اليمن: كلاب شاردة تنشر الأمراض

26 يوليو 2021
خلال رش مواد معقمة على كلب في صنعاء (محمد حويس/ فرانس برس)
+ الخط -

أجبرت مجموعات من الكلاب الشاردة أهالي عدد من المدن اليمنية على وضع ضوابط صارمة لتحركات أطفالهم حفاظاً على أرواحهم، في ظل عجز السلطات المحلية عن السيطرة عليها على الرغم من تضاعف أرقام المصابين بداء الكَلَب من عام إلى آخر. وبشكل شبه يومي، تستقبل المرافق الصحية، خصوصاً في محافظات شمال اليمن، عدداً من المصابين بداء الكلب، من جراء تعرّضهم لهجمات من كلاب شاردة تغزو المدن الرئيسية، علماً أنّ داء الكلب لا تنتقل عدواه بين البشر، مما يشير إلى الحجم الكبير لهذه الهجمات.
ويناشد سكان المدن، وخصوصاً العاصمة صنعاء، السلطات المحلية إيجاد حلّ لهذه الظاهرة، وإنقاذ أطفال الأحياء السكنية. ويقول بعضهم، في إشارة إلى كثرة أعداد هذه الكلاب، إنّها تفوق عدد السكان. وبحسب مركز داء الكلب في المستشفى الجمهوري في صنعاء، فقد بلغ عدد المصابين به خلال النصف الأول من العام الجاري أكثر من ألف إصابة، وهو رقم مرتفع قياساً بالمنطقة الجغرافية المحيطة بالمرفق الصحي الحكومي. 
وفي وقت تشير التقديرات إلى تردّد نحو 50 مصاباً يومياً على مركز داء الكلب في المستشفى الجمهوري في صنعاء، تؤكد وزارة الصحة أنّ عدد المصابين بداء الكلب يصل سنوياً إلى 15 ألفاً، يموت منهم نحو 50 شخصاً. ولا تشمل الأرقام المناطق الخاضعة لنفوذ الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، جنوبي وشرقي البلاد، والتي لا تبدو فيها ظاهرة الكلاب الشاردة مستفحلة كما هي الحال في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لنفوذ جماعة أنصار الله (الحوثيين)، أي 11 محافظة من إجمالي 22 محافظة على مستوى اليمن.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وتعدّ صنعاء بؤرة رئيسية لانتشار الكلاب الشاردة على الرغم من حديث السلطات الرسمية عن إبادة آلاف الكلاب خلال العام الجاري، وذلك ضمن خطة تهدف للحفاظ على سلامة المواطنين، علماً أنّه حلّ غير إنساني، لكنّ السلطات تراه ضرورياً نظراً لجميع الظروف المحيطة. ويقول محمد الزريقي، وهو من سكان مديرية معين في صنعاء لـ"العربي الجديد" إنّ الكلاب الشاردة تحولت إلى هم يؤرق السكان ويجعلهم محاصرين داخل منازلهم، خصوصاً في ظل ضعف الاستجابة الرسمية لمعالجة الظاهرة بشكل جذري. يضيف: "نظراً لانقطاع التيار الكهربائي واعتماد الناس على إنارة خفيفة أمام أبواب منازلهم، يبدو التحرك ليلاً وسط الأزقة والأحياء أشبه بمغامرة في ظلّ انتشار الكلاب، وتنفذ السلطات المحلية حملات إبادة من فترة إلى أخرى، عندما تتعالى أصوات السكان فقط.
ويقول سكان محليون إنّ سلطات صنعاء نفذت حملة واحدة لقتل الكلاب الشاردة. ويتحدث صندوق النظافة والتحسين في صنعاء عن حجم الخطر الذي يهدد الأطفال، وطالبوا بضرورة تنفيذ حملات دورية من أجل القضاء الكلي على هذه الظاهرة وعدم السماح بتكاثر الكلاب. ويكشف عن إبادة نحو 13 ألف كلب خلال الربع الأول من العام الجاري فقط في عدد من المديريات، قائلاً إنّ حملته تواجه صعوبات مختلفة لاستمرارها من جراء عدم توفر السموم لقتل الكلاب. وتشير تقديرات رسمية إلى أكثر من 100 ألف كلب في صنعاء وضواحيها، معظمها ناقل للأمراض الخطيرة، وهو رقم ينذر بكارثة صحية وفقاً لبرنامح مكافحة داء الكلب بصنعاء.
وتعزو السلطات الرسمية في صنعاء الانتشار الكبير لأعداد الكلاب الشاردة إلى توقف عمليات المكافحة الميدانية خلال سنوات الحرب الثلاث الأولى، متهمة التحالف السعودي ـ الإماراتي، باحتجاز اللقاحات المضادة لداء الكلب والسموم الخاصة بمكافحتها في ميناء عدن، قبل الإفراج عنها لاحقاً ضمن كميات من المبيدات الزراعية.

ويقول أهالي المدن النائية إنّ السلطات المحلية تكتفي بالتركيز على المدن الرئيسية في حملات الإبادة من أجل المظهر الحضاري فقط، ليترك البقية فريسة للكلاب الشاردة من دون توفير أي وسائل حماية. ويقول محمد الجنيد، وهو من سكان مديرية ماوية إحدى مديريات محافظة تعز اليمنية، إنّ الأسواق الشعبية باتت بيئة خصبة لانتشار الكلاب الشاردة التي سبق لها مهاجمة عدد من المواطنين، خصوصاً كبار السنّ أثناء توجههم أو عودتهم من أداء صلاة الفجر في المساجد، إذ تكون الشوارع شبه خالية.
ويجد سكان المناطق النائية صعوبة في إسعاف المصابين وغالباً ما تتدهور صحة الشخص المصاب قبل الوصول إلى المرافق الصحية البعيدة.  

المساهمون