طالب المتقاعدون في تونس بإيصال أصواتهم إلى دوائر القرار لتسريع تحسين وضعهم المعيشي، بعدما سبّبت الضغوط المعيشية انهيار القدرة الإنفاقية لنحو 1.2 مليون متقاعد، الأمر الذي ينعكس سلباً على قدرتهم على الحصول على رعاية صحية جيدة.
ونظمت الجامعة العامة للمتقاعدين وقفة احتجاجية بالعاصمة تونس، تعبيراً عن قلقها مما آلت إليه أوضاع المتقاعدين الذين يواجهون الفقر بعد عقود من العمل في وظائف مختلفة.
ويواصل المتقاعدون في تونس تحركاتهم الاحتجاجية، وهم يُعَدّون من أكثر الشرائح تضرراً جراء الغلاء وتراجع الخدمات العامة بسبب الرواتب القليلة التي يحصلون عليها، علماً أن 40 في المائة منهم لا تتجاوز رواتبهم الشهرية الحد الأدنى للأجور، وهو 158 دولاراً.
ويقول الكاتب العام للجامعة العامة للمتقاعدين، عبد القادر النصري: "المتقاعدون في تونس فئة فقيرة وتزداد فقراً من عام إلى آخر مع ارتفاع الأسعار وحاجة كبار السن إلى الخدمات الصحية التي باتت مكلفة جداً". ويؤكد في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "المتقاعدين يعودون إلى الشارع للاحتجاج نتيجة غياب الأفق في تحسين أوضاعهم، ولا سيما من يحصلون على رواتب دون الأجر الأدنى المضمون".
المتقاعدون في تونس… رواتب لا تكفي للخبز
يتابع قائلاً إن "فئة واسعة تقدَّر بنحو 40 في المائة من المتقاعدين يحصلون على رواتب قد لا تكفي لشراء الخبز"، مشيراً إلى أن "كبار السن يعانون أمراض الشيخوخة ويحتاجون إلى مصاريف علاج مكلفة، وما يتقاضونه يحرمهم حقوقاً أساسية، وأهمها الحق في العلاج". في هذا السياق، يوضح أن "المتقاعدين هم أيضاً أرباب أسر ويعيلون أبناءهم العاطلين من العمل، وحتى أحفادهم".
ورفع المحتجون شعارات من قبيل "الأسعار في تضخم والجرايات (الراتب التقاعدي) في تفحّم"، و"الجراية لا تكفينا والكنام (الصندوق الوطني للتأمين على المرض) لا تداوينا"، و"صرف جرايات المتقاعدين حق وليس مزيّة".
ويقول النصري: "لا يقتصر الوضع المالي الصعب على متقاعدي القطاع الخاص الذين يحصلون على جرايات ضعيفة، بل أيضاً على متقاعدي الوظيفة الحكومية، ما يجعلهم في حاجة للحصول على مساعدات منتظمة من أقاربهم أو البحث عن عمل لتوفير مصدر دخل إضافي".
وفقاً لبيانات رسمية كشف عنها مركز الإحصائيات الديمغرافية في معهد الإحصاء الحكومي تعود لعام 2021، يحتاج أكثر من 40 في المائة من المتقاعدين في تونس إلى مساعدات عائلية لتأمين نفقاتهم المعيشية بسبب وضعهم المالي الصعب. وغالباً ما يضطر هؤلاء إلى طلب مساعدات مالية من أبنائهم.
ويقدَّر معدل رواتب المتقاعدين من القطاع الحكومي 1200 دينار (387 دولاراً)، في حين لا يتجاوز في القطاع الخاص 850 ديناراً (274 دولاراً) بحسب بيانات رسمية لوزارة الشؤون الاجتماعية.
ويبلغ عدد المتقاعدين في تونس مليوناً ومائتي ألف متقاعد، تصرف رواتبهم من صندوقين، هما الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للمتقاعدين، الذي يصرف رواتب لـ 800 ألف متقاعد من القطاع الخاص، والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، الذي يوفر رواتب 380 ألف محال على المعاش من الوظائف الحكومية.
وبحسب دراسة لمركز الدراسات الاجتماعية التابع لاتحاد الشغل، يبلغ معدل مدة الانتفاع بالرواتب لدى التونسي 22 سنة، وارتفع متوسط العمر من 57.8 سنة عام 1976 إلى 75 سنة عام 2019.