استمع إلى الملخص
- دراسة شملت ألف شخص أظهرت زيادة بنسبة 25% في استهلاك المواد المسببة للإدمان، مع ارتفاع تناول الحبوب المنومة والمسكنات بنسبة 180% و70% في نوفمبر وديسمبر 2023.
- يوني، شاب تأثر بالأحداث وزاد إدمانه على المخدرات، يخطط للالتحاق بمركز إعادة تأهيل قبل الخدمة العسكرية، بينما يستخدم جندي آخر المخدرات للنسيان.
ارتفع استهلاك المخدرات في إسرائيل وتزايد السلوك الإدماني بصورة حادة، بعد عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بحسب ما يفيد عاملون في مجال الصحة. ويوضح الطبيب المتخصص في الأمراض النفسية والعقلية شاؤول ليف-ران، مؤسس المركز الإسرائيلي للإدمان والصحة النفسية في نتانيا، لوكالة فرانس برس أنّه "في ردّة فعل طبيعية على الضغط النفسي، وبحثاً عن الراحة، نشهد ارتفاعاً كبيراً في تناول مختلف المواد المهدئة المسبّبة للإدمان، سواء أكانت أدوية عبر وصفة طبية، أو مخدرات غير مشروعة، أو مشروبات كحولية، وأحياناً في السلوك الإدماني من قبيل لعب الميسر".
وبهدف تأكيد ذلك، أجرى فريقه دراسة شملت نحو ألف شخص يمثّلون مختلف شرائح سكان إسرائيل، كشفت عن "صلة ما بين التعرّض غير المباشر لأحداث السابع من أكتوبر (عملية طوفان الاقصى) وارتفاع استهلاك المواد المسببة للإدمان" بنسبة 25% تقريباً. وبيّنت الدراسة أنّ واحداً من بين كلّ أربعة إسرائيليين زاد استهلاكه للمواد المسبّبة للإدمان، منذ ذلك الحين، علماً أنّ بيانات عام 2022 توضح أنّ واحداً فقط من بين كلّ سبعة إسرائيليين يعاني من اضطرابات مرتبطة بتعاطي المخدرات.
وعقب عملية "طوفان الأقصى"، ارتفع تناول الحبوب المنوّمة والمسكنات بنسبة 180% و70% على التوالي، وذلك في شهرَي نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 وديسمبر/ كانون الأول منه. وقال الطبيب المتخصّص في الأمراض النفسية والعقلية إنّ مرضاه طلبوا منه "شيئاً"، وبرّر عدد من هؤلاء ذلك بأنّ "ابني يقاتل في غزة. يجب أن أنام، وإلا لن أتمكّن من الذهاب إلى العمل".
يوني (اسم مستعار) استدعي من قبل جيش الاحتلال إلى الخدمة العسكرية، لكنّه أجّل التحاقه بها لأنّه كان على وشك البدء بالعلاج من أجل التخلص من إدمانه المخدرات الذي تزايد في الأشهر الأخيرة. يقول الشاب، البالغ من العمر 19 عاماً، "بدأت تعاطي المخدرات خلال أزمة كورونا، ومع الحرب ازداد الأمر سوءاً (...) إنّها وسيلة للهروب من الواقع". ويخبر يوني وكالة فرانس برس أنّه فقد صديقاً له في السابع من أكتوبر الماضي، وأنّه بهدف التغلّب على "الخوف" و"الملل"، صار يتردّد مع أصدقاء آخرين على حفلات موسيقى التكنو شبيهة بمهرجان "نوفا" الموسيقي الذي كان قد حضره آلاف الشبّان في منطقة غلاف غزة، وتزامنت عملية "طوفان الأقصى" مع تنظيمه.
ويشير يوني إلى أنّه راح يتناول من ضمن مجموعة "مخدّرات للترفيه عن النفس"، في الأشهر الأولى، مثل حبوب "إكستاسي"، وعقار "إم دي إم إيه"، وعقار "إل إس دي". ولأنّ الحصول على الأخير "سهل"، صار يوني يتعاطاه "في المنزل، وحدي". ويقرّ يوني: "أعرف أنّني مدمن، والآن أعلم أنّ عليّ التوجّه إلى مركز إعادة تأهيل للاعتناء بنفسي". ويتابع أنّه ينوي الالتحاق بالخدمة العسكرية بعد تلقيه العلاج، "لكي أثبت لنفسي ولعائلتي أنّني قادر على المساهمة في المجتمع".
من جهته، يشير ماتان، وهو جندي في قوات جيش الاحتلال المنتشرة في قطاع غزة، التقاه فريق وكالة فرانس برس في إحدى حانات القدس إلى أنّ "المخدرات تسمح لي بالنسيان". يضيف: "أعلم أنّها غير مجدية (الحرب) لكنّه يتوجّب علينا المشاركة فيها".
ويفيد الطبيب ليف-ران وكالة فرانس برس بأنّ استناداً إلى الدراسة "من الواضح بالفعل أنّنا على أعتاب وباء يظهر أنّ شرائح واسعة من السكان سوف تجنح إلى الاعتماد على مواد" مسبّبة للإدمان. في سياق متصل، حاولت وكالة فرانس برس متابعة مسألة تعاطي المخدرات بين الفلسطينيين ما بعد السابع من أكتوبر الماضي، لكنّ السلطة الفلسطينية أفادتها بعدم توفّر بيانات ذات صلة بالصحة النفسية وإدمان المخدرات بسبب نقص الموارد.
(فرانس برس، العربي الجديد)