وافق المجلس التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي على تمديد الخطة الاستراتيجية القُطرية للبرنامج في سورية حتى نهاية عام 2025، معدّلاً خطة الاحتياجات القائمة على 1.5 مليار دولار أميركي في عام 2023 لتصل إلى مليار دولار فقط في عام 2024، مع العلم أنّ المساعدات الغذائية شريان حياة للنازحين في مخيمات شمال سورية.
وقد أفاد برنامج الأغذية العالمي، في تقرير صادر أمس الاثنين، بأنّه عدّل خطته القائمة على الاحتياجات لتلبية متطلّبات الأشخاص الذين يعانون من انعدام شديد في الأمن الغذائي. وقد قدّم البرنامج مساعداته لنحو 3.5 ملايين شخص في كلّ أنحاء سورية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، من خلال تحويلات نقدية بقيمة 3.3 ملايين دولار.
وأوضح البرنامج الأممي أنّ العملية الأخيرة لتوزيع المساعدات الغذائية العامة أتت في ديسمبر الماضي، وأنّه سوف يعلّق عملياته في كلّ أنحاء البلاد وسط نقص التمويل، مع استثناء 110 آلاف شخص في ستّة مخيّمات خاصة بالنازحين تقع في شمال شرق سورية. وأضاف أنّه سوف يلجأ، في عام 2024، إلى تدخّلات أصغر حجماً وأكثر دقّة واستهدافاً تركّز على الأسر الأشدّ ضعفاً.
وأشار البرنامج إلى أنّ مستوى المعيشة لعام 2023 لدى السكان في سورية انخفض بصورة كبيرة، وبالتالي يحتاج 80 في المائة منهم إلى شكل من أشكال المساعدة في العام الجاري، وفقاً لنظرية الاحتياجات الإنسانية.
في سياق متصل، يقول مدير مخيّم "غطاء الرحمة" محمد أبو شام لـ"العربي الجديد" إنّ "التخفيض أقلّ ضرراً من وقف البرنامج نهائياً". وأضاف: "في المخيّمات اليوم، عائلات لا تأكل أكثر من وجبة واحدة يومياً مع تخفيض حجم المساعدات الإنسانية، وهذا كارثي"، معبّراً عن أمله بـ"دعم العائلات الأكثر تضرّراً".
ويشدّد أبو شام على أنّ "الواقع اليوم سيّئ في المخيّمات، والمساعدات الإنسانية شبه متوقفة، حتى مشاريع تزويد النازحين بالمياه توقّفت. ولم تعد 100 ليرة تركية (3.25 دولارات أميركية) قادرة على إطعام الأسرة في اليوم. الوضع سيئ جداً".
وتمثّل المساعدات الإنسانية شريان حياة بالنسبة إلى مريم الجالودي التي فقدت زوجها في قصف استهدف مدينة معرة النعمان، قبل أربعة أعوام، وهي من دون معيل منذ ذلك التاريخ. وتخبر "العربي الجديد": "أعيش في مخيّمات قاح حيث الفقر، في خيمة لا تقي من الحرّ ولا من البرد. وأنا معيلة ستّة أطفال، أحتار كيف أستطيع تأمين متطلباتهم المختلفة، ولا سيّما الغذاء".
وتشير الجالودي إلى أنّها تعتمد بصورة أساسية على "ما توزّعه منظمات المجتمع المدني على سكان المخيّم من غذاء ولباس ووسائل تدفئة". كذلك تعتمد، بصورة أقلّ، على مردود عملها في الأراضي الزراعية، فهو متقطّع وبدله يكاد لا يكفي لشراء الخبز.
وتطالب الجالودي بالنظر إلى أحوالها وأحوال مثيلاتها من النساء اللواتي يُعلنَ عائلاتهنّ في المخيّمات، واللواتي لا سند لهنّ ولا مصدر دخل يغطّي العوز. كذلك تطالب بـ"العمل للاستمرار في إيصال المساعدات الإنسانية التي تمثّل عاملاً أساسياً للعيش والبقاء وسط الظروف الصعبة التي نعيشها في المخيّمات".
وكان فريق "منسقّو استجابة سورية" قد حذّر، في تقرير أصدره قبل نحو شهرَين، كلّ الجهات الإنسانية من استمرار عمليات تخفيض المساعدات الإنسانية، نظراً إلى الآثار السلبية المترتّبة على قرارات التخفيض. وطالب كلّ الجهات الدولية المعنية بالعمل على زيادة الدعم المقدّم للمدنيين في المنطقة، خصوصاً في ظلّ الوضع الاقتصادي المتردّي وعدم قدرة آلاف المدنيين على تأمين احتياجاتهم الأساسية من الغذاء.