شهدت الكويت خلال العام الماضي جرائم مروعة ضد النساء ارتكبها أقربائهن أو معارفهن، على الرغم من وجود قانون للعنف الأسري أقر في أغسطس/ آب 2020. إلّا أنّ عدم تطبيقه أو غياب الحزم في تطبيقه، كما تقول ناشطات نسويات، أدى إلى زيادة معدلات الاعتداء على النساء في البلاد. وتوجه اتهامات لعناصر الشرطة والمحققين لمحاولتهم عدم تسجيل قضايا ضد الأهالي الذين يعتدون على بناتهم بحجة العادات والتقاليد والاكتفاء بتوقيع ولي الأمر على "تعهد" بعدم تكرار الحادثة.
وينص القانون الذي يتألف من 21 مادة على إنشاء لجنة تسمى "اللجنة الوطنية للحماية من العنف الأسري"، وتتبع المجلس الأعلى لشؤون الأسرة وتختص برسم السياسة العامة لحماية الأسرة وتقوية أواصرها ومواجهة كل ما يتعلق بالعنف الأسري، وإقرار الخطط التنفيذية لها ومتابعة تنفيذها، والتنسيق بين المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة بالعنف الأسري، بالإضافة إلى اعتماد برامج ومناهج التدريب لجميع العاملين والمعنيين بالعمل على تنفيذ هذا القانون.
وتنص المادة الخامسة من قانون العنف الأسري على إنشاء مراكز إيواء لضحايا العنف الأسري والتي تقدم المأوى لضحايا العنف الأسري والإرشاد الأسري والنفسي والاجتماعي والصحي وخدمات إعادة تأهيل المعتدى عليه والمعتدي بالتنسيق مع وزارة الصحة والمساعدة القانونية للمعتدى عليه عند الحاجة، بالإضافة إلى إنشاء خط ساخن لتلقي البلاغات والشكاوى عن حالات العنف الأسري وتوعية الرأي العام بمخاطر آثار العنف الأسري بالتنسيق مع الجهات الحكومية ذات الصلة.
وهزت البلاد قضية عثور السلطات الأمنية في الكويت على شابة محبوسة في بيت أهلها بعد طلاقها من زوجها مدة 9 سنوات، والعثور على هيكل عظمي لشابة أخرى حبستها والدتها لمدة خمس سنوات إلى أن توفيت، وسط مطالبات بإيجاد آليات تمكن المعنفات من قبل أسرهن من الشكوى للجهات المختصة من دون تدخل العائلات والقبائل التي تستفيد من نفوذ بعض أبنائها داخل أجهزة الدولة لمنع وصول هذه القضايا للقضاء.
ويوقع قانون العنف الأسري عقوبات على من يحاول إقناع المعتدى عليها بالتراجع عن شكواها "بالحبس مدة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن مائة دينار (نحو 330 دولارا) ولا تزيد على ألف دينار (نحو 3300 دولار) أو بإحدى هاتين العقوبتين ما لم ينص أي قانون آخر على عقوبة أشد". كما يعاقب القانون من يخالف أوامر الحماية بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاثة أشهر، وبغرامة لا تقل عن مائة دينار ولا تزيد على خمسمائة دينار (نحو 1560 دولاراً) أو بإحدى هاتين العقوبتين.
ورغم جدية النصوص القانونية، فإنّ منظمة "هيومان رايتس ووتش" تؤكد على لسان الباحثة روثنا بيغم، أنّ "القانون الجديد يتضمن ثغرات خطيرة؛ فبينما يعاقِب من يخالف أوامر الحماية، لا يؤطّر العقوبات على أنها نتيحة للعنف الأسري كجريمة بحد ذاته. كما لا يشمل الشركاء السابقين أو من أقاموا علاقات خارج الزواج، مثل المخطوبين أو من هم في زيجات غير رسمية".
وتقول أستاذة القانون والباحثة في مجال النوع الاجتماعي في جامعة "فوردهام" الأميركية إسراء العميري لـ "العربي الجديد": "صحيح أن القانون يتضمن بعض الثغرات، لكن الوجود بحد ذاته أمر جيد، ونحتاج إلى قانون كامل متكامل للحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي. ويجب أن يتضمن هذا القانون تفصيلاً لأنواع الاعتداءات مع الأخذ بعين الاعتبار طبيعة العلاقة التي تربط المعتدي بالضحية لما لها من أهمية بالغة".
وتؤكد العميري أنّ النصوص القانونية لا تكفي بالنسبة للمرأة، إذ ما زال الطريق طويلاً لتعديل بقية القوانين التي تتضمن تمييزاً ضد المرأة وتشريعاً للعنف بحقها إذ يمنح القانون سلطة تأديبية للرجل على المرأة وفقاً للمادة 29 من قانون الجزاء، الأمر الذي يتعارض مع قانون العنف الأسري.
من جهتها، تقول الناشطة النسوية شيخة العلي لـ "العربي الجديد": "قانون العنف الأسري يعد تطوراً كبيراً في النصوص القانونية التي تحمي المرأة الكويتية. لكن الحاجة الرئيسية بالنسبة للنساء تتمثل في آليات تطبيق هذا القانون، ومراقبة الأفراد الذين يطبقونه ويقومون بمحاباة بعض العائلات بحجة العادات والتقاليد وخداع الضحية بعدم تسجيلها قضية اعتداء عنف أسري والاكتفاء بأخذ تعهد من قبل ولي الأمر، وإعادة الضحية إلى المنزل، وغالباً ما ينتقم المعنفون من الضحية بعد ذلك".
وحتى اليوم، لم تطبق الحكومة الكويتية القانون بالكامل، وما زالت "اللجنة الوطنية للحماية من العنف الأسري" عالقة في البيروقراطية الحكومية، كما أنّ مراكز الإيواء غير عاملة أو جاهزة حتى الآن.
وتتهاون الحكومة في مواجهة العنف الأسري الذي ترتفع نسبته. وتجاوز عدد حالات العنف الأسري في الكويت ثلاثة آلاف حالة عام 2021، فيما بلغت نسبة التنازلات فيها بفعل ضغط المسؤولين عن تطبيق القانون 50 في المائة، وسط توقعات بأن يكون عدد الحالات أكبر بكثير نتيجة عدم التبليغ من قبل النساء اللواتي يخشين الدخول إلى مراكز الشرطة والمخافر بسبب العادات والتقاليد.