زيادة الكوليسترول من أكثر الأمراض شيوعاً حول العالم، وتفيد بيانات نشرها موقع الاتحاد العالمي للقلب، ومقره سويسرا، بأن حوالى 34 مليون شخص في أنحاء العالم مصابون بارتفاع الكوليسترول، أي بمعدل مصاب واحد بين 200 و250 شخصاً، فيما يصاب سنوياً 4.4 ملايين شخص على الأقل حول العالم، ويتوفى حوالى 8 في المائة منهم.
ويشير المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها إلى أن "الكوليسترول ينتقل عادة عبر الدم من خلال البروتينات الدهنية"، ويتحدث عن نوعين من البروتينات الدهنية يحملان الكوليسترول في أنحاء الجسم، يعرف الأول باسم كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL) الذي يطلق عليه أحياناً الكوليسترول الضار، والذي تزيد المستويات المرتفعة منه من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية. أما النوع الثاني فيُعرف باسم كوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة (HDL) الذي يُطلق عليه أحياناً الكوليسترول الجيد، ويلعب دوراً في تقليل مستويات الكوليسترول الضار، إذ يجمع كميات الكولسترول الزائدة عن الحاجة ويعيدها إلى الكبد".
وأحياناً كثيرة، لا يستطيع الكوليسترول الجيد أن يلعب دوره الطبيعي داخل الجسم، ويحتاج إلى دعم لزيادة فاعليته، بحسب ما توضح اختصاصية التغذية الدكتورة سالي السيد التي تشرح الفرق بين الكوليسترول الضار والجيد، وتربط تأثيراتهما في الجسم بالدرجة الأولى بالنظام الصحي للمريض الذي يحتوي عادة على دهون مشبّعة. وتقول لـ"العربي الجديد": "يُمنع مرضى الكوليسترول من تناول الأطعمة المشبّعة بدهون وزيوت مهدرجة، ويطالبهم المتخصصون الصحيون باتباع حميات ترتكز على تناول أنواع معينة من الخضار والفاكهة، وكميات قليلة من اللحوم بهدف ضبط نسب الكوليسترول".
تضيف: "بعد عملية ضبط الكوليسترول الضار، ينصح دائماً بضرورة تناول الأطعمة التي تساعد في خفض نسب الكوليسترول المرتفع التي تصنّف ضمن أربع فئات تشمل الأولى جميع أنواع المكسرات غير المملحة التي يتطلب حصول الأشخاص على كمية تتراوح بين 150 و200 غرام يومياً منها، وهي تلعب دوراً في ضبط معدلات الكوليسترول الضار".
ينصح الأطباء بممارسة الرياضة وتجنب التوتر وتناول الكحول أو التدخين
وتحدد الفئة الثانية من المأكولات "بتلك التي تحتوي على مادة غلوتين بيتا، مثل الشوفان والشعير، والتي تساعد في طرد الدهنيات الضارة من الشرايين. أما الفئة الثالثة فهي المواد التي تحتوي على كميات عالية من البروتين بينها أنواع مختلفة من الصويا، مثل فول الصويا ومنتجات تصنع من الصويا، فيما تدخل الفئة الرابعة ضمن سلة الفاكهة التي تتضمن التوت البري والأفوكادو المليء بالدهون الصحية الأحادية غير المشبعة والألياف، والتي تساعد في تنظيف الكوليسترول الضار مع زيادة مستويات الكوليسترول الجيد".
وتتحدث السيد عن أن "التوت من أكثر أنواع الفاكهة التي تحتوي على نسبة عالية من الألياف، ويساعد مزيج مضادات الأكسدة والألياف الموجودة فيه في الحفاظ على كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة تحت السيطرة مع زيادة نسبة كوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة".
وللوقاية من الإصابة بمرض الكوليسترول، ينصح الأطباء عادة بضرورة اتباع نظام صحي متوازن يلحظ تناول مأكولات صحية من جهة، ومن جهة أخرى بممارسة الرياضة إضافة إلى تجنب التوتر وتناول الكحول أو التدخين في شكل مفرط.
وبالنسبة إلى الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي مع هذا المرض يجب أن يتبعوا مسارات عدة في ممارساتهم اليومية لتقليل فرص الإصابة بأمراض الكوليسترول، في مقدمها التقيّد بنظام صحي متوازن، فتناول الأطعمة الصحية أساس الوقاية من المرض التي ترتكز على تقليل الدهون المشبّعة الموجودة في شكل أساسي في اللحوم الحمراء ومنتجات الألبان كاملة الدسم التي تزيد من نسبة الكوليسترول الكلي. وقد يؤدي تقليل استهلاك الدهون المشبعة إلى تقليل كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL) الكوليسترول "الضار".
وتلفت إدارة الغذاء والدواء الأميركية في تقرير أصدرته عام 2021 وتناولت فيه أساليب الوقاية من أمراض الكوليسترول، إلى ضرورة تجنب الزيوت المهدرجة التي ترتبط عادة بالمقرمشات والكعك والأطعمة المصنّعة التي تحتوي على دهون متحوّلة ترفع مستويات الكوليسترول الكلي.
وبين أساليب الوقاية أيضاً ممارسة الرياضة يومياً التي تشدد إدارة الغذاء والدواء الأميركية على أنه "لا يمكن حصر منافعها على الصحة العامة، وأهمها تقليل فرص الإصابة بأمراض القلب والكوليسترول".
ويكتب موقع "مايو كلينك" الطبي أن "النشاط البدني المعتدل يرفع كوليسترول البروتين الدهني عالي الكثاف (HDL)، أي الكوليسترول الجيد، لذا ينصح بممارسة التمارين لمدة 30 دقيقة على الأقل خمس مرات أسبوعياً".
ويؤكد الموقع أيضاً أن "الإقلاع عن التدخين يساعد في تحسين مستوى كوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة، وفي التعافي من ضغط الدم ومعدل ضربات القلب. وبعد ثلاثة أشهر من الشروع به، تبدأ الدورة الدموية ووظيفة الرئة في التحسن. وفي غضون عام من الإقلاع عن التدخين يكون خطر الإصابة بأمراض القلب نحو النصف مقارنة بالمدخنين".
إلى ذلك يعد الوزن الزائد أحد أسباب زيادة الإصابة بمرض الكوليسترول، لذا ينصح الأطباء الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي بأمراض الكوليسترول بضرورة الحفاظ على أوزان مقبولة لأن زيادتها ترفع نسبة الكوليسترول في الدم.
ولا بدّ من التذكير بأن حمية البحر الأبيض المتوسط توفر حلولاً جيدة لأمراض الكوليسترول، وهي تلحظ تناول كميات وافرة من الدهون غير المشبعة والفواكه والخضروات والمكسرات والحبوب الكاملة والأعشاب والتوابل والألياف والأسماك وكميات قليلة من اللحوم الحمراء والبيضاء ومعظم منتجات الألبان، وتناول الكحول باعتدال. ويعتبر هذا النظام صحياً جداً للقلب لأنه يشمل أطعمة عدة تخفّض الكوليسترول.