في أوج جائحة كوفيد-19، يستغلّ محترفون في عمليات الاحتيال مخاوف الناس في المكسيك لبيع لقاحات مزيفة بغية تحقيق أرباح مالية على حساب صحة السكان.
وتوضح ساندرا غارسيا، وهي ضابطة في شرطة جرائم المعلوماتية في مكسيكو، لوكالة "فرانس برس"، أن هؤلاء "يبيعون كمامات ومحلولات تعقيم، وأخطر من ذلك، فحوص كوفيد ولقاحات مضادة للفيروس"، وكلها منتجات مشكوك بجودتها، مع وعود كاذبة لا تتحقق يوماً. هذه العروض التي تحصل، بحسب غارسيا، عبر مواقع إلكترونية تحمل أسماء مناطق مسجّلة في المكسيك أو الخارج، تسجّل ازدياداً مضطرداً مع تمدد الأزمة.
وتعيش المكسيك حالياً الشهر الأصعب منذ بدء الجائحة، في ما يراه كثيرون نتيجة لتراخي السكان في اعتماد تدابير الوقاية في نهاية العام الفائت، وقد ارتفع عدد الوفيات إلى 153 ألفاً وعدد المصابين إلى 1.8 مليون شخص، في هذا البلد الذي يعد 126 مليون نسمة. وتعاني العاصمة مكسيكو من وضع حرج في هذا الإطار، إذ بلغت نسبة إشغال أسرّة المستشفيات 90%، كما أنّ الأنشطة غير الضرورية معلّقة منذ 18 ديسمبر/كانون الأول.
ترويج عبر الإنترنت
وأطلقت البلاد خطتها للتلقيح في 24 ديسمبر/ كانون الأول، بدءاً بالطواقم الطبية، في مسار تديره الحكومة بالاعتماد على لقاح "فايزر/بيونتيك". لكن عبر مجموعات دردشة على تطبيق "تلغرام"، تُطرح لقاحات مفترضة مصدرها هذه المختبرات عينها للبيع عبر الإنترنت، وفق مراسلي وكالة فرانس برس. والأمر عينه يسري على اللقاحات المصنّعة من شركة "موديرنا" الأميركية و"أسترازينيكا" البريطانية، بأسعار تراوح بين 110 و180 دولارا.
ويرسل الضالعون في عمليات الاحتيال هذه إلى ضحاياهم روابط إلكترونية تحيلهم إلى محادثة خاصة مع جهة تُظهر صورة الملف العائدة لها رجلاً بجانب فتاتين مبتسمتين. وحذّرت شرطة مكافحة جرائم المعلوماتية، مطلع الشهر الجاري، من أنّ "مجرمي المعلوماتية" هؤلاء يسعون بهذا الأسلوب إلى "الحصول على كلمات السر وأسماء المستخدمين وأرقام الهواتف ورموز تشغيل أو تلقي المال عن طريق سلفات لشراء منتجات غير موجودة، وفور بلوغ الهدف، يغيبون عن السمع أو يمنعون المواطن من الاتصال بهم".
كذلك حذّرت الهيئة الصحية في المكسيك (كوفيبريس)، من "مبيعات غير قانونية" للقاحات "فايزر/بيونتيك" و"موديرنا". من ناحيتها، كشفت "إنتربول"، الشهر الماضي، في إنذار عالمي، عن وجود ثلاثة آلاف موقع متصل بصيدليات إلكترونية يُشتبه في بيعها أدوية وأدوات طبية غير قانونية.
أزمة أكسجين
في مكسيكو، تلقى مكتب المدعي العام ومنظمة "مجلس المواطنين من أجل السلامة والعدالة"، في المجموع 26 شكوى عن محاولات بيع لقاحات وعمليات تزوير في شراء عبوات الأكسجين منذ نهاية 2020 مع الارتفاع الكبير في عدد الإصابات في العاصمة. غير أنّ العدد الفعلي للمدّعين أكبر بكثير، وفق تأكيدات رئيس المنظمة غير الحكومية، سلفادورو غيريرو، لوكالة "فرانس برس".
وندّدت السلطات في ولايات كينتانا رو (شرق)، وغيريرو (جنوب)، وبويبلا (وسط)، وسونورا (شمال غرب)، بوجود جهات ضالعة في عمليات احتيال تبيع لقاحات مزيفة. ولم تعلّق هيئة "كوفيبريس" على هذه الادعاءات. ويشير سلفادور غيريرو إلى أنّ هؤلاء المجرمين "أعضاء في عصابات تتكون أحياناً من أفراد في عائلة واحدة يستخدمون سيناريوهات لخداع الناس". وبعدما زاد الطلب على الأكسجين بنسبة 700% في ديسمبر/كانون الأول، تشهد البلاد نقصاً في الإمدادات انعكس ارتفاعاً كبيراً في الأسعار.
وقد وقعت أراسيلي بيسيريل، وهي ربة منزل في الثانية والأربعين من العمر تعيش في جنوب العاصمة، ضحية لهؤلاء المحتالين. فقبل بضعة أسابيع، احتاج شقيقها المصاب بكوفيد-19 إلى الأكسجين. وهي اتصلت بصورة طارئة بشركة تقول إنها تقدم عبوات أكسجين مقابل 461 دولاراً، وكان شرط هذه الأخيرة حصر التواصل بخدمة المراسلة الفورية الخاصة بالمنصّة. وحوّلت المرأة المبلغ المطلوب على الحساب المصرفي المرسل إليها، متوجّسة من الوقوع في شرك عملية احتيال. وتوضح أراسيلي قائلة: "كنت في حال من اليأس. وقد استغلّ هؤلاء الوحوش ذلك". وهي لم تتمكن من التواصل مجدداً مع منفذي عملية النصب.
(فرانس برس)