استمع إلى الملخص
- زوجة الرنتيسي تصف محاولة النزوح المؤلمة ولحظة اعتقال زوجها بملابسه الطبية الملطخة بالدماء، مما ترك العائلة في حالة من الخوف والقلق حول مصيره.
- عائلة الرنتيسي وأصدقاؤه يطالبون بالتحقيق في وفاته وتسليم جثمانه، فيما تستمر إسرائيل في حربها على غزة، مخلفة آلاف الضحايا والجرحى، رغم الدعوات الدولية لوقف العمليات العسكرية وتحسين الوضع الإنساني.
مرتديا ملابس الأطباء الخضراء تحمل آثارا من دماء المصابين في غزة، حاول الطبيب الفلسطيني إياد الرنتيسي (53 عاما) النزوح من شمال قطاع غزة نحو جنوبها، صحبة أسرته عبر "الممر الآمن" الذي أعلن عنه الاحتلال الإسرائيلي في 10 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، غير أن قوات الاحتلال المتمركزة على حاجز عسكري بمحور نتساريم اعتقلت الرنتيسي، لتنقطع أخباره حتى 19 يونيو/ حزيران الماضي، لاحقا تكشف صحيفة "هآرتس" العبرية أن الطبيب الرنتيسي توفي في مركز تحقيق تابع لجهاز الأمن الداخلي "الشاباك" في مدينة عسقلان، بعد أسبوع من اعتقاله.
صدمة خبر استشهاد الرنتيسي، يصاحبها المزيد من الشكوك لدى عائلته، التي تطالب بالتحقيق في الأسباب الحقيقية للوفاة، خاصة في ظل التكتم الإسرائيلي لمدة 7 أشهر عن خبر وفاته، وسط أنباء عن إصابته بأزمة صدرية، في حين أنه لم يكن يعاني من أي مشاكل صحية.
إياد الرنتيسي... طبيب رهن الاعتقال
تروي رندا زوجة الطبيب الرنتيسي تفاصيل نزوحهم المُر يوم اعتقال زوجها قائلة: "توجهنا إلى الممر الآمن المزعوم للنزوح إلى المناطق الجنوبية، بناء على أوامر الجيش للموجودين شمالي قطاع غزة"، وتتابع: "كان زوجي حينها على رأس عمله بمستشفى (أصدقاء المريض) في مدينة غزة يجري عملية جراحية لإحدى السيدات، وعندما انتهى منها رافق العائلة (الزوجة وأبناءه الثلاثة ووالدته وشقيقته) في رحلة النزوح، ولم يسعفه الوقت لتبديل ملابس عمله (زي الأطباء الأخضر) التي كانت تحوي بقعا من دماء الجرحى".
وتستطرد: "أثناء مرور العائلة ضمن أعداد أخرى من النازحين عبر الحاجز العسكري بمحور نتساريم، الواقع على شارع صلاح الدين شرق مدينة غزة، أمر الجيش الإسرائيلي النازحين بالنظر إلى الأمام وعدم الالتفات، قبل أن يأمرهم بالتوقف عن السير، ليبدأ في عملية تصويرهم والتدقيق في هوياتهم"، مضيفة: "فجأة أمر الجنود الطبيب الرنتيسي بالتوجه إلى النقطة العسكرية بالحاجز، وحين وصل إلى هناك أجبروه على الجلوس على ركبتيه، فيما تلقى الجميع أوامر باستئناف السير مرة أخرى".
أمر الجنود الطبيب الرنتيسي بالتوجه إلى نقطة عسكرية ثم أجبروه على الجلوس على ركبتيه، فيما تلقى الجميع أوامر باستئناف السير مرة أخرى
وتشير إلى أنهم بعد أن عبروا من الحاجز سمعوا أصواتا لإطلاق نار من قبل جيش الاحتلال على نازحين، فيما هرعت سيارات إسعاف إلى المكان، ونقلت العديد من الشهداء والجرحى إلى مستشفى "شهداء الأقصى" شرق مدينة دير البلح، وسط القطاع، وقالت: "حينها شعرنا بالخوف والقلق"، لافتة إلى أن العائلة أخذت تستفسر عن مصير الرنتيسي وعما حدث له عبر سؤال نازحين فروا من المكان بسرعة خشية استهدافهم من الجيش، حيث توقع البعض إطلاق سراحه، فيما قال البعض الآخر إنه اُعتقل.
بدأت معاناة عائلة الرنتيسي منذ اللحظة الأولى لوصولها إلى مدينة رفح أقصى جنوبي قطاع غزة، حيث بقيت العائلة تبحث في كل يوم عن بصيص أمل حول مصير الطبيب إياد الرنتيسي. فتواصلت مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر في محاولة لمعرفة مصير نجلها الطبيب، لكنها لم تتلق أي معلومات بالخصوص، وبقيت تنتظر على أحر من الجمر.
وتستغرب رندا من سياسة الاحتلال المتمثلة في اعتقال الأطباء والكوادر الطبية التي تقدم خدمات إنسانية للسكان المدنيين ولا علاقة لهم بالعمل العسكري، مستهجنة عدم تزويد العائلة منذ اعتقال زوجها وحتى إعلان الإعلام العبري عن وفاته بأي معلومات، مطالبة إسرائيل بتسليم العائلة جثمان زوجها.
وتتساءل هناء شقيقة الطبيب إياد الرنتيسي مستنكرة: "الطبيب إنسان في البداية، فكيف يتم اعتقاله وتعذيبه ومحاكمته، وما الجرم الذي ارتكبه ليقُتل بدم بارد؟!"، مطالبة المؤسسات الحقوقية، ومنظمات الصحة العالمية و"أطباء بلا حدود" الدولية و"أطباء حول العالم" بالتدخل العاجل للدفع باتجاه محاكمة إسرائيل ومحاسبتها عما ترتكبه من جرائم.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حربا مدمرة على غزة بدعم أميركي مطلق، خلفت أكثر من 123 ألف شهيد وجريح فلسطيني، إضافة إلى آلاف المفقودين، ويواصل الاحتلال الإسرائيلس حربه رغم قرارين من مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح مدينة رفح، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني المزري في غزة.
(الأناضول، العربي الجديد)