استمع إلى الملخص
- فريق "التقدّم والاشتراكية" يركز على التزام الحكومة بمعايير الحكامة والسرعة في تنفيذ برنامج الإعمار، وتحسين المؤسسات التعليمية والصحية، ومعالجة التأثيرات النفسية على الأطفال والنساء.
- رغم الجهود الحكومية، التقدم بطيء والمجتمع المدني يطالب بتدخل مؤسسات الرقابة، مع وجود شكاوى حول اختلالات في الإحصاء والتعويض.
دخل مجلس النواب، الغرفة الأولى للبرلمان المغربي، على خط الإحاطة بمعاناة منكوبي زلزال الحوز (2023) من خلال تقديم فريق نيابي معارض طلباً لتشكيل مهمّة استطلاعية مؤقتة حول عمليات إعادة الإيواء والإعمار وتأهيل المناطق التي تعرّضت للزلزال. ويأتي ذلك في وقت تتواصل فيه معاناة مئات المغاربة المتضرّرين من هذه الكارثة الطبيعية، إذ إنّهم يقضون شتاءهم الثاني في الخيام بعيداً عن منازلهم التي دمّرها زلزال الحوز قبل أكثر من 15 شهراً، وقد دفعتهم معاناتهم هذه إلى تنظيم وقفات احتجاجية في الأسابيع الماضية.
وفي خطوة لافتة، طالب فريق "التقدّم والاشتراكية" المعارض في مجلس النواب، أمس الثلاثاء، بتشكيل مهمّة استطلاعية مؤقّتة حول العمليات الخاصة بالمنكوبين من جرّاء زلزال الحوز الذي يُعَدّ أضخم زلزال في تاريخ المغرب منذ بدأت الجهات المعنية بتسجيل هذه الكوارث الطبيعية، علماً أنّه وقع تحديداً في الثامن من سبتمبر/ أيلول من عام 2023 في جهة مراكش آسفي جنوب غربي المغرب.
وبحسب البطاقة التقنية لطلب تشكيل المهمّة الاستطلاعية المؤقّتة، فإنّ من شأنها الوقوف على "مدى التقيّد، في أثناء تنفيذ البرنامج (إعادة الإعمار)، بمعايير الحكامة والسرعة والنجاعة والإنصات للساكنة واحترام الخصوصيات البيئية والثقافية والتراثية والمعمارية للمنطقة، طبقاً للتعليمات الملكية السامية". يُضاف إلى ذلك الاستفسار بشأن "مراحل جهود إعادة الإعمار والإيواء والتأهيل والصعوبات التي تواجهها، ومدى تنفيذ مخططات ومحاور البنية التحتية وإنعاش الاقتصاد المحلي".
وتهدف المهمّة الاستطلاعية المؤقّتة كذلك إلى الوقوف على "الإجراءات المتّخذة لوضع مخطط إعادة التصميم والحصول على مواد البناء، وكيفية التعامل مع الظروف المناخية الصعبة بالنسبة إلى الأسر المتضرّرة، بخاصة التي ما زالت تقيم في الخيام"، إلى جانب النظر في كيفية "سير عملية صرف المساعدات المباشرة للأسر المتضرّرة، وسير إحصاء المتضرّرين والحصول على المساعدات لإعادة البناء والإيواء". وتتضمّن البطاقة التقنية أيضاً الوقوف على "وضعية المؤسسات التعليمية بالمناطق المتضرّرة من الزلزال من حيث الموارد البشرية والحجرات الدراسية والتجهيزات، والمستشفيات المحلية من حيث الأطر الطبية وشبه الطبية والتجهيزات الطبية".
وفي الإطار نفسه تطرح المهمّة الخاصة بمتابعة زلزال الحوز أسئلة حول "مستوى تقدّم تنزيل المشاريع القطاعية التي جرى الالتزام بها، وكيفية معالجة وتتبّع التأثيرات النفسية الكبيرة على الأطفال، وحاجتهم إلى المواكبة النفسية بشكل كبير ومكثّف"، إلى جانب "استحضار وضع المرأة بمناطق الزلزال، التي تتميّز في الأصل بالهشاشة والفقر، ومدى مواكبتها اجتماعياً ونفسياً".
وينصّ النظام الداخلي لمجلس النواب المغربي على جواز تكليف اللجان الدائمة، بناءً على طلب من رئيسها بعد موافقة مكتب اللجنة أو رئيس فريق أو ثلث أعضاء اللجنة، عضوَين أو أكثر من أعضائها بمهمّة استطلاعية مؤقّتة حول شروط وظروف تطبيق نصّ تشريعي معيّن، أو موضوع يهمّ المجتمع أو يتعلّق بنشاط من أنشطة الحكومة والإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية، بالاتفاق مع مكتب مجلس النواب. وتُناقَش تقارير المهام الاستطلاعية المؤقّتة بحضور الحكومة التي تتولّى الإجابة عن التساؤلات والاستفسارات المقدّمة من قبل النواب.
وكان زلزال الحوز قد ألحق الضرر بنحو 2.8 مليون نسمة في ستة أقاليم مغربية، هي الحوز ومراكش وشيشاوة وتارودانت ورزازات وأزيلال، علماً أنّ مئات المتضرّرين يعيشون منذ ذلك الحين محنة مضاعفة في خيام بلاستيكية أو حاويات تحوّلت إلى مساكن مؤقّتة من دون أن توفّر لهم أيّ حماية من حرارة الصيف ولا من برد الشتاء. وقد قرّرت السلطات المغربية، في إطار برنامج الطوارئ، منح مساعدة مالية بقيمة 30 ألف درهم مغربي (نحو 3.000 دولار أميركي) للفئات الأكثر تضرراً، و140 ألف درهم (13.500 دولار) تعويضاً عن المساكن التي انهارت بالكامل، و80 ألف درهم (7.700 دولار) لتغطية أشغال إعادة تأهيل مساكن انهارت جزئياً، وفقاً لبيانات رسمية.
إلى جانب ذلك، أعلنت الحكومة المغربية إطلاق ورش لإعادة إعمار القرى التي دمّرها زلزال الحوز قبل 15 شهراً، بميزانية قدرها 120 مليار درهم (11.7 مليار دولار) على مدى خمس سنوات، تستهدف 4.2 ملايين نسمة، فيما قرّرت فتح اعتمادات بقيمة 2.5 مليار درهم (نحو 250 مليون دولار) من أجل المباشرة الفورية في مشاريع إعادة الإعمار العاجلة في مجالات التعليم والصحة والتجهيز والثقافة والسياحة والزراعة والأوقاف.
وفي انتظار الانتهاء من إجراءات تشكيل المهمّة الاستطلاعية المؤقتة بخصوص زلزال الحوز في الأيام المقبلة، قال المنسق الوطني للائتلاف المدني من أجل الجبل (غير حكومي) محمد الديش لـ"العربي الجديد" إنّ "عمليات إعادة إعمار المناطق المتضرّرة من زلزال الأطلس الكبير عرفت مساراً متعثّراً ووتيرة بطيئة بصورة غير مفهومة، الأمر الذي فاقم تردّي أوضاع السكان الذين ما زالوا بمعظمهم يعيشون في الخيام البلاستيكية، وذلك في فصل شتاء ثانٍ".
ولفت الديش إلى أنّ "بعد 15 شهراً من الكارثة، ظهر عجز الحكومة على التجاوب المناسب مع الاحتياجات على الرغم ممّا توفّر لديها من وسائل بصورة استثنائية"، مشدّداً على أنّ هذا "يستدعي تدخّلاً من قبل مؤسسات الرقابة، في مقدّمتها مؤسسة البرلمان بالإضافة إلى مؤسسات الحكامة الأخرى التي لم تفعّل بعد أدوارها بالطريقة المطلوبة". وأضاف: "لذا عملنا في الائتلاف المدني من أجل الجبل على إثارة انتباه السيّد رئيس الحكومة (عزيز أخنوش) منذ الشهر السادس على وقوع الزلزال من خلال رسالة مفتوحة، كذلك طالبنا بالإسراع في إسكان المتضرّرين ومراجعة عمليات الإحصاء التي شابتها اختلالات عديدة. كذلك توجّه عدد من السادة والسيّدات النواب المحترمين بأسئلة إلى الجهاز الحكومي، غير أنّ الأثر يبقى ضئيلاً".
وأكد المنسق الوطني للائتلاف المدني من أجل الجبل: "نلحّ على تشكيل لجنة للتحقيق في هذه العملية برمّتها ونعوّل على الفرق البرلمانية التي تُقاسمنا هذا الحرص والعناية بملفّ المناطق الجبلية، خصوصاً التي دمّرها الزلزال. كذلك نطالب بفتح تحقيق حول المتلاعبين بملفات الإحصاء، ومحاسبة الذين تورّطوا في تزوير معطيات المنازل وأوضاع الأشخاص المستفيدين من خارج المعايير التي استندت إليها لجان التعويض، في حين أُقصي من يستحقّ التعويض بالفعل". وأشار إلى أنّ "لدينا حالات مماثلة، وأكثر من 3.000 شكوى من متضرّرين جرى إقصاؤهم ولم يحصلوا على ردود بخصوص شكاواهم".
وكانت اللجنة الوزارية المغربية، المكلّفة ببرنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضرّرة من زلزال الحوز المدمّر، قد كشفت في ديسمبر/ كانون الأول المنصرم أنّ السلطات المحلية وافقت حتى الآن على 57.072 ترخيصاً لإعادة البناء، مشيرةً إلى أنّ ورش بناء المنازل المتضرّرة وتأهيلها متواصلة أو انتهت بالنسبة إلى 35.214 مسكناً، بزيادة تُقدَّر بـ5.000 مسكن في خلال الشهرَين الأخيرَين. وأفادت اللجنة، في بيان أعقب اجتماع ترأسه أخنوش في الثاني من ديسمبر المنصرم، أنّ 57.786 أسرة حصلت على الدعم البالغ 20 ألف درهم (نحو 2.000 دولار) دفعةً أولى لإعادة بناء وتأهيل منازلها التي تضرّرت كلياً أو جزئياً.
وبخصوص المساكن التي تقع في مناطق ذات تضاريس وعرة، بيّنت اللجنة أنّها تواصل تنفيذ حلول ميدانية لفائدة 4.016 مسكناً، مضيفةً أنّ نحو 750 مسكناً في حاجة إلى أشغال كبرى في البناء والتأهيل أو نقلها إلى مواقع أخرى. وتابعت اللجنة، في البيان نفسه، أنّ صرف المساعدات مستمرّ للأسر التي انهارت منازلها جزئياً أو كلياً، وقد جرى تمديدها خمسة أشهر إضافية، علماً أنّ القيمة الإجمالية للمساعدات بلغت منذ إطلاقها مليارَي درهم (نحو 200 مليون دولار)، وتسلّمت 35.983 أسرة الدفعة الثانية من المساعدات، كما تسلّمت 25.754 أسرة الدفعة الثالثة وتسلّمت 12.664 أسرة الدفعة الرابعة والأخيرة.