انتقادات مغربية لأوروبا بسبب تأشيرات "شنغن"

19 نوفمبر 2022
تصاعد رفض منح التأشيرات الأوروبية للمغاربة (فرانس برس)
+ الخط -

انتقدت جمعيات حقوقية مغربية، السبت، بشدة، موقف دول الاتحاد الأوروبي وتعاطيها المتسم بالتشدد، وتقليص عدد تأشيرات دخول التراب الأوروبي الممنوحة للمواطنين المغاربة، مُسجّلة تصاعد رفض طلبات الحصول على التأشيرات في الآونة الأخيرة، وتحوّله إلى "سلوك ممنهج" من طرف القنصليات الأوروبية.

وعبّر "الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان"، مكون من 21 هيئة مدنية وحقوقية مستقلة، عن احتجاجه القوي على" سلوك بعض قنصليات دول الاتحاد الأوروبي، في تعاملها مع طالبات وطالبي التأشيرة في تنكر بيّن لالتزامات بلدانهم الدولية في مجال حقوق الإنسان"، مطالباً المصالح المعنية للاتحاد الأوروبي بالمغرب ومصالح وزارات خارجية دول الاتحاد بوقف "هذه المعاملات المهينة والحاطة من الكرامة، المناقضة لادعاءات بلدانهم باحترام حقوق الإنسان".

ودعا الائتلاف الحقوقي، في رسالة وجّهها إلى سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى المغرب، قنصليات دول الاتحاد إلى "الحرص على التعليل الموضوعي لرفض طلبات التأشيرة، احتراماً من دول الاتحاد الأوروبي لالتزاماتها، وانسجاماً مع قوانينها المتلائمة مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ومع القانون الدولي لحقوق الإنسان".

وأثار قرار الدول الأوروبية تقليص التأشيرات الممنوحة للمغاربة، خلال الأشهر الماضية، غضباً عارماً، كان من أبرز صوره تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر بعثة الاتحاد الأوروبي بالرباط، بداية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، للتنديد بحرمان السفارة الفرنسية، على وجه الخصوص، عشرات الآلاف من المغاربة التأشيرة من دون مبرر قانوني، وبخلفية سياسية تمييزية، وذلك تحت شعار: "حقوق الإنسان لا تقبل المساومة يا ماكرون".

وانتقل الغضب الشعبي في المغرب، الذي تقوده منظمات حقوقية، مع استمرار رفض السلطات الأوروبية، وخصوصاً الفرنسية، منح عدد من المغاربة تأشيرات دخول إلى أراضيها، إلى مرحلة جديدة، بعد أن تقدمت بشكوى أمام اللجنة الأممية المعنية بالحقوق المدنية والسياسية.

كما أعلن "الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان"، عن تحرك عملي لمواجهة ما سماه بـ"الإجراءات التعسفية"، التي تقدم عليها سفارات دول الاتحاد الأوروبي بخصوص رفض منح تأشيرات دخول التراب الأوروبي لفئات عريضة من المغاربة، من خلال اللجوء إلى القضاء وبلورة صيغ للتحرك والترافع، من أجل ضمان احترام حق التنقل من طرف سفارات الدول المعنية، احتراماً منها للقانون الدولي لحقوق الإنسان.

وقال منسق الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان" عبد الإله بن عبد السلام لـ"العربي الجديد" اليوم السبت، إن مراسلة سفيرة الاتحاد الأوروبي تأتي في سياق لفت انتباه المسؤولين في الاتحاد للإجراءات التعسفية التي يجري التعامل بها مع طالبي التأشيرات، وضرورة التزام دول الاتحاد بما صادقوا عليه من اتفاقيات وما التزموا به في المواثيق الدولية (العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان) بخصوص الحق في التنقل من دون قيود أو حصار.

وأوضح بن عبد السلام، أن الائتلاف الحقوقي المغربي يعكف بمعية محامين ومختصين على دراسة إمكانية اللجوء إلى القضاء في مواجهة الإجراءات التعسفية التي حرمت المئات من المواطنين من الحصول على تأشيرات الدخول إلى البلدان الأوروبية للعلاج أو الدراسة أو التجمع العائلي أو العمل، على الرغم من أن الطلبات المقدمة تستوفي الشروط المحددة في مطبوعات القنصليات، لافتاً إلى أن المثير هو عدم تعليل مصالح قنصليات الاتحاد الأوروبي أسباب الرفض الكبير والمتواتر لطلبات التأشيرات، ما يحد من حقوق المتضررين والمتضررات في اللجوء للطعن أمام المؤسسات القضائية والإدارية المعنية.

إلى ذلك، لفت الائتلاف، في رسالته إلى سفيرة الاتحاد الأوروبي بالرباط، إلى "التقليص الكبير والمفاجئ لفرص الحصول على التأشيرة، بالإغلاق العمدي، بشكل كلي أو بشكل جزئي، للبوابات الإلكترونية المخصصة للحصول على المواعيد قصد التقدم بطلبات الحصول على التأشيرة، ما أصبح معه طالبو التأشيرة يواجهون صعوبات، خصوصاً تلك المتعلقة بالدراسة أو العلاج أو العمل".

وسجل "المزيد من إمعان مصالح قنصليات دول الاتحاد الأوروبي بالمغرب، في رفض تمكين المواطنات والمواطنين المغاربة من التأشيرة، أي في الحرمان من الحق في التنقل، قد اتخذ اشكالاً لا تليق بدول المفروض فيها عدم اللجوء لأساليب غير معقولة كإغلاق نوافذ الدخول للحصول على موعد لتقديم طلب الحصول على التأشيرة، وفتحها بشكل محدود وقصير المدة، وهو ما نشطت معه عصابات أصبحت تتاجر بالمواعيد، وتفرض على طالبات وطالبي التأشيرة مبالغ مرتفعة ترهق قدرتهم المتدهورة أصلاً".

كما اعتبر أن "تفويت دول الاتحاد الأوروبي تدبير إجراءات دفع الطلبات والحصول على الجواب لشركات وسيطة قد ضاعف من معاناة طالبي وطالبات التأشيرة، خصوصاً من الناحية المادية، حيث أصبحوا بالإضافة لأداء رسوم التأشيرة، يؤدون رسوماً إضافية مقابل الخدمات التي تقوم بها الشركات المناولة لدول الاتحاد الأوروبي".

وبلغ إجمالي عدد المغاربة الذين تقدّموا بطلب الحصول على تأشيرة الاتحاد الأوروبي "شنغن" في العام الماضي 157 ألفاً و100 شخص، فيما رُفض 39 ألفاً و520 طلباً، وهو ما يمثّل إجمالي 27.6%، الأمر الذي يعني أنّ معدّل الرفض أعلى بكثير مقارنة بمتوسط معدّل الرفض العالمي لطلبات تأشيرة "شنغن".

في حين، كشف تقرير صادر عن الهيئة العامة للأجانب في فرنسا أنّ القنصليات الفرنسية في المغرب أصدرت 69,408 تأشيرات فقط في عام 2021 مقارنة بـ342,262 تأشيرة في عام 2019، و98 ألف تأشيرة في عام 2020، على الرغم من تقييد السفر الدولي على خلفية أزمة كورونا الوبائية.

المساهمون