اللجوء السوري في لبنان.. الخارجية تستدعي ممثل مفوضية اللاجئين

20 مايو 2024
لاجئون سوريون يستعدون لمغادرة لبنان، 14 مايو 2024 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- وزير الخارجية اللبناني، عبد الله بو حبيب، استدعى ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إيفو فرايسن، بسبب انتقاداته للتعامل اللبناني مع اللاجئين السوريين، مشيرًا إلى تداعيات إنسانية وتوترات مجتمعية.
- بو حبيب طالب بسحب الرسالة الموجهة لوزارة الداخلية والبلديات، مؤكدًا على ضرورة احترام القوانين اللبنانية ومذكرة التفاهم مع المديرية العامة للأمن العام، وحذر من إعادة النظر في التعامل مع المفوضية.
- المفوضية أكدت التزامها بالتعاون مع الحكومة اللبنانية ودعت إلى زيادة المساعدات لتخفيف الضغوط على لبنان، مع التأكيد على أن لبنان يسعى لتنظيم الوجود السوري ويعتبر نفسه بلد عبور محترمًا لمبادئ الأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني.

استدعى وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبد الله بو حبيب، اليوم الاثنين، ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان إيفو فرايسن، وذلك على خلفية انتقادات أممية بشأن التعاطي مع اللجوء السوري في لبنان الذي يُعَدّ أزمة. وكان فرايسن قد وجّه كتاباً إلى وزارة الداخلية والبلديات، انتقد فيه عمليات الإجلاء القسرية المفروضة على اللاجئين السوريين في لبنان والتدابير الإدارية التي تؤثّر على إقامتهم في كلّ أنحاء البلاد.

وأبلغ بو حبيب فرايسن بسبع نقاط "يجب التقيّد بها" و"عدم تجاوز حدود الاختصاص"، وإلا فإنّ وزارة الخارجية سوف تضطر إلى "إعادة النظر في تعاملها مع المفوضية، أسوة بما اتّخذته دول أخرى من إجراءات في حق المفوضية لدى قيامها بتجاوزات مماثلة".

وفي الكتاب الذي تناول اللجوء السوري في لبنان الذي وجّهه ممثّل مفوضية شؤون اللاجئين إلى وزير الداخلية والبلديات اللبناني بسام مولوي، يوم الجمعة الماضي، عبّر فرايسن عن "قلق إزاء عمليات الإجلاء القسرية في ظلّ الظروف الحالية، إذ سوف تكون لها بلا شكّ تداعيات إنسانية خطرة، ليس فقط على الأشخاص المتأثّرين بطريقة مباشرة إنّما على المجتمع الأوسع كذلك".

كذلك، بيّن فرايسن أنّ المفوضية قلقة من "مسألة الزيادة الكبيرة في عدد التدابير الإدارية التي تؤثّر على إقامة اللاجئين السوريين في كلّ أنحاء لبنان والتي أدّت إلى توتّرات مجتمعية في مناطق عديدة، في خلال الأسابيع القليلة الماضية". ولفت فرايسن إلى اعتماد "أكثر من 100 إجراء بلدي يستهدف اللاجئين السوريين" في لبنان في شهر إبريل/ نيسان الماضي، في حين أنّ المفوضية تلقّت في الأسبوعَين الماضيَين "1022 اتصالاً بشأن التحديات التي يواجهها اللاجئون السوريون" في البلاد، بحسب ما جاء في نصّ الكتاب الذي سُرِّب مضمونه عبر الإعلام.

وتضمّن الكتاب نفسه إشارة إلى "مخطط لإجلاء جميع اللاجئين" السوريين قسراً من منطقة الكورة شمالي لبنان، الأمر الذي من شأنه أن يؤثّر على ما بين ألفَي لاجئ وألفَين و500، وقد توقّف الكتاب عند الإجراءات الأخيرة التي يتّخذها محافظ الشمال رمزي نهرا بحقّ اللاجئين السوريين من "فرض القيود على التجمّعات، ومنع استخدام المركبات والدراجات النارية من دون رخص، وتطبيق منع التجوّل".

وفي بيان صادر اليوم الاثنين، أفاد وزير الخارجية اللبناني بأنّه استدعى ممثّل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان وأبلغه أوّلاً بـ"سحب الرسالة التي وجّهتها المفوضية إلى وزير الداخلية والبلديات، واعتبارها بحكم الملغاة"، إلى جانب "ضرورة احترام أصول التخاطب مع الوزارات والإدارات اللبنانية المختصّة، وعدم تجاوز الصلاحيات المنوطة قانوناً بوزارة الخارجية والمغتربين لجهة كونها الممرّ الإلزامي لكلّ مراسلات المفوضية وفقاً للاتفاقيات والمعاهدات والأعراف الدبلوماسية".

وأبلغ بو حبيب ممثل المفوضية الأممية في لبنان بـ"عدم التدخّل في الصلاحيات السيادية للبنان، والتزام القوانين اللبنانية لجميع المقيمين على الأراضي اللبنانية من أفراد ومنظمات، المتوافقة أصلاً مع كلّ التشريعات الدولية، والتزام مذكّرة التفاهم الموقّعة مع المديرية العامة للأمن العام لعام 2003 الصادرة في الجريدة الرسمية وتطبيقها نصّاً وروحاً".

وطالب بو حبيب، بحسب البيان نفسه، المفوضية بـ"تسليم داتا النازحين (اللاجئين) كاملة من دون إبطاء، في مهلة أقصاها نهاية الشهر الحالي (مايو/ أيار 2024)، إلى المديرية العامة للأمن العام، وفقاً لمذكرة التفاهم الموقّعة في الثامن من أغسطس/ آب 2023، مع وزارة الخارجية والمغتربين". وشدّد على أنّ "لبنان ليس بلد لجوء إنّما بلد عبور"، وعلى أنّه يحترم "روحية اتفاقية جنيف لعام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، على الرغم من أنّ لبنان ليس طرفاً موقّعاً على هذه الاتفاقية".

وأكد لبنان، بحسب بيان الخارجية، "تمسّكه بمبادئ الأمم المتحدة ومقاصدها كدولة مؤسسة لهذه المنظمة"، وشدّد على "رغبته في أفضل العلاقات مع الأمم المتحدة" والوكالات التابعة لها، و"احترامه كلّ المواثيق والأعراف القانونية، من بينها القانون الدولي الإنساني". من جهتها، اكتفت مصادر وزارة الداخلية والبلديات اللبنانية بالإشارة إلى أنّ "مولوي لن يردّ على رسالة المفوضية، والإجراءات الأمنية مستمرّة وفقاً للقوانين اللبنانية، وتشمل المقيمين غير الشرعيين".

وبعيد انتهاء الاجتماع الذي جمع ممثلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان إيفو فرايسن ووزير الخارجية والمغتربين اللبناني عبد الله بو حبيب بشأن تعاطي الوكالة الأممية مع اللجوء السوري في لبنان والأزمة الذي وُصف بأنّه "تعدّ"، أصدرت هذه الوكالة الأممية بياناً كشفت فيه أنّها سحبت الكتاب الذي كانت قد وجّهته إلى وزارة الداخلية والبلديات، وذلك بناءً على طلب بو حبيب. وأوضحت المفوضية أنّ "الكتاب الذي وُجّه إلى وزارة الداخلية والبلديات الأسبوع الماضي أُرسل وفقاً للإجراءات المتّبعة مع النظراء الحكوميين المعنيين، وبما يتماشى مع المسؤوليات المنوطة بالمفوضية عند بروز قضايا تتعلق بالفئات الضعيفة في لبنان، بما فيها اللاجئون".

أضافت مفوضية شؤون اللاجئين أنّها تواصل التزامها بصفتها "شريكاً داعماً وشفّافاً في لبنان. وعليه، سوف نواصل دعوتنا إلى زيادة المساعدات المقدَّمة إلى لبنان وتعبئة الموارد اللازمة لتلبية الاحتياجات الملحّة للفئات الأكثر ضعفاً". وشدّدت على "أهمية قيام المجتمع الدولي بإعطاء الأولوية للحلول الدائمة للاجئين من أجل المساعدة في تخفيف الضغوط على لبنان، بما في ذلك من خلال تهئية ظروف في سورية أكثر مؤاتية للعودة". كذلك جدّدت المفوضية التزامها بالتعاون بطريقة بنّاءة مع الحكومة اللبنانية.

اللجوء السوري في لبنان "غير شرعي"

ويتّخذ لبنان منذ فترة إجراءات وتدابير مكثّفة تحت عنوان "تنظيم الوجود السوري غير الشرعي"، بالتزامن مع استئنافه رحلات العودة الطوعية للاجئين إلى سورية، في حين أقرّ البرلمان اللبناني الأسبوع الماضي توصيات لـ"معالجة الأزمة وتداعياتها"، مع وضع مهلة لـ"إعادة الداخلين والمقيمين السوريين غير الشرعيين في لبنان إلى بلدهم في خلال مدّة أقصاها سنة".

وقد لاقت التدابير المتّخذة للتعامل مع اللجوء السوري في لبنان استنكاراً من قبل منظمات دولية عدّة، من بينها منظمة العفو الدولية التي أشارت إلى أنّ "لبنان اعتمد سلسلة من السياسات التقييدية المصمّمة للضغط على اللاجئين للعودة إلى سورية، بما فيها القيود على الإقامة والعمل والتنقّل، وهذه القيود تثير مخاوف بشأن قدرة اللاجئين على تقديم موافقتهم الحرّة والمستنيرة". أضافت منظمة العفو الدولية، في بيان، أنّ "السلطات اللبنانية، بتسهيلها عمليات العودة هذه، تتعمّد تعريض اللاجئين السوريين لخطر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان"، مشيرةً إلى أنّه "يتعيّن على لبنان احترام التزاماته بموجب القانون الدولي ووقف خططه لإعادة اللاجئين السوريين بشكل جماعي".

تجدر الإشارة إلى أنّ البرلمان اللبناني ناقش الموقف من الهبة الأوروبية التي أعلنت عنها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون درلاين، وذلك بعد الهجمة السياسية والشعبية التي رافقت الإعلان عن حزمة المليار يورو (نحو مليار و86 مليون دولار أميركي)، واضعةً إيّاها في إطار "الرشوة المالية لإبقاء اللاجئين السوريين في لبنان". وقد رأى كثيرون أنّ معالجة أزمة اللجوء السوري في لبنان لا تجري بهذا الأسلوب. وفي سياق متصل، أصدر البرلمان تسع توصيات ترتكز على قبول المساعدات مع تخصيصها للأجهزة الأمنية والعسكرية لضبط الحدود البرية، والتنسيق مع النظام السوري، وتشجيع الجهات المانحة على تقديم الحوافز المالية في داخل سورية. وفي تلك الجلسة البرلمانية، حُمّلت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمات الدولية مسؤولية ما آلت إليه الأزمة في لبنان، ومسؤولية تشجيع اللاجئين السوريين على البقاء على الأراضي اللبنانية وعرقلة عملية العودة.

المساهمون