انطلاق محادثات أممية بشأن المناخ وسط فيضانات وحرائق

26 يوليو 2021
التغير المناخي يهدد مستقبل الأجيال على كوكب الأرض (Getty)
+ الخط -

تبدأ نحو 200 دولة مفاوضات عبر الإنترنت، الإثنين، للمصادقة على تقرير علمي للأمم المتحدة سيؤسس لقمم مرتقبة خلال الخريف، تعنى بمهمة تجنيب العالم كارثة مناخية على نطاق الكوكب.

وفي ظل موجات حر وجفاف قياسية، وفيضانات اجتاحت ثلاث قارّات خلال الأسابيع الأخيرة، وفاقمها الاحترار العالمي، يأتي تقييم الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في الوقت المناسب. 

وقال مؤسس "وحدة استخبارات الطاقة والمناخ" في لندن، رتشارد بلاك: "لا شك في أن (الاجتماع) سيكون بمثابة جرس إنذار".

وأشار بلاك إلى أن التقرير يأتي قبل أسبوعين فقط من انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقمة لمجموعة العشرين، والمؤتمر الـ26 للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والذي تشارك فيه 197 دولة في غلاسكو.

وتغيّر العالم منذ آخر تقييم شامل صدر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في عام 2014 بشأن الاحترار العالمي في الماضي والمستقبل.

وفي ظل موجات الحر والحرائق، تبددت الشكوك التي كانت سائدة في أن الاحترار يتسارع، أو أن المصدر بشري بالكامل تقريبا، إضافة إلى المفهوم الذي يعطي تطمينات زائفة بأن تداعيات المناخ هي مشكلات الغد.

وفي عتبة أخرى منذ التقرير الأخير للهيئة الدولية، تم عام 2015، تبني "اتفاق باريس" الذي حدد هدفا جماعيا يقضي بالحد من درجة حرارة الأرض لتكون عند مستوى يتجاوز مستويات أواخر القرن التاسع عشر بـ"أقل بكثير" من درجتين مئويتين.

ورفع التلوث الكربوني الناجم عن إحراق الوقود الأحفوري وتسرّب الميثان والزراعة الحرارة بـ1.1 درجة مئوية حتى الآن، فيما تزداد الانبعاثات مجددا بعدما توقفت لمدة وجيزة على خلفية تدابير الإغلاق التي فرضها كوفيد-19، بحسب الوكالة الدولية للطاقة.

في ظل موجات الحر والحرائق، تبددت الشكوك التي كانت سائدة في أن الاحترار يتسارع، أو أن المصدر بشري بالكامل تقريبا، إضافة إلى المفهوم الذي يعطي تطمينات زائفة بأن تداعيات المناخ هي مشكلات الغد

ووضع "اتفاق باريس" حدا طموحا بلغ 1.5 درجة مئوية، فيما افترض العديد من الجهات المشاركة في المحادثات أنه سيبقى مجرّد هدف طموح، وبالتالي ستكون سهلةً تنحيته جانبا.

وكشف تقرير خاص للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في عام 2018، عن مستوى الدمار الذي قد يتسبب به ارتفاع درجة حرارة الأرض بدرجتين مئويتين بالنسبة للبشرية والكوكب.

وقال الأستاذ في جامعة ماينوث، بيتر ثورن، والذي كان من أبرز الشخصيات التي صاغت تقرير الهيئة الدولية، إن 1.5 درجة مئوية "باتت الهدف بحكم الأمر الواقع"، وهي دليل على تأثير الهيئة على تشكيل السياسة العالمية في هذا الصدد.

ووفق حسابات العلماء، يتعيّن خفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 50 في المائة بحلول عام 2030، وأن تنتهي تماما بحلول 2050، لتبقى درجة حرارة الأرض ضمن نطاق 1.5 درجة مئوية.

وقال خبير المناخ، روبرت فاوتارد، الكاتب البارز أيضا لتقرير الهيئة الدولية، ومدير معهد بيار-سيمون لابلاس: "لدينا اليوم نماذج أفضل للتوقعات المناخية، وعمليات رصد أطول، مع مؤشر أوضح بكثير على التغير المناخي".

ولعل الاختراق الأكبر هو ما يعرف بدراسات الإسناد التي تسمح لأول مرة للعلماء بتحديد سريع لمدى تكثيف التغير المناخي حدثا شديدا في الطقس، أو إمكان حصوله. على سبيل المثال، تمكّن تجمّع "إسناد الأحوال الجوية العالمية" بعد أيام قليلة من موجة الحر الشديدة التي اجتاحت كندا وغرب الولايات المتحدة، الشهر الماضي، من التوصل حسابيا إلى أن حدوثها كان أمرا مستحيلا تقريبا لولا الاحترار الذي تسبب به الإنسان.

وتعرّضت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، والتي تأسست عام 1988 لتوفير المعلومات الضرورية للمفاوضات المرتبطة بالمناخ في الأمم المتحدة، لانتقادات من قبل بعض الجهات التي اعتبرت أنها قللت من أهمية الخطر، وهو نمط اعتبرت مؤرخة العلوم في جامعة هارفارد، نعومي أوريسكيس، أنه يهدف للبقاء في الجانب "الأقل دراماتيكية" للأحداث.

واعتبارا من اليوم الإثنين، سينقّح ممثلو 195 بلدا بمساعدة علماء "ملخّصا لصناع القرارات" مكونا من حوالى 20 إلى 30 صفحة، سطرا سطرا وكلمة كلمة. سيستغرق الاجتماع الافتراضي المخصص للجزء الأول (المعني بالعلوم الفيزيائية) من التقرير المكون من ثلاثة أجزاء، أسبوعين بدلا من أسبوع كما جرت العادة، فيما يتوقع نشر الوثيقة في التاسع من أغسطس/آب، ويغطي الجزء الثاني من التقرير، الذي سيتم نشره في فبراير/شباط 2022، التداعيات. أما الجزء الثالث، فيدرس الحلول لخفض الانبعاثات.

وحذّرت مسودة تم تسريبها من أن التغير المناخي سيعيد تشكيل الحياة على الأرض في العقود المقبلة، إلا إنْ تمّت السيطرة على التلوّث الكربوني المسبب للاحترار، ودعت إلى "تغيير جذري" لتجنيب الأجيال المقبلة مواجهة وضع أسوأ بكثير.

وبناء على أبحاث منشورة، قد يتوقع التقرير الذي تجري مراجعته الأسبوع الحالي، حتى وفق السيناريوهات المتفائلة، "تجاوزا" موقتا لهدف 1.5 درجة مئوية، كما سيكون هناك تركيز على أحداث بـ"احتمال ضئيل وخطر كبير"، مثل ذوبان الصفائح الجليدية التي قد ترفع منسوب مياه البحار بأمتار، وتآكل التربة الصقيعية المحمّلة بغازات الدفيئة.

وقال مدير معهد الأنظمة العالمية في جامعة إكستر، تيم لنتون، إن "التفاعلات التي تضخّم التغيير أقوى مما اعتقدنا، ولربما نقترب من نقطة تحول ما".

(فرانس برس)

المساهمون