أصيب أربعة أطفال بجروح وحروق بليغة، إثر انفجار مخلفات الحرب وقع أثناء لعبهم في مدرسة مدمرة وخارجة عن الخدمة، بحي معمل السكر على أطراف مدينة جسر الشغور في ريف إدلب الغربي، أمس الثلاثاء.
وفي حادثة مشابهة بداية هذا العام، أصيب ثلاثة أطفال بانفجار مقذوف من مخلفات قصف النظام، خلال لعبهم في الأراضي الزراعية في بلدة كنصفرة جنوبي إدلب، وتسببت شظايا الانفجار في جروح بليغة في أطرافهم السفلية وكسور في الساق، بالإضافة إلى بتر إصبع في قدم أحد الأطفال.
وخلال العام الماضي 2023، قُتل 4 أطفال ورجل وأصيب 19 طفلاً و3 رجال وامرأة واحدة، جراء 15 انفجاراً صادراً عن المخلفات الحربية، من بينها انفجاران بالقنابل العنقودية، بحسب الدفاع المدني السوري.
المخلفات الحربية تحصد الأرواح
ويواجه السكان في إدلب شمال غربي سورية أزمات ومخاطر كثيرة في سبيل الحفاظ على أرواحهم، وسط استمرار الحرب التي يشنها النظام ضد الشعب السوري منذ نحو 13 عاماً، والتي يعتمد فيها على القصف بالقنابل العنقودية والذخائر الحارقة والأسلحة العنقودية، ما وضع السوريين تحت خطر طويل الأمد بسبب المخلفات الحربية التي أودت بحياة المئات.
تشتكي النازحة حياة الطويل (38 عاماً) المقيمة في مخيمات سرمدا شمال إدلب من إصابة أحد أبنائها ببتر في إحدى قدميه، جراء إصابته بمخلفات الحرب أثناء وضعه لجسم غريب مصنوع من البلاستيك والمعدن في المدفأة، ما أدى إلى انفجارها واشتعال الخيمة.
وكان الطفل يجمع الخردوات لبيعها، ويحرق النفايات لبعث بعض الدفء في الخيمة الباردة، لكنه لم يكن يعلم أنه أحضر قنبلة معه إلى الخيمة تسببت في مأساة كبيرة له ولعائلته.
"الفقر يدفع الأطفال إلى جمع الخردوات من مكبات النفايات، من دون علم بما يمكن أن تضمه هذه النفايات من كوارث"، وتطالب الجهات المعنية بالعمل على تنظيف المنطقة عبر خبراء مختصين من تلك المخلفات، التي تتسبب في مقتل وإعاقة أطفال في مقتبل العمر، على حد وصفها.
من جانبه، قال المتطوع في الدفاع المدني السوري حميد قطيني لـ"العربي الجديد" إن مخلفات الحرب والذخائر غير المنفجرة يكون خطرها أكبر على الأطفال عادة، بسبب جهلهم بماهيتها والأشكال التي تكون عليها، موضحا "كلنا نعلم أن الأطفال ينجذبون للعب بكل ما يشاهدونه من دون وعيهم بمخاطر بعض هذه الأجسام الغريبة".
وأضاف قطيني أنه لا يمكن حصر أنواع المخلفات، ولا يمكن حصر النطاق المكاني الملوث بمخلفات الحرب، بسبب آلاف الغارات التي شنتها قوات النظام وروسيا على مدى أعوام طويلة حتى اليوم، وهي ليست فقط متعلقة بالقنابل العنقودية وحسب، وإنما أيضاً بالقذائف المدفعية والصواريخ التي ترميها قوات النظام، والتي قد لا تنفجر بشكل فوري وتحتفظ بقدرتها على الانفجار والقتل لسنوات طويلة تحمل فيها التهديد للمدنيين.
وأشار إلى أن الذخائر غير المنفجرة تلحق خسائر بشرية في الأرواح، وقد ينتج عنها حالات بتر في الأطراف أو تشوهات في الوجه والأطراف، وهو ما يولّد حالة ضغط نفسي على المصاب، ويؤثر بشكل كبير على حياته المجتمعية.
ونوه إلى الأضرار الأخرى التي يمكن أن تلحقها مادياً بالآليات والمركبات والمنازل التي تكون قريبة منها، في حال انفجارها بشكل مفاجئ.
وأوضح أن فرق الدفاع المدني السوري تعمل بشكل مستمر على توعية المدنيين بخطر هذه المخلفات وتعرّفهم على أشكالها وتحثهم على عدم الاقتراب من أي جسم غريب يشاهدونه، وضرورة الإبلاغ عنه فوراً لفرق الدفاع المدني ليتم التعامل معه، حيث تعمل الفرق المختصة في إزالة مخلفات الحرب على إجراء مسوحات مجتمعية للأماكن الملوثة ليتم التعامل مع أي خطر لهذه المخلفات.
وأكد أن فرق الدفاع المدني تتلف عشرات الذخائر غير المنفجرة بشكل أسبوعي، ومن بين هذه الذخائر القنابل العنقودية والصواريخ غير المنفجرة والقنابل اليدوية وقذائف المدفعية والهاون وحاضنات الصواريخ، التي تشكل خطرا على التربة ببقائها فيها لسنوات طويلة.
وتابع أن عمل الفرق يتضمن مشاركة التقارير الدورية لمخلفات الحرب مع الجهات الدولية العاملة في ذات السياق، لتوفير أكبر قدر ممكن من التنسيق المستمر للوصول إلى مجتمع آمن وخالٍ من مخلفات الحرب، والتخلص بشكل تدريجي من خطرها.