يولي أحمد المطيري (24 عاماً) أهمية كبيرة لحفل زواجه، لما له من دلالة كبيرة في العادات والتقاليد الكويتية، تشير إلى حظوة العائلة ومقدار علاقاتها ونفوذها وحجم ثروتها، بالإضافة إلى مدى قبولها في المجتمع. ويجري قياس أعداد الحضور في حفلات الزواج الذكورية في الكويت للدلالة على قوة القبيلة أو العائلة، لكنّ المعادلة تغيرت كثيراً مع فيروس كورونا الجديد، وقرار السلطات الصحية منع الحفلات والولائم وملاحقة كلّ من ينظمها، مع تسجيل عقوبات بحقه تصل إلى السجن لمدة ثلاثة أشهر.
وعدت السلطات الصحية في الكويت بالسماح بحفلات الزفاف في حال وصول اللقاح إلى البلاد، لكنّها تراجعت عن وعدها بعد وصول اللقاح، وقررت السماح بحفلات الزفاف بعد إتمام حملة التطعيم التي من المتوقع أن تنتهي في بداية عام 2022، بسبب البطء بإجراءات توزيع اللقاح وعزوف عدد كبير من المواطنين عن تلقيه.
يقول أحمد المطيري الذي ينتظر السماح بحفلات الزفاف لإقامة حفل زفافه لـ"العربي الجديد": "أنتظر منذ عام تقريباً، قرار السلطات الصحية السماح بحفلات الزفاف، إذ لا يعقل أن يسمح بالحفلات والتجمعات خصوصاً في الانتخابات وتجاهل القيود الصحية فيها، فيما تُمنع حفلات الزفاف حتى مع استعدادنا لتطبيق جميع القيود المطلوبة".
لكنّ كثيراً من الشبان الكويتيين المقبلين على الزواج تجاهلوا تعليمات السلطات الصحية المشددة حول عدم إقامة حفلات الزفاف، بل عقدوها في مخيمات خاصة وسط الصحراء، أو في منازلهم من دون إظهار الزينة الخارجية التي تترافق مع كلّ حفل زفاف تقليدي، مع الحذر في تصوير الحفل ونشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي كما هو معتاد في الأيام العادية. وفي هذا الإطار، يقول ندا العنزي (25 عاماً) إنّ حفل زفافه اقتصر "نظرياً" على أفراد العائلة كما هو موجود في الإعلان الذي نشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكنّ الحفل كان عاماً في الواقع. وعقد العنزي حفل زفافه وسط صحراء العبدلي التي تبعد عن مدينة الكويت أكثر من 100 كيلومتر. يعلق لـ"العربي الجديد": "كان لا بدّ لي من إقامة حفل زفافي، فأنا أكبر أبناء والدي وفي عاداتنا وتقاليدنا، فإنّ عدم الاحتفال بزفاف أكبر أبناء الأب نذير شؤم". ولم تخاطب السلطات الصحية أو الشرطة العنزي، رغم مشاركته مع أصدقائه ومعارفه، صوراًَ ومقاطع فيديو لحفل الزفاف على الإنترنت.
من جهته، يقول محمد نهير، وهو شاب أقام حفل زفافه في الصحراء نفسها لـ"العربي الجديد": "لا مهرب لنا من حفلات الزفاف، فقد كنت أمام خيارين؛ الأول تأجيل الزفاف وبالتالي ضياع سنة إضافية من حياتي وحياة زوجتي، والثاني عدم إقامة حفل زفاف والاقتصار على مراسم بسيطة وهو أمر يبدو معيباً في عرفنا وعاداتنا، لذلك لجأت إلى الصحراء". وعلى الرغم من أنّ حفلات الزفاف بدأت تعود بشكل اعتيادي في الصحراء وداخل البيوت، عوضاً عن صالات الأفراح وقاعات الفنادق، فإنّ الحضور ما زال قليلاً وفق ما يقول نهير لـ"العربي الجديد" وبالتالي، فإنّ التكاليف تبدو أقل بكثير مما لو كان حفل الزفاف في زمن ما قبل كورونا. ويعزو نهير ضعف الحضور إلى خوف كبار السن من التقاط العدوى، وفي حال تغيب كبار السن فإنّ كثيرين من أبنائهم سيتغيبون، مما يقلل من أعداد الحضور ويقلل الكلفة الاقتصادية لحفل الزفاف. وبلغ متوسط كلفة حفل الزفاف في الخيام وسط الصحراء 1500 دينار كويتي فقط (نحو 5000 دولار أميركي) فيما كانت كلفة حفلات الزفاف في الأيام العادية تبلغ أربعة أضعاف هذه الكلفة.
بدوره، أقام حسين العمر، حفلة زفاف في منزله، اقتصرت على العائلة وبعض الأصدقاء المقربين، بالإضافة إلى فرقة موسيقية شعبية أحيت حفل زفاف النساء كما هو متعارف عليه في الكويت، لكنّ أحد الجيران قرر إبلاغ السلطات الصحية بما يحدث في المنزل موجهاً الاتهام لهم بخرق القوانين والاشتراطات الصحية وتعريض سكان المنطقة التي يسكنون فيها للخطر. يقول العمر إنّ الشرطة جاءت واستفسرت منهم عن سبب التجمع ومدته وطالبتهم بفضّه مبكراً وعدم إصدار ضجة كبيرة. ويؤكد العمر ما حدث قائلاً لـ"العربي الجديد": "قلت للشرطي إنّ من العبث السماح بالانتخابات البرلمانية التي عقدت في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، والسماح لجماهير كرة القدم بحضور المباريات، وعدم السماح لعائلة بحضور حفل زفاف ابنها العائلي المقتصر على المعارف فقط". ويقول العمر إنّ الضابط تفهّم دعواه وطلب منهم عدم إثارة الضجة مؤكداً أنّ السلطات تساهلت مع حفلات الزفاف ورفضت تسجيل قضايا بحق من نظموها بعد الانتخابات البرلمانية.
في المقابل، رفضت وزارة الصحة الإجابة عن أسئلة "العربي الجديد" حول صحة تساهل الجهات المعنية مع حفلات الزفاف بعد الانتخابات البرلمانية، كما رفضت الإجابة عن السبب الذي دفعها لتأجيل السماح بحفلات الزفاف بشكل رسمي على الرغم من أنّها ربطته في البداية بوصول اللقاح، علماً أنّه وصل إلى الكويت في منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي.