وسط أزمة كورونا، يعاني الوافدون المقيمون في الكويت كثيراً بسبب عدم قدرتهم على مغادرة البلاد والعودة إليها، على الرغم من ظروف شخصية وعائلية تجبرهم على الالتحاق بعائلاتهم في بلدانهم، وذلك بسبب القيود المشدّدة التي فرضتها السلطات الكويتية على سفر المقيمين من وإلى الكويت. فهي منعت هؤلاء من السفر وكذلك من الدخول إلى البلاد في فترات متقطعة، آخرها ابتداءً من شهر فبراير/ شباط الماضي.
وعلى الرغم من أنّ السلطات الكويتية أعلنت أخيراً السماح للمقيمين الذين تلقوا لقاحاً مضاداً لكوفيد-19 معتمداً من قبلها وكذلك العالقين في الخارج الذين تلقّوا اللقاح، بدخول أراضيها والخروج منها ابتداءً من شهر أغسطس/ آب المقبل، غير أنّ المقيمين ما زالوا يتخوّفون من العمل مجدداً بقرار الإغلاق في ظلّ بدء انتشار المتحوّر الهندي في البلاد.
محمد الناطور، مواطن أردني مقيم في الكويت، اضطر إلى السفر إلى الإمارات للاطمئنان على صحة والدته المصابة بالسرطان، والتي تتلقى العلاج في أحد المستشفيات الإماراتية. لكنّه بسبب قرار السلطات الصحية منع غير الكويتيين من دخول البلاد، ما زال في الإمارات منذ خمسة أشهر، وهو اليوم ينتظر قرار السماح بدخول الوافدين مطلع أغسطس المقبل. ولا يخفي الناطور تعرّضه إلى ضرر كبير على الصعيدَين الوظيفي والأسري. ويقول "قررت الشركة التي أعمل فيها تخفيض راتبي بنسبة 50 في المائة بسبب عملي عن بُعد نتيجة عدم قدرتي على دخول الكويت، في حين أنّ أبنائي الذين يبلغ أكبرهم 11 عاماً يعانون مع والدتهم هناك. فالبلد ما زال غريباً عليهم". يضيف الناطور لـ"العربي الجديد": "أعيش ظروفاً صعبة جداً، فتكاليف الحياة في الإمارات باهظة في حين خسرت نصف راتبي، ولا أستطيع دفع الإيجار في الكويت ورسوم التعليم وبقية المصاريف اليومية للعائلة. أمّا أبنائي فيطالبون بعودتي يومياً ويبكون، إذ يظنّون أنّني في خطر أو أنّ مكروهاً حدث لي". ويتابع الناطور: "لو كانت هذه سياسة عامة للدولة لتفهّمت الأمر. لكنّه من المجحف أن تسمح الدولة للمواطنين بالسفر بكلّ حرية وإن كان ذلك بهدف السياحة، إذا تلقّوا اللقاح، فيما تمنع المقيمين الذين ولدوا وعاشوا على هذه الأرض من الأمر نفسه. أعلم أنّ الأمر مرفوض في الكويت لأنّ الصحف الكويتية نفسها تستغرب قرارات وزارة الصحة بل وتنتقدها كما ينتقدها الشعب الكويتي بشكل مستمر على وسائل التواصل الاجتماعي".
من جهته، أحمد شاكر مواطن سوري مقيم في الكويت، فيما يعيش أفراد عائلته في مدينة إسطنبول التركية. هو لم يجتمع بوالده ووالدته منذ أكثر من عام ونصف العام بسبب خوفه من عدم إدخاله الكويت من جديد في حال ذهابه إلى تركيا، وقد يؤدي ذلك بالتالي إلى إلغاء إقامته وحرمانه منها للأبد، كون الكويت حظرت منح إقامات جديدة وسمات دخول لعدد من الدول من بينها سورية قبل أعوام عدّة. يقول شاكر لـ"العربي الجديد" إنّ "كثيرين لا يعرفون ما يعانيه الوافدون. منذ شهر مارس/ آذار من عام 2020 عمدت السلطات الصحية إلى إغلاق المطار ومنعت الجميع من المغادرة أو الدخول، باستثناء الوافد الذي انتهت مدّة إقاماته وأراد الخروج بشكل نهائي من الكويت، أو المواطن العائد إلى البلد. لكنّها فتحت بعد ذلك بأشهر المطار للجميع، في غياب أيّ ضمانة بعودة المقيمين في حال خرجوا منها. وهو ما حدث مع كثيرين أرادوا الاجتماع بعائلاتهم، فعلقوا في بلدانهم الأصلية أو في بلدان أخرى".
وقد نظّم نشطاء كويتيون حملة على مواقع التواصل الاجتماعي طالبوا فيها السلطات الصحية بالسماح للوافدين المقيمين في الكويت حالياً بالسفر، والسماح للوافدين العالقين في الخارج الذين يملكون إقامات في الكويت بالعودة أو مغادرتها لارتباطات تتعلق بالأسرة أو العمل مع ضمان عودتهم إليها. ونشرت الحملة عشرات القصص لوافدين يتخوّفون من مغادرة البلاد وإلغاء إقاماتهم، على الرغم من حصولهم على جرعتَين من اللقاح المعتمد، وهذا هو الشرط الذي فرضته الحكومة الكويتية على المواطنين للسفر. وقد استجابت الحكومة الكويتية بإعلانها السماح بمغادرة الوافدين وعودتهم إلى الكويت بشكل طبيعي، ابتداءً من مطلع شهر أغسطس المقبل، شريطة تلقّيهم جرعتَين من اللقاحات المعتمدة.
في سياق متصل، تقول الناشطة في مجال حقوق الإنسان أبرار الشمري لـ"العربي الجديد"، إنّ "الدوافع خلف منع الوافدين المقيمين من السفر في الكويت عبر عدم تقديم ضمانات بعودتهم، ليست عنصرية على الإطلاق، فالسلطات الصحية ليست كذلك. لكنّ صوت هؤلاء غير مسموع تماماً في المجتمع، ومعاناتهم تكاد تغيب بحسب ما تظنّ السلطات نظراً إلى عدم وجود تمثيل لهم".