ارتفعت درجات الحرارة بشكل ملحوظ في عموم مناطق الشمال السوري، حيث وجّهت جهات إنسانية نصائح وتوصيات للسكّان لتجنب الضرر الذي ينجم عن الحرارة، خاصة لدى الأطفال في مخيمات النزوح، مع ضرورة تجنّب التعرّض للشمس مباشرة في أوقات الذروة.
ومع ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير في وقت الظهيرة، تصبح الحلول المتوفرة لدى النازحين غير مجدية، خاصة النازحين المقيمين في الخيم البلاستيكية، وحتى المنازل المؤقتة التي شيّدتها بعض المنظمات في مناطق ريف إدلب الشمالي.
ويلجأ المهجّر من ريف حمص الشمالي، بلال المحمد، إلى استعمال مروحة تعمل على بطارية (12 فولت) للتخفيف من الحرّ. وأكد المحمد، لـ"العربي الجديد"، أنها الوسيلة الأنجح لديه للتخفيف من الحرارة، حيث يقيم في مخيم قريب من بلدة دير حسان شمالي إدلب. ومع ارتفاع درجات الحرارة، يكون لدى المحمد خيار إضافي، وهو رشّ ملابسه بالقليل من الماء.
والنازح المحمد أب لطفلتين، لم يتجاوز عمر الكبيرة 4 أعوام، يحاول إبقاءهما في مكان قريب من المروحة، التي تحرّك الهواء الساخن فقط عند الظهيرة، لكنها "أفضل من لا شيء"، كما يوضح.
الدفاع المدني السوري قدّم توصيات للأهالي لمواجهة درجات الحرارة، ومنها عدم التعرّض لأشعة الشمس مباشرةً، لاسيما الأطفال وكبار السنّ، من الساعة العاشرة صباحاً وحتى الساعة الثالثة ظهراً، واللجوء لتخفيف الحرارة عن الأطفال باستخدام الماء، مع الإكثار من شربه تجنباً للجفاف.
كما أوصى الدفاع المدني بتجنّب السفر بالسيارة في فترة الظهيرة، مع أخذ الحذر من العقارب والأفاعي في المخيمات والمناطق الزراعية، وعدم وضع أسطوانات الغاز في الشمس، والانتباه عند تناول الأطعمة غير الطازجة نظراً لإمكانية فسادها بسرعة نتيجة الحرارة العالية، مع إخلاء السيارات من أي شيء قابل للانفجار. ووجّه الأهالي لوضع عبوات ماء لتشرب منها الحيوانات الأليفة.
"ارتفاع درجات الحرارة عن معدلاتها الطبيعية يعود بالأضرار على البشر والحيوانات، والناس هنا هم الأكثر تضرراً"، كما يؤكّد مدرّس الجغرافيا عبد السلام العبد الله، من مدينة القامشلي، في حديث لـ"العربي الجديد".
وأضاف العبد الله: "انقطاع الكهرباء في مناطق شمال سورية ومناطق شمال شرق سورية، وانعدام وسائل تلطيف الجو وتبريده، سواء المراوح أو المكيّفات، أو حتى الماء الذي ينقطع مع انقطاع الكهرباء، والذي يمكن أن يخفف من درجات الحرارة عن طريق الاغتسال، خاصة في ساعات أوج الحرّ بين الثانية ظهراً والرابعة عصراً، يتمق معاناة السوريين، فضلاً عن غياب أيّ مساحات خضراء أو أحزمة خضراء حول المدن، وحتى في الريف، كل هذه المشاكل يعانيها المواطن الذي يمتلك بيتا وخزان ماء أو مولد كهرباء، فكيف ستكون أحوال النازحين في المخيمات، الذين ليس لديهم أيّ وسيلة حقيقة تخفّف عنهم وطأة الحرّ في خيامهم، فهم يعانون باستمرار، يعانون حرّ الصيف وبرد الشتاء".
في المقابل، أكّد مصدر في ريف إدلب الشمالي، لـ"العربي الجديد"، أنّ العديد من النازحين في المخيمات يلجأون للأراضي المزروعة بالأشجار، خاصة الزيتون، هرباً من درجات الحرارة الخانقة داخل الخيام، كون أغلب النازحين في المخيمات لا يمتلكون مراوح أو ألواح طاقة شمسية.
كما يقوم بعض النازحين بتلطيخ خيامهم بالطين من الخارج، في محاولة أيضاً للتخفيف من درجات الحرارة.
ووفق الإحصائيات الأخيرة، فإنّ عدد المخيّمات الكلّي في مناطق شمال غرب سورية يبلغ 1293 مخيماً، يقيم فيها نحو مليون و44 ألف نازح، وتتضمّن مخيمات عشوائية يبلغ عددها 382 مخيماً، ويقيم فيها 185557 نازحاً. بينما تنتشر مخيمات للنازحين أيضاً في مناطق سيطرة "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، منها مخيم العريشة والهول وواشوكاني والطلائع، وأوضاع النازحين فيها لا تقل سوءاً عن أوضاع النازحين في مخيمات شمال غرب البلاد.