خيّم الظلام على مخيمات الشمال السوري طيلة فترة المنخفض الجوي الحالي، بسبب انقطاع الكهرباء عن خيامهم، وغياب أي طاقة بديلة تعوضهم، وهو ما شكل تحدّياً جديداً للطلاب في التحضير الجيد لامتحانات منتصف العام.
وتعتمد المخيمات بالدرجة الأولى على أنظمة ألواح الطاقة الشمسية لتعويض غياب الكهرباء الأساسية، إلّا أن الأجواء المناخية الشتوية وغياب الشمس المستمر وقصر ساعات النهار حدّت من كمية الطاقة المتولدة، وبالتالي أثّرت على حياتهم وقضاء حاجاتهم اليومية، والأهم من ذلك كله الإنارة التي شكلت تحدياً للأهالي في تعليم أبنائهم بالتزامن مع امتحانات الفصل الدراسي الأولى.
تحاول غالية جبالي (33 عاماً) استغلال ساعات النهار لتعليم أبنائها الذين يحضرون للامتحانات التي بدأت في السادس عشر من الشهر الحالي ومستمرة على مدى ثمانية أيام، غير أن قصر ساعات النهار وعدم وجود الإضاءة في الليل حالا دون تحضيرهم الجيد هذا العام.
تقول غالية إنها تعتمد على لوحي طاقة شمسية وبطارية صغيرة ورافع جهد في الحصول على الكهرباء وتخديم المنزل من الإنارة وتشغيل بعض الأدوات المنزلية وشحن الموبايل، غير أن غياب الشمس مدة طويلة حال دون شحن البطارية التي انخفض جهدها بشكل لم تعد فيه قادرة على تشغيل إضاءة فقط، ما دفعها لتأجيل كافة الأعمال المنزلية إلى حين تحسن أحوال الطقس.
وأضافت أنها تضطر للنوم باكراً مع أطفالها الخمسة كل يوم جراء العتمة "المخيفة " التي راحت تسود كافة أرجاء مخيمهم الواقع على أطراف بلدة البردقلي شمال إدلب.
تواجه غالية صعوبات يومية في توفير الشحن وشبكة الإنترنت للتواصل مع مجموعة صفوف أبنائها وتوجهات معلميهم، لتتمكن من متابعة حفظهم المواد اللازمة وما هو محذوف أو مطلوب للامتحان، وتقول "أتوق لتحسين الأحوال الجوية وشروق الشمس على حياتنا المظلمة من جديد".
أما الطفل مناف الرحمون البالغ من العمر تسع سنوات، فهو يشكو قلة ساعات النهار التي لا تكفيه لمراجعة مواده قبل الامتحان، ويقول: "نبدأ الامتحان في الساعة العاشرة صباحاً وننتهي عند الظهيرة، ولا نكاد ننتهي من الطعام والصلاة وإنجاز بعض الأعمال المنزلية لمساعدة أمي حتى يخيم الليل ومعه العتمة والظلام، من دون أن أتمكن من تحضير المواد بشكل جيد".
وأشار إلى أن الكهرباء غائبة عن خيمته الواقعة على أطراف مدينة قاح، شمال إدلب، منذ أكثر من أسبوع، بينما اعتاد في السابق الحفظ والتحضير في ساعات المساء، وهو ما لم يعد متاحاً مع غياب الشمس المتواصل وأثّر بشكل غير مباشر على مستواه الدراسي.
وسائل تقليدية لمساعدة الأبناء
من جانبه، قال النازح أحمد المعراتي (40 عاماً) إنه بدأ يلجأ للوسائل التقليدية في مساعدة أبنائه على الحفظ والتحضير للامتحانات، كاستخدام الشموع وضوء الكاز من أجل بعث بعض الإضاءة في الخيمة، خاصة أن ألواح الطاقة الشمسية لم تعد تعمل منذ بداية المنخفض الجوي.
وأوضح أن هذه الصعوبات تتكرر معهم كل عام، لا سيما أنهم يعتمدون بشكل أساسي على الطاقة الشمسية بديلاً عن الكهرباء، ولم يكن حظ المخيمات جيداً كما المدن التي مُدّدت خطوط الكهرباء لها منذ أكثر من عامين، وبقيت شريحة كبيرة من الأهالي تعتمد على أنظمة الطاقة البديلة، وتزداد معاناتهم خلال فصل الشتاء، مع انخفاض فعالية شحن البطاريات عبر الألواح الشمسية بسبب غياب الشمس، ما يسبب نفاد البطاريات وزيادة استهلاكها.
ولا تتوقف المناشدات بتوفير الكهرباء لأهالي المخيمات الذين يعيشون أوضاعاً إنسانية صعبة، وظروفاً مأساوية، في ظل فقدان أدنى مقومات الحياة.
ويعيش في المخيمات على الحدود مع تركيا في ريفي إدلب وحلب أكثر من 1.5 مليون شخص، هجرهم النظام السوري وحليفه الروسي، في أكثر من 1400 مخيم، بينها نحو 500 مخيم عشوائي، تفتقد للبنية التحتية الأساسية من طرقات ومياه وكهرباء وشبكات صرف صحي.