المرض خلال الإجازة... حين يسيطر روتين التوتر على الجسم

المرض خلال الإجازة... حين يسيطر روتين التوتر على الجسم

30 ديسمبر 2023
بيئة العمل المتوترة مشروع أمراض في الإجازات (نيكولاس إيكونومو/ Getty)
+ الخط -

تعرّف مجلة الطب الأميركية خذلان الجسم أو الخيبة التي تأتي أثناء رحلة أو فترة الاستجمام بأنها ظاهرة صحية نفسية يشعر خلالها الإنسان بالمرض والتعب بعد مروره بأحداث أو فترات مرهقة، وتحديداً خلال فترة الإجازة والراحة.

ومن أبرز الأمراض "خذلان الجسم"، الأنفلونزا والصداع والتعب والألم في المعدة، بحسب ما تقول مجلة الطب الأميركية التي تضيف أن "هذه الحالة شائعة، وتأتي نتيجة التعرض للتعب الشديد خلال الفترة التي سبقت الإجازة بسبب ضغوط العمل أو الدراسة، أو تلك المرتبطة بالتخطيط لرحلة أو للزواج".

ويأتي تأثير "خذلان الجسم" خلال عطلات نهاية الأسبوع، أو الإجازات، أو العطلات، أو التحوّلات الكبيرة في حياة الإنسان، مثل الانتقال من وظيفة إلى أخرى، أو السفر.
يذكر أخصائي الصحة العامة الدكتور محمد سليم، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "كثيرا من الناس يمرضون خلال الإجازات نتيجة التوتر والجهد المرتفع الذي يبذلونه قبل فترة الإجازة حين يتعرض الجسم لضغوط كثيرة تضعف المناعة، وبالتالي يصبح أكثر تأثراً للإصابة بفيروسات".
يتابع: "يُصيب التوتر جهاز المناعة عادة، وتحديداً التوتر طويل الأمد الذي يقلل الخلايا الليمفاوية في الجسم، وأيضاً خلايا الدم البيضاء التي تساعد في مكافحة العدوى".
وتنقل صحيفة "إندبندنت" البريطانية عن أخصائي أمراض العائلة الدكتور سهيل حسين، قوله إن "تأثير خذلان الجسم يأتي نتيجة إفرازه مستويات عالية من هرمونات التوتر، وتحديداً الكورتيزول والأدرينالين التي تنخفض فجأة خلال الإجازة، فيتعرض نظام المناعة لخطر، ويصبح الشخص بالتالي عرضة للإصابة بالعدوى البسيطة والتعب المفرط".
وتوضح دراسة نشرتها مجلة الجمعية الطبية الأميركية (غاما) العلاقة بين الاضطرابات المرتبطة بالتوتر، وظهور أمراض خاصة بالمناعة الذاتية، وتتحدث عن أن "الضغط النفسي يلعب دوراً في أمراض المناعة الذاتية، مثل الاضطرابات الهضمية والتهاب المفاصل، أو حتى أمراض مناعية أخرى، إضافة إلى الأنفلونزا وارتفاع الحرارة وغيرها".
ويشير سليم إلى أن "دراسات عدة أجريت في الولايات المتحدة أظهرت أن الأشخاص دون سن الأربعين يتعرضون عادة لأمراض مناعية خلال الإجازات بسبب نمط عملهم اليومي، فالجسم اعتاد على روتين معين وضاغط، ولدى الشعور بالراحة يكون ضعيفاً لدرجة التأثر بأي فيروس أو بكتيريا".

الصورة
يجب تنظيم الحياة اليومية بين العمل والراحة لتجنب الأمراض (ريتشارد بيكر/ Getty)
يجب تنظيم الحياة اليومية بين العمل والراحة لتجنب الأمراض (ريتشارد بيكر/ Getty)

وترى أخصائية علم النفس الدكتورة ناديا صفي الدين أن التأثيرات النفسية تلعب دوراً في شعور الإنسان بـ"تخاذل الجسم" أو التعب خلال العطلة، وتقول لـ"العربي الجديد": "لا تثبت أي دراسة وجود ارتباط فعلي بين القلق والتفكير السلبي والأمراض الجسدية، وتحديداً خلال فترات الإجازة، لكن الأكيد أن الإنسان الذي يعيش في توتر أو قلق ثم يذهب لقضاء إجازة قد يصاب بالتعب أو المرض". 
تضيف: "تلعب العوامل النفسية دوراً في زيادة ضعف المناعة، بمعنى أن الإنسان الذي يعمل بجهد في بيئة متوترة يلازمه الشعور بالتوتر خلال الإجازة، لأن روتين الجسم اعتاد على العمل والتوتر، لذا يشعر خلال الأيام الأولى من الإجازة بفقدان هذا الضغط والتوتر، ويبدأ في البحث عنه، ما يزيد من الضغط لديه، فيتعرض للأمراض". 
وتعلّق ناديا بأن "ذلك يشبه حلقة مغلقة يدور فيها الإنسان، لذا يُصاب العديد من الأشخاص بالاكتئاب خلال إجازتهم، أو يفقدون السيطرة على الواقع الجديد، فيصبحون أكثر عرضة للأمراض".
وتذكر أن "تأثير الإجهاد أو التخاذل الصحي خلال الإجازات منتشر جداً، لذا من المهم دائماً الاعتماد على التفكير الإيجابي والتوازن في الأعمال اليومية. فالتوتر والقلق يولّدان أمراضاً صحية أو نفسية، ما يحتم تنظيم الإنسان حياته اليومية وترتيبها بين العمل والراحة وممارسة الرياضة أو الهوايات والترفيه".
ويتفق محمد وناديا على أن الوقاية أفضل أسلوب للعلاج، وهو ما يحصل عبر اتباع الشخص استراتيجية متوازنة في حياته ترتكز على تناول الأطعمة المفيدة، والابتعاد عن تلك الضارّة مثل المأكولات الجاهزة التي يعتمد عليها موظفون كثيرون خلال عملهم، أو تناول المأكولات المشبعة بالدهون في ساعات متأخرة من الليل.
ويوضح محمد أن "النظام الغذائي السيئ والامتناع عن تناول الطعام بسبب ضغط العمل أو الدراسة يساعدان مع التوتر والقلق في إجهاد النفس، وبالتالي التعرض لأمراض، من هنا يساهم اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن في تعزيز المناعة. وينصح أيضاً بتناول المكملات الغذائية والفيتامينات التي تمد الجسم بالنشاط والطاقة الضروريتين، ما يحافظ على المناعة".

طلاب وشباب
التحديثات الحية

إلى ذلك، تنصح نادية بممارسة الرياضة حتى خلال الأوقات الأكثر توتراً أو ضغطاً، "لأنها تساعد في مدّ الجسم بالطاقة وتدعم الجهاز المناعة".
وتنصح مجلة "ويبميد" الطبية الأميركية الأشخاص بممارسة تمارين اليوغا أو التنفس العميق خلال العمل أو الدراسة، أو أوقات الضغط النفسي والإجهاد، لأنها تساعد في تعزيز جهاز المناعة، كما توصي بضرورة استخدام بعض العمليات الحسابية أو الانخراط في نشاط عقلي، مثل حل الكلمات المتقاطعة، إذ تظهر العديد من الدراسات أن إجراء العمليات الحسابية بوتيرة سريعة يزيد نشاط جهاز المناعة.

المساهمون