خاص بفيروس كورونا تحدث عن أن "الحكومات البريطانية السابقة لم تكن مستعدة لمواجهة جائحة، وأنها ركّزت خططها بشكل كبير على احتمال انتشار جائحة إنفلونزا بدلاً من فيروسات أخرى"، وهو ما اعترف به رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون.
تقول كبيرة المسؤولين العلميين في وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة، إيزابيل أوليفر، لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية: "نعلم من خلال التقدم العلمي أننا نستطيع اكتشاف الجوائح والتحكم بها قبل أن تؤثر في حياة الناس. والاستعداد لمواجهة جميع التهديدات أمر أساسي في آليات عملنا".
وأعلنت الحكومة أن المركز يؤكد التزام المملكة المتحدة بمهمة 100 يوم لمعالجة أي مرض مستقبلي، وهو هدف عالمي حددته مجموعة الدول السبع في عام 2021 بهدف نشر لقاح ضد أي تهديد وبائي جديد خلال 100 يوم من رصده.
وأمل وزير الصحة، ستيف باركلي، أن يعزز المركز الجديد المكانة العالمية للمملكة المتحدة في تصدّر التأهب لمواجهة الأوبئة وتطوير اللقاحات والاكتشافات العلمية.
وتعتبر رئيسة وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة، جيني هاريز، أن "ظهور وتفشي أوبئة مثل كورونا أصبحا أكثر احتمالاً بسبب تغيّر المناخ وتزايد عدد سكان العالم، لذا من الضروري العمل لمنع انتشار أي جائحة مستقبلية قد تؤثر في حياة الناس".
ويقول خبراء إنه يصعب تحديد ماهية "مرض X"، لكن يمكن الاستعداد لإنتاج لقاحات لبعض عائلات الفيروسات، كي يستعد المجتمع الطبي لمواجهة وباء والحدّ من الخسائر البشرية والاقتصادية.
وتفيد صحيفة "ذا ميرور" بأن مساحة المختبر تبلغ 7000 فدان، وتشير إلى أن "تركيز الأطباء في المرحلة الراهنة ينصب على كيفية مكافحة الإرهاب والدفاع عن بريطانيا ضد الأمراض المعدية. وكانت القاعدة العسكرية في طليعة المعركة العالمية ضد فيروس كورونا، ووسعت مختبراتها بسرعة لاختبار اللقاحات الحالية على أنواع جديدة من الفيروس".
وتضم القاعدة العسكرية مختبراً خاصاً للأسلحة البيولوجية، وهو مخصص لعلماء يملكون تصاريح أمنية. واستطاع فريق "ذا ميرور"، من خلال شاشات كبيرة، التعرف على ماهية عمل المختبر، واطلع على كيفية تفاعل بعض الفيروسات الحيّة في أنابيب مخصصة للفحص والدراسة، والتي احتوت على عينات دم من متطوعين جرى تلقيحهم.
وتشير الصحيفة إلى أن المختبر يصدر لقاحات تجريبية ضد فيروسات جديدة تتعلق بكورونا وإنفلونزا الطيور وجدري القرود والسل وفيروس "هانتا"، وهي عدوى شديدة يمكن أن تنتقل من القوارض إلى البشر، وأن الباحثين يعملون على تطوير لقاح لحمى القرم - الكونغو النزفية التي يبلغ معدل الوفيات بها 30 في المائة.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، قد يسبب أي "مرض X" تفشي وباء دولي خطير، ومن أجل مكافحة التفشي، يطالب خبراء طبيون في أنحاء العالم بزيادة أموال دعم مراقبة العوامل المحتملة للأوبئة.
وفي يونيو/ تموز 2022، طالب خبراء الصحة في بريطانيا الحكومة بالاستعداد لمواجهة "مرض X"، بعدما كشفت تقارير عن إصابات بفيروس شلل الأطفال في عينات مياه الصرف الصحي في لندن، وتفشي جدري القرود وحمّى "لاسا" وإنفلونزا الطيور في السنوات الأخيرة.
ونشرت منظمة الصحة العالمية للمرة الأولى في عام 2017، قائمة بأمراض قالت إنها "تتسبب في جوائح مميتة، وأجرت تمريناً لتحديد الأولويات في العام التالي".
وحالياً، تشمل القائمة فيروس كورونا، وفيروس "إيبولا"، وفيروس "ماربورغ"، وحمّى "لاسا"، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس)، ومتلازمة الجهاز التنفسي الحادة الوخيمة (سارس)، وفيروس "نيباه"، و"زيكا"، وأدرج "مرض X" في القائمة أخيراً.
ويعتقد خبراء في الصحة العامة أن "مرض X" القادم سيكون حيوانياً، ما يعني أنه سينشأ في حيوانات برية أو أليفة، ثم ينتشر ليصيب البشر، علماً أن أمراضاً مثل "إيبولا" وفيروس نقص المناعة البشرية (إيدز) و"كوفيد- 19" أمراض حيوانية المنشأ، ويؤكد بعض الباحثين أن "كوفيد- 19" لم يكن الأول الذي أحدث دماراً في العالم، ولن يكون الأخير، لذا يجب الاستعداد للتفشي التالي