منح التعديل الأخير على قوانين الرعاية السكنية في الكويت المرأة حق استخراج الوثيقة الخاصة بالمنزل بالمناصفة مع زوجها فور صدور وثيقة المنزل، ما يعني تقسيمه بين الشريكين
أقرّت اللجنة القانونية المكلفة تعديل مواد لائحة الرعاية السكنية في الكويت، تعديلات وصفت بأنّها تاريخية، إذ أدت إلى إعطاء المرأة الكويتية حقوقاً أكبر في برامج الرعاية السكنية التي تقدمها الحكومة للمواطنين. وتملك الكويت واحداً من أكبر برامج الرعاية السكنية في العالم، إذ يلزم القانون الكويتي الحكومة منح كلّ أسرة حق السكن، إما عبر توزيع البيوت الحكومية الجاهزة، أو عبر منح قطعة أرض وقرض تصل قيمته إلى 100 ألف دينار كويتي (330 ألف دولار أميركي). لكنّ المرأة الكويتية لطالما عانت من عدم اعتراف برامج الرعاية السكنية بكثير من حقوقها، وأبرزها حقها في مشاركة زوجها مباشرةً في وثيقة المنزل الذي تمنحه الحكومة له، وهو ما استدرك في التعديل الأخير من طريق جعل ملكية المنزل مشتركة بالمناصفة بين الرجل وزوجته.
في هذا الإطار، تعلّق المحامية المختصة بشؤون المرأة والناشطة الحقوقية، آلاء السعيدي، لـ"العربي الجديد"، قائلة: "هذا انتصار كبير للمرأة الكويتية، وضمان لمستقبلها المالي والسكني على حد سواء، وتشديد على أنّ حق الرعاية السكنية الذي يمنح للكويتيين لا يقتصر على الذكور فحسب، بل يشمل النساء". تؤكد السعيدي أنّها شاركت في اللجنة التي شكلت لتعديل مواد قانون الرعاية السكنية، وتقول: "كان لي شرف العمل في لجنة تعديل لوائح الرعاية السكنية التي حرصت على إعطاء الأسرة حقوقها وإنصاف المرأة في تعديل لائحة الرعاية السكنية. هذه التعديلات المتوافقة مع الدستور الكويتي لم تكن لتنجز لولا وزيرة الإسكان السابقة الدكتور رنا الفارس".
من جهتها، تقول سهيلة العميري، وهي ناشطة حقوقية مهتمة بقضية إسكان المرأة الكويتية، إن "قرار المناصفة المباشرة لبيت العمر بالنسبة إلى الكويتيين بين الزوج وزوجته قرار تاريخي ينهي كثيراً من المخاوف التي كانت تعيشها المرأة الكويتية لضمان حقها في منزلها". تشرح العميري المخاوف بالقول: "بسبب نظرة المجتمع الذكورية، فإنّ المرأة التي تطلب من زوجها تسجيل نصف البيت باسمها، كما هو القانون في الكويت، تعتبر متعدية على الأعراف والتقاليد، والزوج هو من يجب أن يطرح فكرة عرض نصف البيت على زوجته كما يجيز له القانون، لكن مع التعديلات الأخيرة فإنّ الزوجة باتت مُعفاة من الحرج الذي تسببه النظرة المجتمعية لها، وفور إيصال التيار الكهربائي إلى المنزل وتسلّم العائلة له، تصدر الوثيقة باسمها واسم زوجها معاً". لكنّها مع ذلك، ما زالت تتمنى أن تتوسع قوانين الرعاية السكنية لتشمل حق إعطاء الكويتية المتزوجة بغير كويتي منزلاً خاصاً بها أسوة بالرجل الكويتي المتزوج بغير كويتية.
بدورها، ترى الناشطة الحقوقية، شيخة العلي، أنّ ما حدث من انتصارات للمرأة الكويتية في مجال الرعاية السكنية سببه وجود امرأة على رأس وزارة الإسكان (استبدلت الفارس بعبد الله المعرفي، في حكومة 14 ديسمبر/ كانون الأول الماضي). تقول العلي: "كنا ندعو منذ سنوات طويلة إلى تمكين المرأة من المناصب العليا، وخصوصاً أنّ نسبة النساء فيها لا تتجاوز 15 في المائة لا غير، بينما تبلغ نسبة الكويتيات 50 في المائة من المواطنين". تضيف أن "وجود المرأة في هذه المناصب يعني أنها أكثر قدرة على تفهم مشكلات المرأة وأكثر سعياً لحلها من الذكور".
لكنّ الطريق ما زال طويلاً أمام المساواة الكاملة في الحقوق السكنية، وفق المحامي والخبير القانوني، سعد المطيري. يقول المطيري لـ"العربي الجديد" إنّ قانون الرعاية السكنية ولوائح السكن الحكومي في الكويت صممت لخدمة الرجل باعتباره ربّ الأسرة من دون اعتبار للمرأة. لذلك، إنّ مجلس الأمة بحاجة لتعديل القانون بالكامل ومساواة المرأة بالرجل في حق السكن. يضيف المطيري: "الفلسفة القانونية للمشرع الكويتي في قانون الرعاية السكنية نصت على أنّ رب الأسرة هو الرجل، وأنّ قوام الأسرة هو رب الأسرة. أما المرأة، فهي مجرد مكمّل له، لكنّ القانون صار في مأزق بسبب زواج الكويتيات بغير الكويتيين، فلجأت وزارة الإسكان إلى حلول ترقيعية عبر إعطاء منح ومميزات ضئيلة للمرأة الكويتية المتزوجة غير كويتي، لكنّها لم تعترف أبداً بحقها".
وتقول الناشطة عالية الدليمي، رئيسة لجنة حقوق الكويتيات المتزوجات بغير الكويتيين، لـ"العربي الجديد": "هناك تمييز صارخ في حق المرأة عندما يتعلق الأمر بالرعاية السكنية في الكويت، وكانت وزيرة الإسكان السابقة رنا الفارس أقرب وزيرة إلينا، فتمكنّا من شرح هذا التمييز بحقنا، وخصوصاً أنّه مخالف للمادة الـ 29 من الدستور، التي تنص على أن الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين". تضيف الدليمي أنه "في قوانين الرعاية السكنية، يمنح الذكر كلّ شيء، لكنّ الكويتية ليس لها سوى قرض إسكاني تبلغ قيمته 100 ألف دينار كويتي في حال طلاقها من زوجها غير الكويتي أو وفاته، أي عليّ أن أخرب زواجي حتى أحصل على هذا القرض الذي يضمن المأوى لأبنائي، وهو أمر غير مقبول". تختم: "ناشدنا نواب مجلس الأمة أكثر من مرة، لكنّهم للأسف مشغولون في معارك أخرى، وناشدنا الحكومة، لكنّها لا تعاملنا بجدية".