أعاد الزلزال الذي ضرب المغرب مساء الجمعة، ووصفته "هيئة المسح الجيولوجي الأميركية بأنه "أقوى زلزال يضرب البلاد منذ أكثر من 120 عاماً"، إلى الأذهان ذكريات مؤلمة عاشتها البلاد في مطلع القرن الحالي.
وعلى امتداد السنتين الماضيتين، كانت مناطق في المملكة عرضة لهزات أرضية عديدة، دفعت الكثيرين إلى التحذير من احتمال وقوع زلزال مدمر، كما كان الحال في ليلة 24 فبراير/شباط 2004 حين ضرب زلزال منطقة الحسيمة شمال شرقيّ البلاد، مخلفاً نحو 630 قتيلاً في حصيلة أولية، معظمهم من سكان المناطق القروية.
ويرى الخبير في علم الزلازل كمال أغرود، في حديث مع "العربي الجديد"، أن خطر الزلازل قائم في المغرب على الدوام وعلى امتداد تاريخ البلاد منذ القرن الثامن الميلادي، مشيراً إلى موقعه في نقطة مفصلية، حيث التداخلات والتصادمات الناجمة عن تقارب الصفيحتين الأفريقية والأورو ــ آسيوية.
وأوضح الخبير المغربي أن الدراسات الحديثة بشأن توزيع النشاط الزلزالي تشير إلى وجود ثلاث مناطق نشطة في المغرب، هي منطقة الحسيمة في شمال شرق البلاد، ومنطقة فاس ومكناس، ومنطقة جبال الأطلس التي عاشت فاجعة الزلزال الأخير.
ولفت إلى أنه من خلال دراسة النشاط الزلزالي يتأكد أن الخطر قائم دائماً، سواء في منطقة الحسيمة أو في بؤرة أغادير، مبيناً أن هذا يقتضي اتخاذ تدابير احترازية والتوعية بمخاطر الزلزال.
ووفق الإحصائيات الرسمية لـ"المعهد الوطني للجيوفيزياء" في المغرب، فإن الهزات الأرضية أصبحت ظاهرة يومية في بعض مناطق المغرب، حيث تسجل أجهزة الاستشعار والرصد التابعة للمركز يومياً حوالى 30 هزة تراوح قوتها بين درجتين إلى 3 درجات على سلم ريختر. وقال المركز إن هذه الهزات لا يشعر بها السكان ولا تشكل أي خطورة.
وخلال عام 2022 سُجِّل حوالى 20 ألف هزة على مستوى تراب المملكة، وأيضاً بالمجال البحري، كانت غالبيتها ضعيفة باستثناء 12 هزة كانت قوية وشعر بها السكان في الشمال وأغادير، وفق تصريحات لمدير المعهد الوطني.
وكانت دراسة أنجزها البنك الدولي ووزارة الشؤون العامة والحكامة في المغرب في سنة 2023، قد خلصت إلى أن البلد معرض بشكل كبير لمختلف أنواع الكوارث الطبيعية.
واعتبرت الدراسة أن مدينتي الناظور والحسيمة هما الأكثر عرضة لخطر الزلزال، وأن احتمال وقوعه يتجاوز 95 في المائة على مدى 30 عاماً.
في المقابل، تشير دراسة علمية أنجزها فريق دولي لتفسير ودراسة النشاط الزلزالي غرب البحر الأبيض المتوسط، إلى "ظهور فالق حديث في بحر البوران بين إسبانيا والمغرب، كان سبباً في الهزة الأرضية القوية التي ضربت المنطقة خلال العقود الأخيرة".
وأظهرت الدراسة المنشورة في عام 2019، في مجلة "Nature Communication"، التي أجراها فريق دولي بقيادة معهد علوم البحار في إسبانيا، أنّ الفالق الذي أطلق عليه "الإدريسي"، يعرف نشاطاً مستمراً، ما ينتج منه نشاط زلزالي مستمر.
ووفق الدراسة نفسها، فإنّ الفالق الجديد الذي يقع على حافة الصفيحتين التكتونيتين، الأوراسية والأفريقية، يعبر الجزء الأوسط من البحر، وهو أطول هيكل تكتوني نشيط في المنطقة، حيث يبلغ طوله حوالى 100 كيلومتر، وينزلق 4 ميليمترات سنوياً تقريباً.
وحسب ذات المصدر، فإنه في الثلاثين سنة الماضية، وقعت ثلاثة أحداث زلزالية (في 1994 و2004 و2016)، ويمكن أن يؤدي تراكم الزلازل إلى توليد فيالق أطول، مع إمكانية توليد زلزال قوي مع مرور الوقت.