تسعى وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة في المغرب لمعالجة تداعيات الأزمة الناجمة عن زلزال الحوز، بعد مرور أسبوع على الكارثة التي خلفت نحو 3000 قتيل، في حين ظهرت مخاوف من استغلال الزلزال للاتجار بالأطفال والقاصرات.
وأطلقت الوزارة عملية إحصاء للأطفال اليتامى من أجل تمكينهم من الاستفادة من خدمات مراكز حماية الطفولة التي تم إحداثها، كما جرت تعبئة جمعيات ومؤسسات الرعاية الاجتماعية المعنية بالأطفال والنساء، على غرار الفضاءات متعددة الوظائف للنساء، ووحدات حماية الطفولة، من أجل تقديم الدعم النفسي للأطفال والنساء، وإطلاق حملات توعية ضد محاولات استغلال هذه الفئات.
وتستعد الوزارة للكشف عن رقم هاتفي مخصص لضمان توحيد الجهود، وتعزيز نجاعة التدخل، وكذا الإبلاغ عن حالات العنف ضد الأطفال والنساء، والأشخاص في وضعية الإعاقة، على أن يتولى توجيههم إلى المراكز المختصة من أجل المواكبة النفسية والاجتماعية.
وتشير التقارير الأولية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" إلى تأثر نحو 100 ألف طفل بالزلزال، كما تدمرت آلاف المنازل، ما أدى إلى نزوح العائلات، وتضررت المدارس والمرافق الصحية أو دُمّرت بسبب الزلازل، ما أثر بشكل أكبر على الأطفال.
ووجه العاهل المغربي الملك محمد السادس بمنح الأطفال المتضررين من الزلزال، ولا سيما الذين فقدوا أُسرهم، صفة "مكفولي الأمة"، ما يمكنهم من مجموعة من الامتيازات الاجتماعية التي تصون كرامتهم، وتحفظ حقوقهم، وتحميهم من المخاطر التي قد يتعرّضون لها. ويأتي في مقدمة تلك الامتيازات حق الاستفادة من الرعاية المعنوية والمساعدة المادية إلى حين بلوغهم سن الرشد، وكذلك الحق في الخدمات التي تقدمها مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء العسكريين والمحاربين، فضلاً عن أسبقية قبولهم في المدارس الابتدائية، وأسبقية الحصول على منح دراسية، كما سيتمتعون لاحقاً بأسبقية ولوج الوظائف العامة.
وشهدت الأيام الأخيرة موجة غضب بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي بسبب تداول صور تروج لتزويج فتيات قاصرات فقدن عائلاتهن في الزلزال، فضلاً عن رصد منشورات متداولة على مواقع التواصل، تحتوي مضامين مسيئة للأطفال والنساء من ضحايا الزلزال.
تقول رئيسة جمعية "ما تقيسش ولدي" (لا تلمس ولدي) نجاة أنور إن منح صفة "مكفولي الأمة" ليتامى الزلزال سيقطع الطريق أمام كل من يريد استغلال هؤلاء الأطفال، موضحة لـ"العربي الجديد" أنه "ينبغي تحديد جميع الأطفال ضحايا الزلزال، وتحديد وضعية عائلاتهم للتمييز بين من فقدوا كامل عائلاتهم، ومن فقدوا عدداً من أفراد العائلة، عندها يمكن وضع خطة تعامل حسب حالة كل طفل، مع وضعهم مؤقتاً في مكان آمن غير بعيد عن موطنهم، واعتماد برنامج تأهيلي لدعمهم نفسياً، والعمل على استكمالهم دراستهم، فالدراسة ستكون مصدر إلهاء، ولو بشكل جزئي".
وتلفت إلى أن "تبني اليتامى والتكفل بهم له ضوابط قانونية صارمة من أجل ضمان سلامة الأطفال، وكل من لديه رغبة حقيقية في توفير حياة الأبوة أو الأمومة لهؤلاء الأطفال، يجب عليه المرور من هذه القنوات القانونية، كما أن على الدولة متابعة مآل هؤلاء الأطفال حال تبنيهم".
بدوره، يقول رئيس منظمة "بدائل للطفولة" محمد النحيلي، لـ"العربي الجديد"، إنه "كان يتعين على وزارة التضامن تجهيز خطة مسبقة للتعامل مع الكوارث، تشمل تحديد الأماكن التي يوضع فيها الأطفال، وإعداد وحدات ميدانية لحماية الأطفال تضم الأطر المختصة في مجال الدعم النفسي والتربوي. الأساس في الخدمة العمومية هي وضع المخططات الناجعة لتطويق الإشكاليات، والسعي إلى تنفيذها على أرض الواقع بالشراكة مع المجتمع المدني، فالانتظار يقتل، والارتجال يخلق مشاكل إضافية".
ويضيف: "نحتاج إلى إحصائيات دقيقة بشأن أعداد الضحايا لمعرفة نسبة الأطفال من الوفيات، ومن المصابين، وأعداد الأطفال الذين صاروا من دون معيل، وعدد التلاميذ الذين دمرت مدارسهم، ومستوياتهم الدراسية. هناك العديد من الأسئلة المعلقة التي تستلزم إجابات قبل توجيه الدعم، مادياً ومعنوياً ونفسياً وصحياً وتعليمياً، كما تُنتظر إعادة بناء المؤسسات التعليمية المتضررة، والتعاطي مع الأحداث المروعة التي تركت آثاراً نفسية على التلاميذ والمعلمين الناجين".
ودعا النحيلي إلى استخدام مراكز التخييم التابعة لوزارة الشباب والثقافة في استضافة أطفال جميع المناطق المتضررة، على أن تتوفر لهم فضاءات تربوية تعيدهم إلى الأنشطة اليومية المعتادة، وتؤهلهم لاستئناف التعليم، كما توفر الدعم النفسي للأطفال الذين يعانون من الصدمة.