المغاربة يستأنفون زيارة بلدهم عبر موانئ إسبانيا بعد انقطاع لـ3 سنوات

16 يونيو 2022
مغاربة في أوروبا يعبرون مضيق جبل طارق لقضاء عطلتهم الصيفية في المغرب (فاضل سينا/فرانس برس)
+ الخط -

"أخيراً!"، يقول المغربي رضا (20 عاماً)، متنفسا الصعداء إثر وصوله إلى ميناء الجزيرة الخضراء في جنوب إسبانيا، الأربعاء، في اليوم الأول من عملية "عبور المضيق"، التي تنظمها إسبانيا في موسم زيارة المغاربة بلدهم خلال فصل الصيف.

على غرار هذا الشاب، انتظر ملايين المغاربة في أوروبا ثلاث سنوات قبل أن يتسنى لهم مجدداً سلوك "طريق البلاد"، والعودة إلى المغرب لقضاء الصيف بالسيارة عبر إسبانيا.

جاء ذلك بعدما قررت الرباط، في منتصف إبريل/نيسان، استئناف الرحلات البحرية مع إسبانيا بعد طيّ صفحة أزمة دبلوماسية خطرة، استمرت قرابة عام بين البلدين المطلّين على مضيق جبل طارق.

ويضيف الطالب رضا، الذي جاء بسيارته مع صديقه قبل أسبوع من هلسنكي بفنلندا عابراً أوروبا بشكل قطري لمسافة تزيد عن 4500 كيلومتر من أجل زيارة عائلته في أغادير بجنوب غربي المغرب: "الليلة الماضية لم أستطع النوم، كنت متحمساً للغاية".

ومع أكثر من 3,3 ملايين مسافر و760 ألف مركبة في صيف عام 2019، تشهد عملية "عبور المضيق"، أو "مرحبا" في تسميتها العربية، "واحداً من أكثر تدفقات الأشخاص كثافة بين القارات" في فترة قصيرة، وفق الحكومة الإسبانية.

ويوضح رضا مرتدياً صندلاً ومعتمراً قبعة صيفيّة عند حديثه عن صيف عامي 2020 و2021: "هذان الصيفان الوحيدان من حياتي اللذان لم أقضيهما في المغرب"، ويضيف: "إنه تقليد بالنسبة لنا".

وفي مجمع ميناء الجزيرة الخضراء الكبير، لم يعد يفصل بين رضا وميناء طنجة بالمغرب سوى 14 كيلومتراً. بدأت الأربعاء تظهر بضع سيارات محملة فوق طاقتها، وعائلات تبحث عن مكان مظلل لتناول الطعام أمام عبّارات حمراء مهيبة.

وفي ميناء طنجة، على الضفة الأخرى لمضيق جبل طارق، "جرى استقبالنا في ظروف جيدة"، كما يقول المهاجر المغربي عمر، لوكالة فرانس برس، إثر هبوطه من إحدى السفن القادمة من ميناء طريفة الإسباني.

ويضيف: "أنتظر بفارغ الصبر بدء إجازتي في المغرب".

وبدت حركة المسافرين في هذا الميناء الواقع وسط مدينة طنجة أقلّ كثافة، حيث ينتظر أن تبلغ أوجها في نهاية الشهر وبداية يوليو/تموز.

لكنّ الأعداد ستتزايد بسرعة كما هو متوقع بحلول نهاية الشهر، وخلال أول عطلة نهاية أسبوع في يوليو.

استؤنفت الرحلات البحرية بين إسبانيا والمغرب منتصف إبريل (فاضل سينا/فرانس برس)

ارتياح بعد غضب 

لكن هذه العودة إلى الوضع الطبيعي لم تكن بأي حال من الأحوال أمراً مسلّماً به.

ولم تُستأنف الرحلات البحرية بين إسبانيا والمغرب إلا منتصف إبريل، بينما أعادت الرباط فتح موانئها أمام دول أوروبية أخرى اعتباراً من صيف 2021.

وأغلقت الحدود بين البلدين في مارس/آذار 2020 بسبب تفشّي وباء كوفيد، ومُدّد الإغلاق بعد ذلك بسبب الأزمة الدبلوماسية التي نشبت في مايو/أيار 2021 حول الصحراء، وهي مستعمرة إسبانية سابقة يسيطر المغرب على حوالي 80% منها وتطالب جبهة بوليساريو باستقلالها.

انتهت الأزمة في مارس، عندما أعلنت مدريد دعم خطة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب لحل قضية الإقليم الصحراوي.

وفي هذا الصدد، لا يخفي البعض غضبه، على غرار عبد الغني (67 عاماً) وهو متقاعد يحمل الجنسيتين الإسبانية والمغربية جاء لشراء تذكرة، ويقول: "إنه لأمر مؤسف... الخلافات بين السياسيين يدفع فاتورتها الشعب".

أما رضا فيرى أنه "لا يمكن إغلاق الحدود عندما يريد الملايين من الناس العبور"، مؤكداً أنّ والديه "جنّ جنونهما" الصيف الماضي بعد عدم استئناف الروابط البحرية بين إسبانيا والمغرب.

أطلق المغرب عملية "مرحبا" في 5 يونيو/حزيران (فاضل سينا/فرانس برس)

500 مليون يورو ضائعة

وتتوقّع السلطات الإسبانية والمغربية أن تتجاوز أعداد المسافرين هذا الصيف تلك المسجلة في 2019، العام الأخير قبل تفشي فيروس كورونا.

وبعيداً عن هذا الانتظار الطويل، يُتوقع أن تزداد حركة المسافرين بمناسبة عطلة عيد الأضحى من 9 إلى 12 يوليو.

على جانبي المضيق، تم حشد آلاف الأشخاص (من قوات أمن ومقدمي رعاية صحيّة ومتطوعين) لمساعدة المسافرين على الطرق والموانئ.

من جهته، أطلق المغرب عملية "مرحبا" في 5 يونيو/حزيران، وأرسل أعوان خدمات إلى موانئ موتريل وألميريا والجزيرة الخضراء في إسبانيا، وكذلك إلى موانئ سيت ومارسيليا في جنوب فرنسا وجنوة في إيطاليا.

لكن رئيس اتحاد شركات الخدمات في ميناء الجزيرة الخضراء، مانويل بيدرا يأسف لأنّ "الأموال الضائعة" خلال أكثر من عامين من الإغلاق "لا يمكن استردادها".

تناهز الخسائر المباشرة وغير المباشرة 500 مليون يورو، حسب تقديرات الاتحاد الذي يمثل 90 شركة محلية من بينها عدة شركات نقل.

يضيف بيدرا، في تصريح لوكالة فرانس برس: "نحن سعداء" بالتحول الدبلوماسي الإسباني، "وبحلحلة الوضع السياسي".

أثناء انتظار عبّارته، ينسى رضا السياسة ويحدق في الأفق ويسافر بالزمن "يذكرني هذا بطفولتي، كنت أسافر بالسيارة كل صيف". ويختم مبتسماً "إنه أمر رائع".

(فرانس برس)

المساهمون