النظام السوري يطلق أيدي "الخارجين عن القانون" في السويداء

05 مارس 2021
النظام يمعن بمعاقبة أهالي السويداء (سيرغي بوبيليف/Getty)
+ الخط -

ضاق أهالي السويداء ذرعاً بحوادث الخطف المشبوهة، والاتجار بالمخدرات والسلب، في الوقت الذي نأت فيه مؤسسات الدولة بنفسها عن القيام بدورها في حماية المواطن، بتوجيه من النظام، الذي يواصل العمل لتحقيق خرق في الفصائل المحلية، ما قد يهدد بحدوث انفجار داخلي.

والعلاقة ما بين النظام  والسويداء، وأغلبها من طائفة "الموحدين الدروز"، علاقة جدلية، يختلف حول توصيفها الكثيرون، في ظلّ تصنيف معارض وموال، خاصة أنها لم تشهد  مواجهات مسلّحة منذ العام 2011. لكن في المقابل، استنكف، عشرات آلاف الشباب، عن الخدمة ضمن صفوف قوات النظام، واستطاعت الفصائل المحلية وضع حدّ للاعتقالات التعسفية. 

 وبحسب الناشط "أبو جمال معروف" (اسم مستعار لأسباب أمنية)، فإن "النظام يمعن بمعاقبة أهالي السويداء عبر تسليط عدد من أبناء المجتمع لارتكاب تلك الأعمال المكروهة اجتماعياً، فيصبح واقعاً بين نارين، الأولى هي ارتكاب هؤلاء الشباب أفعال الخطف والاتجار بالمخدرات، وقد يحتاج إيقافهم عن هذه الأفعال إلى استخدام العنف، ما قد يتسبّب بحدوث صراع عائلي. وفي المقلب الآخر ليس هناك ثقة بأنّ مؤسسات النظام ستحمي المواطن بالفعل، بل يكاد يُجمع الجميع أنّ النظام سيقتص، في أول فرصة، من أصحاب الرأي والعمل المدني، وسنجد المجرمين يقفون على حواجزه". 

وأضاف: "في نهاية عام 2018 وبداية عام 2019، قبل أن يتسلّم اللواء كفاح الملحم رئاسة شعبة المخابرات العسكرية، كان قد كُلف من القصر بمتابعة ملف السويداء وتقديم تصوّر حول شكل التعاطي معها، وكان حينها يشغل منصب نائب مدير الإدارة. وبالفعل أقام الملحم لعدة أشهر في السويداء، والتقى الغالبية الساحقة من الشخصيات الفاعلة بدءاً من المشايخ والوجهاء المجتمعيين، إلى متزعمي المجموعات المسلّحة، وقرّب إليه من بينهم المتورطين بأعمال الخطف والقتل والاتجار بالمخدرات، دون أن يطلب منهم حتى التوقف عن تلك الأعمال". 

مصدر مطّلع من السويداء، طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، قال في حديث مع "العربي الجديد"، "اليوم، أي أحد من أبناء السويداء، يمكن أن يذكر لك العديد من أسماء المرتبطين بـ"العم أبو حيدر"، كما ينادون اللواء الملحم. وهم مثل مهران عبيد، سليم حميد، عماد العقباني، مجدي نعيم، وراجي فلحوط. وقد برز دور الأخير عبر عمله على استقطاب الشباب المنتمي إلى الفصائل المحلية، وقدّم لهم بطاقات شخصية ومهمة أمنية، تخوّلهم التنقل بحرية، وغطاء أمني، بغض النظر عن قيامهم بأعمال الخطف والاتجار بالمخدرات، بل أصبح الأمن يدفع الناس الذين لديها مشاكل أمنية أو أشخاص مخطوفين أو كانوا ضحية سرقة، للجوء إلى هؤلاء لحلّ مشاكلهم، ما ينصّبهم قيادات في المجتمع". 

وأضاف: "تجد هؤلاء الخارجين عن القانون، بمهمة أمنية، يتنقّلون في مختلف مناطق النظام دون أن يعترض طريقهم أحد، في حين أنّ الكثير من الناشطين أو المستنكفين عن الخدمة، لا يستطيعون مغادرة حدود المحافظة الادارية، حيث يتحولوّن إلى مشروع معتقلين". 

 واستطرد قائلاً: "راجي فلحوط مثلاً، المتورّط بجرائم خطف، وهو اعترف وعرض إحدى جرائم القتل التي ارتكبها على صفحته الشخصية على فيسبوك، دون أن يتعرّض لأي مساءلة، بل على العكس، نشر على صفحته زيارة إحدى الشخصيات النافذة، وتدعى هالة الأسد، ومن بعدها التقى مع عمار ساعاتي، عضو القيادة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم، والمقرّب من شقيق رئيس النظام وقائد الفرقة الرابعة، ماهر الأسد، كما أنّه زوج المستشارة الإعلامية لرئيس النظام، لونا الشبل". 

وأضاف: "يسهّل النظام، اليوم، لهؤلاء المتهمين بارتكاب كلّ هذه الجرائم، وإقامة مشاريع اقتصادية والحصول على امتيازات متعددة في دمشق، وسط حديث عن البحث في زجّ فلحوط مع مجموعته، في مليشيا الدفاع الوطني الرديفة للقوات النظامية".     

من جانبه، قال الناشط، أبو هادي شرف، في حديث مع "العربي الجديد"، "الأجهزة الأمنية هي أول من بدأ بتوزيع السلاح على الخارجين عن القانون ليكونوا ذراعهم لقمع المتظاهرين المناهضين للنظام، في السويداء، وغيرها من المناطق. وكان كلّ فرع يساهم في خلق تلك المجموعات، والتي غالباً ما تعمل في الأعمال غير المشروعة، خاصة تجارة الوقود عبر نقلها من البادية وداخل السويداء ودرعا وخاصة قبل عام 2018". 

وأضاف: "اليوم النظام هو الغطاء الوحيد للخارجين عن القانون، عبر بطاقات ومهمات أمنية، فيطالب أهالي المحافظة برفع الغطاء عنهم. ورغم وصول المطالبات إلى رأس النظام، إلاّ أنه على ما يبدو، لا نية لديهم بتغيير هذا الوقع، بل هم يواصلون معاقبة أهالي السويداء عبر قلّة من أبنائها، الذين تمّ استغلال وضعهم الاقتصادي وحالة الفلتان والتسلح العشوائي لتوريطهم في الأعمال غير المشروعة وتجنيدهم ليخدموا مصالحهم". 

المساهمون