دخل الجدل الواسع الدائر في المغرب حول نزاهة امتحانات الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، منعطفاً جديداً، بعد أن تقدم الحزب المغربي الليبرالي (معارض)، اليوم الاثنين، بشكوى إلى محكمة النقض (أعلى هيئة قضائية في المملكة) من أجل فتح تحقيق قضائي بشأن نتائج اختبارات المحامين التي تم الإعلان عنها بداية يناير/ كانون الثاني الحالي.
وتحولت نتائج اختبارات المحامين، خلال الأيام الماضية، إلى قضية رأي عام في المغرب، بعد الكشف عن تضمن لوائح الناجحين أسماء نجل وزير العدل الحالي وأقارب له، وأبناء محامين ومسؤولين في وزارة العدل، بالإضافة إلى برلمانيين سابقين وحاليين.
وطالب الحزب الليبرالي، في الشكوى التي وجهها إلى الوكيل العام للملك (النيابة العامة) لدى محكمة النقض، بالتحقيق في الوقائع التي أحاطت بعملية تنظيم امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة دورة الرابع من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، والتي "تشكل قرائن وشبهات كافية لإمكانية قيام جرائم تقع تحت طائلة القانون الجنائي".
ولفت الحزب، في الشكوى التي حصل "العربي الجديد" على نسخة منها، إلى أنه "بمجرد تلقيه للشكايات والأخبار المتداولة حول الموضوع انكب على فحص لائحة المترشحين الناجحين ومطابقتها مع المترشحين المقبولين لاجتياز الامتحان، وقفت على نجاح أسماء لها قرابة مباشرة بوزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي، ونجاح مدير مركزي وموظفين بنفس الوزارة يمارسون اختصاصات بديوان الوزير، وكذا تلاعب في أسماء بعض الناجحين في الاختبارين الكتابيين واستبدالها بأسماء أخرى".
واعتبر الحزب أن قطاع المحاماة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بقطاع العدل ومؤسسة القضاء، باعتباره لبنة أساسية من لبنات العدالة والدفاع عن حقوق ومصالح المواطنين، وأن فقدان الثقة في منتسبيه أو طريقة ولوجهم لمزاولة المهنة، يمس بصفة مباشرة بالثقة في العدالة ومؤسسة القضاء.
ويبقى الحسم في مباشرة تحقيق قضائي بشأن نزاهة امتحانات مزاولة مهنة المحاماة، بيد النيابة العامة بمحكمة النقض التي ينص القانون المغربي على أنها تقوم بتقديم ملتمسات إلى الغرفة الجنائية بنفس المحكمة بإجراء التحقيق في الجنايات والجنح المنسوبة لبعض فئات القضاة والموظفين السامين المذكورين في المادة 265 من قانون المسطرة الجنائية.
بالمقابل، وصف وزير العدل عبد اللطيف وهبي، الجدل الذي أثير حول نتائج مباراة المحاماة بأنه "زوبعة صغيرة"، وقال خلال استضافته مساء أول من أمس الأحد ببرنامج "مع الرمضاني"، على القناة الثانية المغربية: "لن تدفعني زوبعة صغيرة للاستقالة والإعفاء، لأن الوزارة مسؤولية، وهذه دولة، وهناك جهات لها مكانتها واحترامها".
وزير العدل: جميع المترشحين سواسية
وقال وهبي، رداً على جدل نتائج مباراة المحاماة، إن هذه الأخيرة مفتوحة لأنه ليس بها مناصب شغل بها، وهناك لجنة سهرت على المباراة، مبدياً استعداده لإجراء بحث وتحقيق بخصوص النتائج.
وتابع: "هناك إشكال قانوني لم أتمكن من الإجابة عليه، لأن هناك جهة مكلفة بحماية المعطيات الشخصية تمنع الإدلاء بمعلومات المرشحين، وفي حال حصولي على الإذن منها سأنشر اللوائح، سواء الناجحين أو الراسبين، بحضور المفوض القضائي".
وحول نجاح أبناء المحامين والقضاة في المباراة، أكد وهبي أن هؤلاء يكون لهم تكوين مسبق داخل مكاتب آبائهم، مشيراً إلى أن هناك مشكلة في الفرق بين ما يدرس نظرياً والواقع العملي، وأن جميع المترشحين سواسية.
وكان الإعلان عن نتائج امتحان الأهلية قد أثار غضب عدد من الراسبين، الذين احتجوا الثلاثاء الماضي أمام مقر البرلمان المغربي، للمطالبة بفتح تحقيق في هذه النتائج وإبطالها وإعادة تصحيح الأوراق.
كما دشن ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، هاشتاغ #مباراة المحاباة وليس المحاماة، شككوا من خلاله في نزاهة الامتحان والنتائج، منددين بمحاولات "توريث" مهنة المحاماة داخل العائلات النافذة وإقصاء أبناء الطبقات الفقيرة وتحطيم أحلامهم.